23 ديسمبر، 2024 8:19 ص

انتخابات مجالس المحافظات على طاولة المساومات

انتخابات مجالس المحافظات على طاولة المساومات

توافقت الرئاسات الثلاث (الجمهورية والنواب ومجلس الوزراء) على الاعلان عن تأجيل انتخابات مجالس المحافظات او دمج اجرائها مع انتخابات مجلس النواب، وفور الاعلان الذي تم بموافقة بعض زعماء الكتل السياسية برز الانقسام بشأن القضية الى فريقين، مؤيد يرى انه بحاجة الى فسحة من الوقت كي يرتب اموره ويقلص من فرص اكتساح العبادي لها باعتباره في اوج الرضا عنه جماهيرياً للنجاحات المتحققة في الموصل فيما يصر آخرون على اجرائها الان لانه يعتقد ان الظرف مناسب ليحقق تمثيلا اوسع او يتمكن من الوصول الى هذه المجالس .. أي ان كل فريق يغني على ليلاه ويعزف على وتر مصالحه وليس من بينهما كيف يصلح العملية السياسية ويطور مجالس المحافظات.
وبدأت بعض الاطراف تضع العقد والمعرقلات والدخول في نقاش قانوني على من هو صاحب الاختصاص في التأجيل او الدمج. 
المهم الحديث عن اجراء انتخابات مجالس المحافظات ليس بالامر الجديد، بل ان النقاش يطول جدوى وجودها، ومدى قدرتها على اداء مهماتها الموكلة اليها والاهم منه تحدد الاكثرية ان على الحكومة بمعناها الواسع الذهاب الى اجراء تعديل او تشريع قانون غير المعمول به يعالج الثغرات والنواقص، لاسيما اننا نعيش تجربة فاشلة او متدنية في انجازيتها.
دائماً الحكومة ومجلس النواب يتركان معالجة القضايا الى قرب استحقاقها فقبل شهر من الان قدم مقترح قانون وصوت عليه من حيث المبدأ بالموافقة الا وهو تقليص عدد اعضاء مجالس المحافظات الذي اعتبر كثيراً وتخفيضه الى النصف او اكثر وهو عد جزءاً من الاصلاح ولاخراجها من ضعف الاداء، ولكن ذلك يتطلب تعديلاً دستورياً، وطرحت فكرة ان يتم التعديل على هذه المادة لوحدها والتصويت عليها في استفتاء عام الواقع ان هذا وغيره مما يثار يصب في فريق التأجيل الى بضعة اشهر او دمجها مع الانتخابات النيابية.
الافكار ناضجة وواقعية وقابلة للتطبيق الا ان البطء في سير اعمال مجلس النواب يعد سبباً لطمسها او اهمالها وربما هذا ما يسعى اليه فريق ثالث لابقاء الوضع على ما هو عليه ويتم اجراؤها في موعدها فضلا عن ما يتذرع به لان ليس هناك افضل من ذلك اليه ليحافظ على مواقعه لان الوقت ضاغط على الجميع، اذا كانت بعض القوى النافذة تستطيع ان تخوض وتنخرط في عملية الانتخابات ساعة تشاء لما تملكه من استعدادات وامكانات فان قوى اخرى تحتاج الى جهد ووقت اطول ومعرفة بما تؤول اليه الافكار المطروحة لاصلاح النظام الانتخابي والقوانين والاجراءات التي سيتم تشريعها.
الانقسام العمودي ظاهر العيان بشأن اجراء الانتخابات في موعدها ام دمجها مع التشريعية وتوفير النفقات وتشريع قانون جديد لها وتعيين مفوضية مستقلة للانتخابات بعيداً عن المحاصصة والهيمنة ويتضمن هذا الانقسام تباينات في كل فريق من الفريقين لا تقل حدة عن هذا الانشطار، فالبعض يختلف على آليات وقانون الانتخابات، فهناك من يدعو الى سان ليغو الذي اجريت بموجبه الانتخابات ما قبل الاخيرة ويرفض التعديل الذي تم عليه لمصلحة القوى الكبيرة وحرمان قوى صغيرة تمثل قطاعات وفئات شعبنا ليس من الصحيح الاستمرار في حرمانها، بسبب هذا القاسم الانتخابي وعوامل ذاتية وضعف قدرتها على اقامة تحالفات واسعة وعريضة ولانشغالها بصراعات ثانوية واهمال التناقض الاساسي مع قوى الاسلام السياسي التي تسعى الى اسلمة كل شيء في الدولة وابقاء المحاصصة على حالها.
يعتقد على نطاق واسع ان الناس في هذا الظرف وتحت عمل القوانين السائدة الان ليس مستعدون للمشاركة الواسعة في الانتخابات، وتوجه الجمهور غير المنضوي تحت يافطات الاحزاب الى صناديق الاقتراع.
فهو في حالة من اليأس والاحباط من عدم الاستجابة الى مطالبه، حتى انه لم يعد بذات الحماسة الواسعة والمشاركة في الفعاليات الاحتجاجية، انه يعيش ظاهرة الانكفاء التي ستنعكس على سعيه الى التغيير ربما الانتصار على الارهاب الداعشي في نينوى سيشكل حافزاً لاندفاعه وتفعيل حراكه في الشأن العام مرة اخرى، وقبل ذلك اقرار وتشريع قوانين جديدة تخلق له الفرص في صناعة القرار والامل بالاصلاح الشامل وازاحة الفاسدين والتصويت الى قوى يعلق عليها اماله في ايجاد نهاية لما يعانيه من حرمان وكوارث ومشاكل تعيق نمو البلاد وتطور العملية السياسية الواقع ان الداعين الى اجراء الانتخابات لا يعلموا على ماذا يعولون في استنهاض قواهم على حركة احتجاجية هزلت، ام على قوى من الطبقة الحاكمة فشلت في قيادة التغيير بل انها من اسباب الانحسار لترددها وعدم ثبات نهجها وتلاعبها بالحركة الاحتجاجية وبناء تيار للاصلاح الحقيقي. واخيرا نقول من اين جاءت القدسية لتوقيتات تم وضعها من قبل قوى متحكمة وعلى حسب اهوائها ومصالحها.