حتى لا يكون حديثنا ارتماءا في ذمة الامنيات او دعوة عشاء على مائدة العاطفة,لابد من الامساك بورقة تدبر وتفكير كألية عمل تنحدر من منهج ورؤية في البحث عن منافذ حقيقة لتصحيح المسارات الخاطئة في حراك العملية السياسية العراقية لما لحق والتصق بها خلال اخضاع مضامينها الى معترك التطبيق العملي خلال العشر السنوات “الفالته” وليس كما يطلق عليها البعض بالماضية,وبالتالي ما يفرض ان تكون لغة الارقام مصداق ومسعى لكل من يحاول ان يخوض في موضوعة التغير المنشود القادم من فوهة صناديق انتخابات نيسان 2014,فنحن اليوم نواجه ونتواجه مع عراق غاطس في مستنقع أزمات مفصلية وليست مشكلات عرضية قائمة على منطقية الحركية في نظام سياسي ذو صبغة مؤسساتية وما قد يترتب على ذلك من مخلفات انتاج ,فالعراق قد استنزف كثيرا بما يكفي ان يكون مصابا بمرض “الانيميا” السياسية بعد ان أهدر جدلا واختلافا فوق عشر سنوات من الكم التراكمي لثقافات سلوكية متعرجة الاثر , متقاطعة المسارات, اثمرت في دفع البلاد الى الزوايا الحرجة , وربما عززت من فرص احتماليات العودة بأنصاف الأجزاء وليس بتمام الشفاء في افضل الاحوال , فأذا ما تعاملنا مع بيانات الاصدار الجديد للنسخة السياسة الحالية سنجد ان معطيات ما أفرزت قد وضعت العنوان خارج مديات السائد والمتفق سواء على مستوى الخارطة السياسية او ضمن المساحة الديموغرافية فضلا عن الجوانب الاجتماعية والاقتصادية, وهو ما يفتح شهية التساؤل في امكانية ايجاد متبقيات وطن بثورة اصابع بنفسجية عنوانها الانتخابات التشريعية .
متطلبات المرحلة القادمة لايمكن اختزالها بسفسطة تنظيرية او تهريج انتخابي يبدأ وينتهي في اسالة اللعاب على مغريات السلطة, نحن نحتاج الى معالجات حقيقة تتعامل مع واقع هشاشة سياسية ضربت العمق الاستراتيجي الوطني فجعلت معيار الانتماء الى الوطن من تأشيرة التخندق والطائفة, وهو ما وفر بيئة خصبة في اعادة بناء المشروع الديمقراطي بديمقراطية الهويات الفرعية , فأمسىت المؤسسة بكليتها مخترقة القدسية , فالعراق جملة تحديات ننطلق منها في عدة ملفات , البعض متعلق بما انتجته المحاصصة الحزبية في وصول الكثير من المسميات الخاطئة, وبعضها يتمحور حول الاقتصاد الريعي واخرى حول الهنات في المنظومة التربوية والتعليمية وأخرى متعلقة بما وصلت اليه نسب البطالة , والكثير من الظواهر الاخرى المتسرطنة في الجسد العراقي , فضلا عن التحديات الخارجية والمشاريع الاقليمية والارادات الدولية, ولذا علينا الادراك اننا نتعامل مع سلوكيات خاطئة اصبحت متجذرة وممتدة في مفاصل الدولة العراقية, وهنا بات السؤال جاهزا للاقلاع , هل نستطيع ان نعيد انتاج العراق من ماكنة الانتخابات أم ان السيناريوهات النافذة في المستقبل القريب لا تبتعد كثيرا عما سبقها من حيث التركيب والشكل والمضمون؟؟ .