سائق التاكسي وما أدراك ما التاكسي، إنها حلقات للنقاش وساحات للجدال…، تجوب شوارع عاصمة البلاد السائبة.بعد أن يأخذ منك الجهد مبلغه، وتكاد قدماك تتفطران وساعداك تسقطان بسبب إشارة هنا وأخرى هناك، قد تجد سيارة أجرة تارة تحمل لوحة التاكسي وتارة لا تحمل إلا مُلثَّمًا يناديك خمسة آلاف ، … في بعض الحالات التي تكون لديك أمور مستعجل يداهمك الوقت فيها، تنزل عند رغبة المنادي فتستقل هذه التاكسي أو تلك، لكن ماهي إلا لحظات حتى يتبين لك أنك أمام حلقة من الاتجاه المعاكس…، نقاشات حادة، حوارات سياسية، سجالات… هرج ومرج…، أصوات ترتفع…، الاحزاب من أفسد البلاد والعباد..، بل امريكا هي من أفسدت، “عادل عبد المهدي ” لا يمكن أن يحكم البلد، صوت آخر بل المالكي هو من خرب البلاد..، ليأتي رأي آخر يقول الإسلاميين هم من يثير القلاقل والمشكال وصاحبهم لا يصلح للرئاسة…!!!
تقترب التاكسي من أصحاب سيارة حكومية فتنخفض الأصوات حتى يبتعد الجميع عن أصحاب السيارة، ويأخذوا قسطا من الراحة وربما هي استراحة محارب، حتى يجمع الجميع قواه ليدحض حجج الخصم قال سائق التاكسي ” حكومة عادل عبد المهدي بين ضعف الخبرة وتراكم الأزمات ” ولأني لا أحبذ المبالغة كما لا أحبذ رمي الكلام جزافا ؛أفردت الملاحظات التالية تعليقا على هذا كلام .لقد بدأت بالقول أن عادل عبد المهدي وحكومته في وضع لا يحسدون عليه وعللت ذلك بأن شبح الأزمات يطاردهم أين ما يمموا وجوههم نحو أي شيء يتعلق بالمواطن -كما ورد في كلامه أي أزمات ؟ ولم يجد السائق – -ما تلتحف به لتوضيح ذلك غير الجملة الضعيفة الآتية : “فالجفاء والعطش أنهكا سكان الداخل .
واتبع السائق ذلك بالقول أن الكثير من قطعان الماشية أباده العطش وخاصة في جنوب العراق الذي يحوي مخزون البلد من الثروة الحيوانية.
كيف يتم تقديم هذا الكلام بهذا السياق وكأن البلاد في عزلة إعلامية وما يحدث فيها يمكن التغطية عليه والتستر، ألا يعي السائق المعنى الدلالي للفظة “إبادة” التي تعني الموت الجماعي المتعمد وبالشكل العددي الكبير ؛الذي لا يبقي ولا يذر..! .!
ولخص السائق لهذا الحوار إلى تسمية الوضع بالكارثة التي يترتب عنها مزيد من المجاعة ..!
عجبا قلت له وهل نعاني مجاعة حتى تزداد وهل في مناطق البلاد ما يستحق حقيقة وحكما أن يوصف وضعه بالكارثي كما تقتضي الدلالة اللفظية والمعنوية للكلمة وإن مجازا. .
ثم كيف لك أن تقول ياهذا أن الحكومة تعاني ضعف الخبرة في عنوان لكلامه وبعد ذلك في صلب الحوار تؤكدين عدم صدقية ذلك ؛بقولك أن رئيس الجمهورية أسند رئاسة الحكومة إلى عادل عبد المهدي بعدم احتفظ بمعظم وزرائه ؛إذا نقص الخبرة غير وارد.
وتتباكى صاحبة السيارة بعد ذلك على حقبة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ؛بتقديم المثل “بكينا منه والآن نبكي عليه” .
لم يكن رئيس الوزراء الأسبق الذي بكي منه ؛فقد هو رجل مرحلة رست به سفينة العراق؛ولم يشهد انتعاشا اقتصاديا ولم تضافعت فيه ميزانيتها وشهدت البلاد كذلك طفرة في مجال التشييد خاصة في مجال الطرق التي تعد شاهدا حقيقيا على ذلك ؛وانتهى دوره وأخذ زمام الأمور من بعده حكومة عادل عبد المهدي ، وقاد الحكومة إلى حد الساعة بنجاح ؛وتفوق على المشاكل والعقبات وتجاوز الأزمات بشكل مرن ؛و الدفع بمواصلة المشاريع التنموية على مختلف الصعد ؛فلا يخلو اليوم قطاع من قطاعات الحكومة من التشييد والتعمير وبمجهودات الدولة ،هذه حقائق قائمة نعتز بها ؛لكن لا نعتبرها ذروة النجاح فلا زلنا ننتظر المزيد والمزيد ؛فبلادنا قادمة من بعيد وكانت إلى عهد قريب تعاني الخراب بفعل سواعد أبنائها الذين كانت تنتظر منهم التشييد والإعمار..! .
