تتجه انظار العالم اليوم الى مدينة بون الالمانية، حيث المؤتمر السنوي للمناخ COP23 الذي ترعاه الامم المتحدة، وكانت انطلاقة المؤتمر بحضور ممثلي 196 دولة للتفاوض بشأن آليات تطبيق اتفاقية باريس الشهيرة، وستستمر اعمال المؤتمر من (6 الى 17 تشرين الثاني)، ويتوقع لهذا المؤتمر ان يكون بمثابة مؤتمر عمل لوضع لمسات مهمة لتنفيذ اتفاقية باريس لحماية المناخ.
وتتوقع الحكومة الالمانية ان مؤتمر بون للمناخ “سيكون اهم مؤتمر لسياسة المناخ الدولية بعد مؤتمر باريس”، وقال وكيل وزارة البيئة الالمانية يوخن فلاسبارت في تصريح سابق “ان اعلان الولايات المتحدة الامريكية انسحابها من اتفاقية باريس سيمنح اهمية اضافية لمؤتمر المناخ الذي تستضيفه مدينة بون وتتولى رئاسته جمهورية فيجي، وقال فلاسبارت ان اهم سؤال في مؤتمر بون سيدور حول امكانية الاحتفاظ بروح التفاؤل التي سادت في مؤتمر باريس تزامنا مع اعلان الولايات المتحدة انسحابها من افاقية باريس.
ومن الجدير بالذكر ان جمهورية المانيا (المستضيف التقني للمؤتمر) قد انفقت ما يقارب من 120 مليون يورو على الامور اللوجستية والتنظيمية وسط اجراءات امنية مكثفة وعناية قصوى بأمن المؤتمرين والصحفيين والمراقبين الدوليين واعضاء منظمات المجتمع المدني ويبلغ العدد الاجمالي للحضور اكثر من 25 الف شخص.
من جهة اخرى فقد شهدت مدينة بون في يوم السبت الموافق 4\11\2017 خروج الاف المتظاهرين في مظاهرة سلمية مطالبين فيها الحكومات الدولية بتكثيف الجهود لإيقاف تغير المناخ بدءا بالتخلص من محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم، وارتدى المتظاهرون اللون الاحمر تعبيرا عن حملة ” اوقفوا الفحم”، وقرعوا الطبول اثناء مسيرتهم في وسط مدينة بون متجهين الى مركز الامم المتحدة الذي يستضيف المحادثات التي تستغرق 12 يوما من المحادثات التي تشارك فيها 196 دولة لوضع الخطط اللازمة لتطبيق اتفاقية باريس.
إن جمهورية فيجي التي ترأست مؤتمر المفاوضات 23 هي من الدول المهددة بالغرق نتيجة للتغيرات المناخية لكنها ليست الوحيدة، فتشاركها في هذا الخطر العديد من الدول الجزرية والدول الفقيرة، وهذا الامر يعد اشكالية حقيقة امام المؤتمرين خصوصا في مجال التكيف والتمويل فالدول الاقل تلوثا هي الاكثر عرضة لتأثيرات التغيرات المناخية وهي العاجزة تماما عن التكيف مع الظواهر المناخية المتطرفة وليست لها القدرة على التحول الى الطاقات المتجددة ولا تملك التقنيات الحديثة التي تمكنها من التحول، ولهذا السبب كسبت اتفاقية باريس الاهمية الكبيرة لما الزمت به دول العالم من الحد من انبعاثات الكربون لتخفيف درجة الحرارة الى ما دون درجتين مئويتين وكذلك ضرورة الالتزام بتمويل الدول الفقيرة والنامية لمحاربة تغير المناخ والقدرة على التكيف والتحول الى الطاقات المتجددة.
في الوقت الذي ينبغي على العالم اجمع التخفيف من انبعاثات الكربون والتحول الى الطاقات المتجددة، نجد اليوم دولا كالصين والهند وفيتنام واندونيسيا وتركيا تخطط لبناء معامل فحم بقدرة 850 غيغا واط، ومن الجدير بالذكر ان اجمالي معامل الفحم حول العالم يبلغ تعدادها 7000 معملا تقريبا، يعني انها تضخ في الجو ما يعادل خمس سنوات من انبعاثات غاز ثاني اوكسيد الكربون بحسب تقرير لوكالة الامم المتحدة البيئية الذي صدر قبل 10 ايام.
صحيح ان اتفاقية باريس قد الزمت العالم بالحد من ارتفاع درجة الحرارة الى ما دون درجتين مئويتين وحتى اقل من 1.5 درجة مئوية اذا ما بالغنا في الطموح، لكن الاهم هو الأليات والتدابير الدولية التي ستعمل على تحقيق ذلك الهدف، ويرى مراقبون بيئيون ان المساعي الدولية لتطبيق اتفاقية باريس لاتزال هامشية وان الخطى لاتزال بطيئة في ظل احداث مناخية متسارعة وذات قدرات تدميرية كبيرة وغير معهودة عصفت في بعض مناطق العالم كالأعاصير المدمرة التي ضربت بعض دول الكاريبي مؤخرا، ومن المؤمل ان يأخذ مجرى المفاوضات الدولية في بون زخما اكبر لوضع النقاط على الحروف فيما يتعلق في ابعاد شبح الاخطار التي ستلحق بكل المخلوقات على كوكب الارض ولتحقيق آمال وتطلعات شعوب الدول الفقيرة والجزرية التي ستطالها كوارث التغيرات المناخية وللمحافظة على مستقبل الحياة على كوكب الارض.