انشطار الاحزاب وتكاثرها في العراق امر طبيعي ضمن اطار التعددية الحزبية المنفلتة وضمن فلسفة التوسع في الحصول على المكاسب المادية والمعنوية والسيطرة على مقدرات الشعب المغلوب على امره والمنقسم على نفسه والجبار في صناعة رموزه.
وقد شهدنا خلا السنوات العشر الاخيرة انشطارا وتكاثرا في الاحزاب والتيارات الاسلامية وغير الاسلامية، يفوق تكاثر الكلاب، دون ان يكون لهذا التكاثر اثر ايجابي على حياة ومستقبل المواطن سوى زيادة التخمة والفساد لدى هذه الاحزاب والتيارات بكل مسمياتها.
وجرت العادة في الانشطار ان يبقى المسمى العام تحت عنوانه ويخرج من تحت عباءته من تمرد على ادائه او اختلف معه على تقاسم المكاسب والكعكة وارث الشعب المرحوم، اي ان يخرج الفرع ويبقى الاصل، لكن الاستثناء والاستثناء امر وارد هو ان ينفصل الاب ويتمرد على تاريخه وارثه ودمائه وتضحياته ،مخلفا وراءه جملة من التساؤلات وكثير من الحيرة عن سبب ومغزى هذا الانفصال.
ولأننا لازلنا نتحدث عن السياسة والمكاسب والغايات فلا غرابة ان يخرج المسمى العام ويغير لونه وجلده وجلبابه ويرتدي جلباب القدرة والتمكن في احداث التغير الذي عجز عن ايجاده طوال فترة تواجده البائسة كاب او راع للحكومة او التحالف العاجز.
ان الطموح والرغبة في الوصول الى الهدف امر طبيعي اذا كانت مبنية على اسس صحيحة ومنطقية ولم تأت من خلال حرق المحطات والتخلي عن القيم والثوابت والارتماء في حضن الجوار الاقليمي و العربي والدولي وتلميع الصورة والتنكر لتضحيات الرجال ودماء الابطال والاعتماد على المنفلتين والقاصرين والمراهقين.
ان الانشطار ليس سيئا في كل احواله لكنه يكون الاسوء اذا تمسك اصحابه بمنهج الصلحاء والمخلصين والممكنين(نسبة الى تمكين الشباب) وقد ظهرت عيوبه للناس ولم يعد للصورة واللون التي تزيا بها اي قيمة اعتبارية في كافة الاوساط السياسية والجماهيرية.
لن تتوقف الاحزاب والتيارات الاسلامية وغير الاسلامية (وان كانت كل احزابنا اسلامية) عن التكاثر لأنها لن تخسر شيئا في تكاثرها طالما ان الخاسر الوحيد هو الشعب العراقي المنتش بهذا التكاثر الغير شرعي .