وطبعا لم يتأخر المتاجرون بركوب تلك الأزمات التي اعترضت الحكومة وتجاوزتها بنجاح؛ محاولة منهم لجعلها قشة تقصم ظهر البعير،لكن هيهات فالمواطن العراقي ازداد وعيا بفعل الطفرة الإعلامية المعاشة حاليا وبفعل انكشاف الأشياء أمامه ؛وزوال ضباب التضليل الذي عادة ما يلعب عليه رواد التطبيل والمبالغة في التهويل . .
أخيرا على المشككين للحكومة عادل عبد المهدي أن يمتلكوا القوة والحجج الدامغة التي تمكنهم من تقديم نقاط واضحة المعالم وملموسة الأهداف سبيلا إلا تحقيق نتائج تخدمهم ولا تسيء إليهم ،وعليهم تعزيز ذلك بالأرقام والشواهد التي تمكن المواطن البسيط مثلي من تصديقها وإبعادها عن دائرة المشكك فقط من أجل التشويه والمتاجرة من أجل تحقيق أهداف المتاجرة.
عاد السجال أكثر قوة هذه المرة بعد ساعة الاستراحة التي قطعت روتين الحديث، ينادي أحد الركاب -الذي ربما لا يظهر من ملامحه إلا رأسه الذي يحركه يمنة ويسره لأن باقي جسمه مدفون تحت أجساد أصحابه في المقاعد الخلفية للتاكسي- حكومة عادل عبدالمهدي قوية لها بنية تحتية وهذا الذي تتحدثون عنه جميعا هو مهاترات مشككين لحكومة عادل عبد المهدي تتقطع الأحرف بين شفاهه بسبب حُفرِ عميقة اصطدمت بها عجلات التاكسي ليعود إلى الحديث وقد خارت قواه قائلا من عادل عبد المهدي نريده يعبد الطرق؟؟!!! نريد منه أن يقيم البنى التحتية….، ثم ينادي بأعلى صوت ” منطقة الاسكندرية توقف به”…، ليستأنف الحديث شيخ مسن قائلا نحن منذ نشأة هذا البلد لم نرى إنجازات كتلك التي يحاول عبد المهدي ان يقيمها الآن، يقاطعه الكلام شاب بحرقة “يا والدي هذا الخطط من هذا الحكومة الجديدالا ذر الرماد في العيون” الاحزاب لا تهمه مصلحة العراق ، ، منذ أن استقلت البلاد الاحزاب هو الذي يسيطر ماذا فعل من إنجازات؟؟، لا بنى تحتية أنشئت، أيعقل أن تكون عاصمة بلد لا يوجد بها صرف صحي!!!، فقر مدقع، خيرات كثيرة تتحكم بها ثلة مافيوية، لا يهمها هذا الشعب ولا مصالحه فل يذهب إلى الجحيم، يتدخل صاحب التاكسي الملثم يخوتي احْن اندور الا العافية..، …..
والخلاصة، أن هناك إحساس قوي عند البعض بمصير قاتم ومستقبل غامض لهذا الوطن الحبيب والحكومة عادل عبدالمهدي فلا يألون جهدا في تبيان وإيضاح خطورته حيثما كانوا وكيفما كانوا وأينما حلوا أو ارتحلوا، فإلى متى سيعلم الجميع أن الله كتب علينا البقاء في هذه الرقعة الجغرافية من الأرض والتي لسنا بصدد النزوح عنها، لذا يجب العمل على بنائها والحرص على جلب المصالح لها ودرء المفاسد عنها مصلحة لنا ولأجيالنا القادمة.
اللهم أبرم لهذا الوطن أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك واجعلنا منهم ويُتاب فيه على أهل معصيتك ولا تجعلنا منهم؛ والذين من بينهم أكلة المال العام والمتاجرون بمصير هذا الشعب المسكين، والذين سيسألهم الله عن النقير والقطمير والحقير والجليل فيما ولاَّهم من أمور عامة لهذا الشعب فل يُعدوا لكل سؤال جوابا، ولكل حق عِوضًا.