18 ديسمبر، 2024 6:42 م

انتصارات تقابل بالصمت

انتصارات تقابل بالصمت

حين احتل الدواعش ثلث العراق توارد الصراخ المحتج من جهات العراق الاربع ،وكانت اعلى الاصوات لمن سكنوا الفضائيات ليلا ونهارا .
انذاك سالت مع الصراخ شلالات من دموع التماسيح الغزيرة حتى خشينا ان نغرق في امواجها الساخنة الفائحة برائحة الالم على الوطن الذي ضاع .
ولو اخرجنا عام 2014 من ارشيف التاريخ وفتحنا كتابه من المنتصف وقرأنا ماقيل منذ يوم الانتكاسة وماتلاه ، لاكتشفنا حجم الحب الهائل الذي يحمله كل صاحب عين دامعة وصوت صارخ لهذا العراق .
الكل في ذلك التاريخ بكى والكل طالب باحراق من سلموا الارض من اول الموصل حتى حدود بغداد الى هؤلاء الاجانب الغرباء .
واكيد ان من يبكي على وطن مفقود سيفرح حد الجنون فيما لو اعادوه له ، فماذا حصل عندما داست بساطيل الابطال الغيارى على الجثث الاخيرة لذئاب داعش ؟
لم يحصل شيء.
فالحناجر صمتت والافواه كلها اغلقت ، والوجوه التي توردت بدخول الدواعش تخمرت بسواد الفجيعة لأن الانتصار كان الطلقة التي قتلت الى الابد امال التماسيح المتحايلة .
لم يفرح احد الا فقراء العراق ومن فطر على حبه من ابنائه الاصلاء .. اولئك الذين عبرت ايام عمرهم بين فكين قاسيين :
فك الحصار وفك الحروب ، سواء في زمن الطاغية الذليل او في زمن امراء الطوائف .
لم نسمع صيحات البهجة من اصحاب الصراخ السالف ، ولم نشاهد في عيونهم قطرة واحدة من دموع الفرح .
وعن احاديثهم التي يضطهدوننا بها قسرا ، غابت كلمة (تهانينا) وكبتت في الصدور كلمة (تعازينا ) قسرا ، تلك الكلمة التي ودً كل واحد مهزوم منهم لو انه واسي بها صاحبه في الهزيمة .
صمت مخالط بالوجوم يلوح من وجوه ماعبدت العراق الا طمعا بالسلطة والمال ذلك هو ماشاهدناه .
صمت يكشف عن نهاية احلامهم بتشرذم العراق وتحطمه ،ذلك التشرذم الي جعلتهم عقد التاريخ المصابين بها يفضلوه على التوحد الذي بسببه سوف يضيعون وتضيع احلامهم المريضة معهم الى اجل غير مسمى .