23 ديسمبر، 2024 12:40 ص

انتخابات ٢٠٢١ ومعالجات دستور دولة المواطنة

انتخابات ٢٠٢١ ومعالجات دستور دولة المواطنة

التقارير تشير على أن التنافس سيجري بين طرفين شيعسلامويين من نفس المنظومة السياسية المهيمنة على المشهد السياسي منذ ٢٠٠٥. هاذان الطرفان هما التيار الصدري من جهة، وتيار دولة القانون والفتح والعصائب من جهة أخرى. مرشح الطرف الصدري لرئاسة مجلس الوزراء سيكون إما مصطفى الكاظمي وإما (صدري قح) كما عبر زعيم التيار نفسه، وإما ربما حيدر العبادي، إذا انضم الطرف الثالث المتكون من النصر والحكمة إلى الصدريين، منعا لفوز مرشح الطرف الأول نوري المالكي، كما يمكن أن يكون هادي العامري، إذا حصل على عدد من المقاعد أكثر بشكل ملحوظ من دولة القانون، مرشح الطرف الثاني الولائي.

وهنا أحب أن أتناول بعض الحلول التي اعتمدها مشروع دستور دولة المواطنة، كمعالجات مهم لما حصل حتى الآن في الانتخابات الماضية، وكما يمكن أن يحصل الآن في العاشر من تشرين الأول.

جاء في المادة (٥٢) التي تقابلها المادة (٤٩) من دستور ٢٠٠٥ في (خامسا) «يحظر اعتماد الأساس الديني أو المذهبي أو القومي أو العشائري في تشكيل القوائم الانتخابية والكتل النيابية، على أن يراعى تمثيل سائر مكونات الشعب وجميع محافظات العراق في مجلس النواب، وينظم ذلك بقانون».

بينما نجد إن القوائم الانتخابية ما زالت في الانتخابات النيابية الخامسة، قوائم شيعية وأخرى سنية وثالثة سنية، حيث تتطلع الأولى لرئاسة مجلس الوزراء، والثانية لرئاسة مجلس النواب والمشاركة في حكومة المحاصصة، والثالثة لرئاسة الجمهورية كذلك مع المشاركة تحاصصيا في الحكومة، كما حصل في كل الدورات حتى الآن.

وجاء في البند (سابعا) من نفس المادة من مشروع دستور دولة المواطنة «يحظر تشكيل ائتلافات بين أكثر من حزب قبل أو بعد الانتخابات»، وجاء في (ثامنا): «تشكيل الائتلاف من أكثر من حزب لا يكون إلا لغرض تشكيل الحكومة من قبل مرشح الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد النيابية لرئاسة مجلس الوزراء». هذا لأن المعمول به في كل العالم هو خوض الانتخابات من قبل الأحزاب السياسية والمستقلين حصرا، ولا توجد قوائم انتخابية ائتلافية، بل هذا أيضا من بدع (الديمقراطية العراقية).

وهناك شرط مهم جاء في (تاسعا) من نفس المادة من مشروع دستور دولة المواطنة هو أنه «على كل حزب يتوقع أن يكلف بتشكيل الحكومة أن يسمي مرشحه لرئاسة مجلس الوزراء عند التقدم للمشاركة في الانتخابات، ولا يحق له تغيير مرشحه لاحقا، إلا في الحالات الضرورية، وينظم بقانون». لأن من حق الناخب عندما ينتخب حزبا ما أن يعرف لمن يعطي صوته كرئيس للسلطة التنفيذية ولا يفاجأ بذلك بعد الانتخابات. بينما لم يطبق هذا في العراق لاسيما منذ انتخابات ٢٠١٤. والآن التيار الصدري الذي يريد أن يكون هو الذي يقدم مرشحه لرئاسة مجلس الوزراء، لم يعلن عن مرشحه، بل لن يعلن عنه إلا بعد انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، وهناك مجرد تخمينات أن يكون مرشحهم إما الكاظمي وإما العبادي وإما الجندي المجهول (الصدري القح). وكذلك الطرف المنافس اللدود، بالرغم من أن حظوظ المالكي هي الأقوى، لكن قد يكون أيضا ولو باحتمال ضعيف هادي العامري هو مرشحهم إذا فازوا بأكثر مقاعد مجلس النواب، وإذا مررت لعبة التحالف المابعدانتخابي، ذلك إذا جرى رفض المالكي بقوة، لكنه قد يقدم ذراعه الأيمن (الداعية المتشدد) خلف عبد الصمد بديلا عنه.

ثم رأى مشروع دستور المواطنة في البند الثالث عشر من نفس المادة أنه «لا يجوز أن يكون رئيس القائمة الانتخابية من خارج مرشحيها، كما لا يجوز أن يكون رئيس الكتلة النيابية من خارج أعضاء مجلس النواب»، بينما نجد عمار الحكيم يرأس قائمة الحكمة دون أن يكون مرشحا، كما كان سابقا رئيس كتلة التحالف الوطني الشيعسلاموي خلفا للجعفري، بالرغم من أنه لم يكن عضوا في مجلس النواب، وهذه واحدة من بدع الديمقراطية العراقية الفريدة في بدعها.

وفي المادة (٨١) من مشروع دستور دولة المواطنة والتي تقابلها المادة (٧٦) من دستور ٢٠٠٥ جاء في (أولا) «يكلف رئيس الجمهورية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انعقاد أول جلسة لمجلس النواب مرشح الحزب السياسي الحائز عبر الانتخابات حصرا على العدد الأكبر من المقاعد النيابية بتشكيل مجلس الوزراء ولا يجوز تشكيل ائتلاف بعد الانتخابات من أكثر من حزب سياسي لغرض تشكيل الكتلة النيابية ذات العدد الأكبر من المقاعد». بينما كانت المادة مبهمة وقابلة للتأويل مما سمح للمحكمة الاتحادية تلبية لرغبة مختار الزمان نوري المالكي بعد انتخابات ٢٠١٠ أن تؤولها تأويلا خلاف المعمول به في كل النظم الديمقراطية البرلمانية.

وضع مشروع دستور دولة المواطنة في (رابعا) من نفس المادة والتي يقابها (ثانيا) في دستور ٢٠٠٥ شرطا أن «يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية جميع أعضاء وزارته خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما من تاريخ التكليف»، بإضافة «جميع»« كي لا تشكل الحكومة بالأقساط، أو تدار أكثر من وزارة بالوكالة، كما جرى حتى الآن.

وفي حال إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل كابينته الوزارية خلال المهلة التي وضعها الدستور، حدد البند (خامسا) من نفس المادة وهو البند (ثالثا) في دستور ٢٠٠٥ شرطا مهما هو أن «يكلف رئيس الجمهورية مرشح الحزب السياسي الحائز عبر الانتخابات حصرا بالدرجة الثانية على عدد المقاعد النيابية، وفي الدورة الأولى بعد نفاذ هذا الدستور المترشح لرئاسة مجلس الوزراء الحائز على المرتبة التالية لرئاسة مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما عند إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة خلال المدة المنصوص عليها في البند (رابعا) من هذه المادة»، ولم يترك ذلك متروكا لاجتهاد رئيس الجمهورية كما في دستور ٢٠٠٥.