ـ منذ أوائل العام 1970 كنتُ أنا (هادي حسن عليوي) رئيساً لمؤسسة الثقافة العمالية في محافظة نينوى.
ـ مدير مكتبي (فارس داود رحيم).. موظف ذكي جداً.. لا ينسى أبدأً.. نزيه.. مخلص في عمله.. لم يتأخر يوماً واحداً عن دوامه.
ـ دخلً عليً في أحد الأيام.. وظلً واقفاً ومرتبكاً… نظرتُ إليه وابتسمتُ.
ـ فهمتُ عنده شغله خاصة به.. لا تخص العمل ومحرج.. قلتُ له: فارس قل ماذا تريد مباشرةً؟.
ـ قال: أستاذ أختي تريد تتعين معلمة محو أمية في المؤسسة.. حتى تأتي معي وترجع معي.. طبعاً فارس يسكن في احد أقضية الموصل.
ـ المهم اطلعتُ على اضبارتها.. فكل شروط التعين مستوفية.. وتعينها من صلاحيتي.
ـ قلتُ له: غداً لتأتي معاك أختكً.. لمقابلتها وأتأكد من إمكانياتها وصلاحية تعينها.
ـ في اليوم التالي وبعد مقابلة قصيرة مع أخته.. ثبت إنها كاملة الصلاحية الصحية والعقلية.
ـ قلتُ لفارس أطبع أمر تعينها وتنسيبها الى صف محو الأمية في معمل الكوكا كولا.
ـ فهذا المعمل يقع في حي الشفاء في الجانب الأيمن من الموصل.. ولا يبعد عن مؤسساتنا سوى ثلاث دقائق مشياً.. حتى تأتي وتذهب مع أخيها.. كما طلبً.
ـ باشرت (مي) العمل في اليوم الثاني.. وكانت كأخيها مخلصة بالعمل.. وكأنما تربوية بخبرة طويلة.. وأحبها جميع الطلبة.
لا نعرف الطائفية والعنصرية البتة:
ـ بعد مدة قابلتني (مي) وقالت: أستاذ غد وبعد غد عطلة عندي.. كيف الدوام في الصف.
ـ نظرتُ إليها.. وفكرت إنها ترغب بإجازة.. فلا توجد عطلة لا غد ولا بعد غد.. قلتُ لها قدمي طلب إجازة.
ـ وسوف نوافق.. وننسب معلمة بدلاً عنكِ لهذين اليومين.. خرجت ولم تقل شيئاً.
ـ دقائق ودخلً عليً مدير الإدارة ينبئني بأن فارس وأخته مسيحيين.. وغداً عيدهم.
ـ ضحكتُ.. وضحكً مدير الإدارة.. وقال أستاذ أني هَمْ ما أعرف هسه عرفت من (مي).
ـ عراقيو اليوم.. افتهمتم ليش العراق كان متقدماً وشعبه مثقفاً.. وتعليمه بمستوى عالِ.
ـ لأنه بلد نظيف.. وموظفيه مخلصون.. ومسؤوليه بمستوى المسؤولية.. لا رشوة.
ـ لا طائفية.. لا مزدوجي الجنسية.. لا عملاء لدول الجوار.. والعراق في حدقات عيونهم.
ـ عراقيون.. متى وصلتم لهذا المستوى.. وهذا السلوك الراقي.. وتركتم هذا شيعي.. وهذا سني.. وهذا ………. وهذا.
ـ وكنتم أحراراً في تفكيركم.. والعراق وطن الجميع.. ولا تقبلوا الرشوة.. ولا التزوير.. ولا تخلقوا لأنفسكم.. أصناماً.. هي لا تستحق حتى العيش.
انتفاضة أكتوبر.. قبرٌ للطائفية:
منذ العام 2003 حتى اليوم.. جاء لنا الاحتلال الأمريكي.. بمرتزقته.. وأقام جهلته وذيوله.. نظاماً طائفياً مقيتاً قائماً على المحاصصة.. وليدخلنا في دوامة الحرب الطائفية.. إلا إن العراقيون كانوا أقوى من الطائفية والعنصرية والتجهيل.. وأوقفوا الحرب الطائفية.
وقامت انتفاضة أكتوبر 2019.. وشباب أكتوبر المنتفضون في ساحة الوغى.. انتفضوا لإزالة الغبار عن العراقيين.. ولن يتوقفوا إلا بإسقاط نظام الجهلة والطائفية والعنصرية المقيتة.. وإعادة الألق للعراق.
ـ وهاهم زملاء الشهيد الطالب عمر.. يهتفون: (عمر مات وظل ينادي … حرة حرة تظل بلادي).
ـ سيعيد العراقيون الحياة لأنفسهم ولأجيالهم.. والتقدم لعراقهم.. والعالم يحسدوكم.. وينحني احتراماً لكم.. فلا طائفية بعد.. ولا جهلة.. ولا سراق.. ولا مزورين أبدا.