هناك مفاصل مهمة في تاريخ الشعوب تكون مهمة في تحديد مصيرها ورسم مستقبلها توجب على المواطنين المشاركة في حيثياتها كي يمنعوا تداعياتها السلبية وكي تصب نتائجها في صالحه.
وقد تعتبر انتخابات اقليم كوردستان التي ستجرى بعد ايام من احدى تلك المفاصل , فهي لا تقل اهمية عن الثورات التي خاضها الشعب الكوردي طوال تاريخه , او الانتفاضة التي قام بها عام 1991 وصولا الى استفتاء عام 20017 , وهو ما يحتم على الشعب الكوردي بكافة شرائحه وطوائفه وتوجهاته السياسية المشاركة فيه والذهاب الى صناديق الاقتراع بكثافة يوم 20 من الشهر الجاري.
فالمتغيرات التي تمر بها المنطقة سواء في غزة او لبنان او سوريا اليمن او العراق تفرض على القوى الاقليمية والدولية تنظيم اوراقها من جديد في المنطقة … ويبدو ان قوة اقليمية معينة ترى في انتخابات كوردستان هذه المرة ثغرة يمكن لها الدخول منها لتعويض الخسارة التي لحقت بها في دول اخرى كانت تهيمن عليها , لذلك فهي تحاول مع القوى المتحالفة معها في العراق الدفع بتلك الانتخابات كي تصب نتائجها في صالح توجهاته في كوردستان والعراق والمنطقة , وان كانت هذه القوة الاقليمية عليها شبهات بتدخلها في الانتخابات الامريكية فليس من الصعب عليها ان تتدخل في انتخابات كوردستان بوجود الكثير من حلفائها المتغلغلين في جميع مؤسسات الدولة العراقية .
اننا في كوردستان اليوم تقف امام مفترق طرق … فاما ان تبقى حرة تمتلك قرارها بيدها , او ان تسيطر عليها تلك القوة الاقليمية التي لم تسيطر على دولة الا ودمرتها بما لديها من توجهات لا تتطابق مع توجهات المجتمع الدولي والعالم الحر. لذلك فالانتخابات الحالية في كوردستان تتعدى المنافسة الطبيعية بين الاحزاب الكوردستانية وتتجاوز الانتماء السياسي لكل مواطن , فهي ما ستحدد مصير كوردستان ومستقبلها امام محاولات قوى اقليمية وعراقية اجهاض تجربة اقليم كوردستان واكمال ما فشلوا عن تحقيقه في مؤامرة 16 اكتوبر عام 2017 , حتى ان اقتضى الامر للتلاعب بنتائجها لتفوز الجهة ال” كوردية” المعروفة بعمالتها لها والتي رضت لنفسها بان تكون معولا لهدم كل توجه كوردستاني وطني وجسرا لتنفيذ كل مؤامرة ضد كوردستان , فالتسريبات الصوتية التي اطلع عليها جميع المواطنيين تثبت ان هناك اتفاقات جرت بين تلك الجهات الاقليمية والعراقية من جهة وبين تلك الجهة ” الكوردية” لتزوير نتائج الانتخابات المقبلة.
لقد نجح الحزب الديمقراطي الكوردستاني منذ انتفاضة اذار عام 1991 في دفع الاقليم نحو الاعمار والازدهار رغم الضغوطات التي كان يتعرض لها والمؤامرات الكثيرة التي كانت تحاك ضده من الداخل والخارج . والاهم من ذلك هو نجاحه في ابعاد الاقليم عن سياسة المحاور التي فشلت دول كبيرة في المنطقة من ابعاد نفسها عنها .. لكن يبدو ان تلك القوى الاقليمية تحاول اليوم وبجدية اخضاع كوردستان وجرها لمحورها لتعويض فشل تجربتها في اليمن ولبنان وسوريا, وهو ما يفسر اهتمام اذرعها في العراق بفوز “حليفها” الكوردي في الانتخابات كي يصبح العراق بكامله تابعا لها من زاخو الى البصرة .
ان وعي مواطني كوردستان سيجهض هذه المؤامرة الجديدة مثلما اجضهوا مؤامراتهم السابقة ولن يرضوا بان تتحول كوردستان الى ساحة تهيمن عليها تلك القوى وتحولها الى بيئة تنتشر فيها افكار رجعية تدمرها فكوردستان وجدت كي تكون واحة للتعايش والازدهار في ضل الحزب الديمقراطي الكوردستاني والقوى الوطنية الاخرى .