كارثة انفجار مرفأ بيروت؛ عكس الوضع العربي المتردي في أسوء صورة له أو أسوء درجة من درجات الرداءة التي وصل إليها النظام الرسمي العربي، ولبنان في مقدمة هذا النظام.. انفجار مرفأ بيروت كان اسوء ما تعرض له لبنان، البلد العربي الجميل. حتى ان الاخبار والصور التي تناقلتها تلك الاخبار، توضح ان المرفأ دمر بالكامل، والأدهى ان نصف بيروت قد لحق بها الدمار الكامل، وبات أكثر من 300 آلف عائلة بلا مأوى. الانفجار وحجم الدمار الذي خلفه يعادل ما تعرضت له هيروشيما التي قصفها الامريكيون بالقنبلة النووية في نهاية الحرب العالمية الثانية. 137قتيل وخمسة آلاف جريح. الحجم الهائل من الدمار الذي خلفة الانفجار دعا الضمير الانساني والاسلامي والعربي الى مساندة الشعب اللبناني والوقوف الى جانبه في هذه المحنة. هناك من احال الانفجار الى الكيان الاسرائيلي، واخرون الى سوء الادارة والاهمال، واخرون وبنية مبيته وقصدية؛ حملوا حزب الله المسؤولية. نترات الامونيوم لا تنفجر لذاتها، حسب خبراء هذا المجال.هنا، يظهر لنا وبوضوح؛ من له المصلحة في تفجير الوضع في لبنان عن طريق هذا الفعل الاجرامي، وفي هذا الظرف الاقتصادي والسياسي الذي يتعرض له لبنان ومنذ اشهر، لغرض تغيير المشهد السياسي والعسكري فيه، والأخير نقصد به مقاومة المشروع الاسرائيلي، عن طرق الضغط الاقتصادي. ليس بريئا؛ ان تشترط الولايات المتحدة؛ اجراء اصلاحات ، لتقديم المساعدة الى لبنان، وليس بريئا؛ ان يشترط صندوق النقد الدولي هو الاخر، اجراء اصلاحات وهي اصلاحات سياسية بالدرجة الاولى، تؤطر بإصلاحات اقتصادية لتمرير والتغطية والتمويه، قبل تقديم قرض له. هذا الضغط اوصل لبنان الى ما وصل إليه، ومن ثم حدث الانفجار في مرفأ بيروت ليكمل أو لينتهي من اعداد الطبخة. أذا، ان هناك من خطط ونفذ الجريمة، سواء الكيان الاسرائيلي أو اصابع نفذت بالإنابة عنه. مع ذلك، من الضروري عدم الانجرار وراء الهدف الذي من اجله تم تنفيذ الجريمة البشعة هذه، وهو الاقتتال الاهلي، بل المهم في هذا الظرف الحرج، هو رص الصفوف وتفويت الفرصة على من يلعب بمشاعر الناس؛ باستغلال نتائج جريمته. الرئيس الفرنسي الذي زار بيروت لساعات، وتجول في المرفأ المدمر والمنطقة المحيطة به، ألتقى مع المواطنين في المنطقة التي تجول فيها. ان متابعة فديو جولة الرئيس الفرنسي، التي بثتها محطات التلفزة العربية؛ يلاحظ بوضوح انه تصرف وكأنه الرئيس الذي يتفقد ما ألحق من دمار في عاصمة بلده. الامر والادهى هو هتاف اللبنانيون وهم يستقبلون الرئيس الفرنسي؛ من قبيل تحيا فرنسا، و ثورة.. ثورة.. ساعدونا. الرئيس الفرنسي وفي خطاب له، انهى فيه زياراته الى بيروت والتي استمرت لساعات؛ حدد شروط تقديم المساعدة الى لبنان،( عن طريق صندوق النقد الدولي، وعقد مؤتمر دولي لدعم لبنان.. وعون اوربي..) والتي كانت من ابرزها، هو ان يتم تغيير الوضع السياسي في لبنان، بصياغة وضع سياسي جديد. وتحقيق دولي في الذي جرى في مرفأ بيروت من جريمة هزت الوجدان الانساني والعربي والاسلامي. ان سوء الادارة والاقطاعيات السياسية التي سيطرت وطوال قرن من الزمان على مقدرات لبنان، هي بالدرجة الاساس، التي دفعت اللبنانيون بالهتاف لفرنسا والرئيس الفرنسي. ان المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب والمسؤوليات، التي انتجها الدستور الذي كتبه الفرنسيون في حينه؛ هي من انتجت سوء الادارة، والفشل في تنمية الموارد اللبنانية، وافقار الشعب