23 ديسمبر، 2024 11:05 ص

انتصارات “داعش” المؤقتة والانجرار وراء فتاوى الحروب الطائفية !!!

انتصارات “داعش” المؤقتة والانجرار وراء فتاوى الحروب الطائفية !!!

أن المعطيات الميدانية تشير إلى أن الإرهاب العراقي يمكن التحكم فيه, وهو ذو أهداف سياسية موضعية بحتة, ترتبط بشكل خاص بالبيئة السياسية العراقية الحاضنة له, رغم التمويل والإسناد من دول الجوار أو من دعم ومؤازرة تنظيم القاعدة الدولي, وان دليل ارتباطه وثيقا بالبيئة العراقية هو فترات المد والجزر في العمليات الإرهابية, والتي تكاد تختفي كليا في بعض مناطق العراق, والتي ارتبطت أساسا بطبيعة الصفقات السياسية في تداول الحكم في العراق, والتي أخذت هي الأخرى طابع الشد والاسترخاء, والتي كادت تصل إلى حد المطابقة مع العمليات الإرهابية في علاقة ارتباطيه عكسية فحواها : “كلما حصل الانفراج السياسي ضعفت العمليات الإرهابية وبالعكس”, أي بمعنى آخر أكثر وضوحا أن للعملية السياسية الديمقراطية في العراق ذيول ترتبط مع المنظمات الإرهابية ذات الطابع العراقي البحت ” وهي من مفارقات الديمقراطية العراقية “, وهو مخالف بالتأكيد لأعراف تنظيم القاعدة الدولي الذي لا يعرف الصفقات السياسية والمساومات أو التحالفات المؤقتة مع المخالف الديني أو السياسي بفعل ارتباطه بأهداف لاهوتية كونية تأخذ من تكفير الأخر الديني والطائفي والمذهبي والسياسي هدفا تدميري لها باختلاف خصوصية المكان وتفاعلات السياسة هنا وهناك !!!.

لقد انتصرت داعش مؤقتا على خلفية احتقان عصي في العملية السياسية وتوقيت معروف للعقلاء من مواطني العراق وسياسيه الحريصين على استقراء الأحداث الجارية, وابرز هذه الاحتقانات هو الصعوبات الجدية في تشكيل الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في ابريل من هذا العام, والصراعات الاثنو سياسية طائفية حول عدم جدوى بقاء المالكي لولاية ثالثة والإصرار على إزاحته من المشهد السياسي والحكومي بصورة عامة وبأي ثمن حتى وان كان ذلك خلافا للدستور, مما شكلت هذه الصراعات مصدرا خطيرا في الفراغ السياسي الحالي وبيئة مواتية لانتعاش الإرهاب متوجا بنسخته الداعشية !!!.

لقد شكلت داعش في بعض من تجلياتها المظهر المسلح الصارخ لرفض نتائج الانتخابات البرلمانية, بل والعملية السياسية بكاملها, وهو خطر يكاد يكون الأكثر وقعا منذ سقوط النظام الدكتاتوري 2003, إلا انه خطر مزعوم في بعض من جوانبه وقدراته الميدانية, رغم ما تظهره من مقدرة شكلية للتوسع. والأخطر في داعش هو ما تفرزه من اندفاعات سياسية ودينية صوب مزيدا من التعقيد في محاولة لها لتحويلها إلى حرب طائفية من خلال جر المرجعيات الشيعية وراء هذا الخيار المدمر الذي تنتظره داعش !!!.

لا يمكن لتنظيم إرهابي لا يتجاوز أنصاره في أحسن الأحوال من 2000 إرهابي وفيه من غير العراقيين أن يقف بوجه الدولة ويهدد مركز الحكم في بغداد ويهددها بالانهيار لولا التواطؤ والخذلان والوقوف موقف المتفرج من الكثير من الأطراف السياسية على الأحداث الجارية أو الداعم لداعش في السر والخفاء بانتظار مكاسب ضيقة لا تساوي صفرا في قيمتها أمام مصلحة الوطن والعملية السياسية ” على علاتها “. ويعرف الجميع أن الدستور أعطى فرصا للجميع رغم مثالبه وشكل حدودا معقولة قبل بها الجميع بعيدا عن المزاج السوداوي المؤذي الذي يريد تفصيل الأمور كما تنبغي له مصلحته الأنانية المدمرة. أما تغليب ذلك على المصلحة الوطنية فهو خط أحمر ويستدعي محاسبة من يخل بشرف الانتماء للوطن واستباحة أرضه من الغرباء والعملاء والمقصرين, بما فيهم رأس الدولة المالكي !!!!.

كان فشل مجلس النواب في جلسته المنعقدة في 12ـ 06 ـ 2014 في تفويض المالكي في إعلان حالة الطوارئ في البلاد ليست فقط تعبيرا عن عدم رضاهم لأدائه في الفترة المنصرمة بل يعكس في فحواه عناد سياسي غبي مع شخصه زائدا أجندة داعمة لداعش في ظروف المحنة الوطنية, فالوطن ارفع من الخلافات مع المالكي الآن في لحظات الحاجة إلى وحدة الموقف السياسي جراء الإخطار التي تهدده !!!.

إن تدخل المرجعية الدينية الخطير الآن والمخالف للدستور في إعلان الجهاد الديني والطائفي الشيعي تحديدا دون العودة إلى العقلاء والنزهاء من الطائفة السنية هو نذير شئنا أم أبينا إلى تحويل الخلافات السياسية المستعصية تحت قبة البرلمان إلى حرب طائفية سيحترق فيها الجميع, وهي فرصة ذهبية أخرى لتدخل دول الجوار في حماية أنصار طوائفها واعتقد هذا ما تطمح إليه داعش, وسوف تحترق البلاد في آتون حرب أهلية لا تنتهي أبدا !!!!.

أن حمل السلاح ضد العملية الديمقراطية أو دعم حاملي السلاح والتواطؤ معهم, أو إعلان الجهاد الطائفي, أو اتخاذ المواقف الانتهازية بهدف الحصول على مكاسب رخيصة آنية هو تقويض للنظام السياسي الناشئ على طريق إنهائه والعودة إلى المربع الأول وثقافة الانقلابات المسلحة والعسكرية, وسيخسر الجميع بكل مذاهبهم وأديانهم وانتمائهم القومية والعرقية .. فالوطن أولا والبقية تأتي !!!!.