اللبناني. الرئيس الفرنسي، يحدد كشرط لمساعدة لبنان في التغلب على ما يمر ومر به، هو صياغة نظام سياسي جديد، السؤال هنا؛ هل يتم كتابة دستور جديد او تعديل الدستور الحالي، كي يكون دستور جامع وموحد لا مفرق، هذا امر بعيد الاحتمال جدا ان نقل امر مستحيل حتى هو ( الرئيس الفرنسي ليس في تفكيره هذا الامر ابدا..). انه يقصد بنظام سياسي جديد، هو نظام سياسي في اطار الدستور الحالي اي محاصصة طائفية، لكنه نظام يتم فيه ابعاد الخطاب المقاوم والممانع، بإنتاج حكومة وبرلمان يتسق تماما ما مطلوب من لبنان، امريكيا وفرنسيا، وعربيا( دول الخليج العربي) واسرائيليا. ان تصريحات الرئيس الفرنسي، تدخل سافر في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، مهما كانت الحجج والدوافع التي يتم او تم سوقها للرأي العام اللبناني او العربي او الدولي. ان ما يحدث في لبنان في الوقت الحاضر، لم يكن قد حدث للمرة الاولى فقد حدث ما يوازيه ويتشابه معه في النتائج والاطار وقاعدة الانطلاق، في الخمسينيات وفي بداية النصف الثاني من السبعينيات من القرن المنصرم. عليه، فليس من الموضوعية وما تفرضه حقائق الواقع ومخرجات هذا الواقع، ان المقاومة هي السبب في الذي يجري في لبنان في القوت الحاضر بل ان العكس هو الصحيح، لأن المقاومة من مصلحتها ان يكون لبنان حر وقوي وموحد، وليس التشظي وتفتيت النسيج المجتمعي اللبناني، وتوزع المواقف السياسية، من مصلحتها؛ لأنه يخلق لها الكثير من المطبات، والمعرقلات، والمشاكل، التي بمجموعها تثير حول مواقفها الكثير من حزم الضباب الذي يساهم مساهمة فعالة في تشويه سمعتها والتعمية على مواقفها. أن التشظي وتوزيع المواقف السياسية، والضعف سواء السياسي او العسكري او الأمني او الاقتصادي، من مصلحة الكيان الاسرائيلي، وعرابو هذا الكيان، لأنه يفتح الباب واسعا للتدخل في الشأن الداخلي اللبناني، واعادة صياغة المشهد السياسي في لبنان لصالح هذا الكيان المسخ. أن دعوة الرئيس الفرنسي للبنانيين في انتاج نظام سياسي جديد في لبنان، تنحصر في هذا الاطار ولا اطار غيره مهما كانت الحجج والدوافع، تظل هدفها مقصود، لإعادة تغير قواعد اللعبة السياسية والامنية والعسكرية والاقتصادية، بما يؤدي الى اخراج لبنان من دائرة صراع الامة العربية مع اعداءها. هذه اللعبة التي يريد الرئيس الفرنسي ان يلعبها؛ تنطوي على مخاطر كبيرة جدا، تهدد السلم الاهلي في لبنان. كما ان الدعوة الى تحقيق دولي في انفجار مرفأ بيروت، ما هو الا طريق لتدخل دولي اكبر او تدويل ما يجري في لبنان، وبالتالي مصادرة القرار اللبناني السيادي، بأصابع وعقول امريكية واسرائيلية، ومن خلفهم، وفي الظل غير المرئي، وخارج المشهد وفي قلبه في آن واحد. في ذات السياق، نعتقد ان اللبنانيين قادرون على الخروج من هذا المطب الخطير والذي أعُد لهم في الغرف المظلمة، وبعقول كل خلية فيه، تكتنز كم هائل من الاجرام، أجرام الامبريالية المتوحشة وربيبتها، اسرائيل، اسنان الديناصور الامريكي. ان ما جرى ويجري في لبنان، هو محطة من عدة محطات، جرت والى الآن تجري في بقية دول المنطقة العربية، ليبيا، العراق، اليمن، سوريا، وأن اختلفت في درجة كارثيتها وحجم دمارها، لإعادة رسم الخارطة السياسية لهذه الدول، لضمان الامن المستدام للكيان الاسرائيلي.. وهنا، من المهم والمهم جدا، التأكيد؛ أن ما جرى ويجري الى الآن تتحمل أنظمة الفساد، الوزر الكبير والكبير جدا، مما جرى ويجري في هذه الدول وشعوبها..