الحديث عن العروبة والتشيع يعتبره البعض حديثاً او جمعاً بين المتناقضات ، وهو محق اذا ما كان معياره الصراع التأريخي بين الاثنين ، رغم ان الاخير نبع من صميم العمق العربي ، بينما يربطه العرب بالمشروع الإيراني في العراق والمنطقة على حد قولهم ، ليكون الشيعي العربي مرتبطاً بالمعسكرين ، بالجانب الإيراني عقائدياً وان لم يكن تابعاً كما يعلن عنه ، وبالجانب العربي من الناحية القومية التي تربطه بمحيطه ، ليختزل العراقي في ثقافته ومنظومته الفكرية والسياسية العروبة والتشيع ، لينتج مزيجاً بين الاثنين يمكنه لان يلعب دوراً لا يتاح لغيره ، كجزء من أصالته وعمقه الحضاري الذي يمكنه من لعب ادوار لا يلعبها غيره لعجزه لا لعدم رغبته !
الانفتاح على المحيط العربي حاجة ضرورية وليس رغبة نابعة عن ترف ، لان المحيط الذي يجهلنا سيعادينا ، فالناس أعداء ما جهلوا ، والتجهيل يمارس على قدم وساق من الاعلام المأجور ، فأنفتاحنا إنما هو رسالة تطمين لكل من يتوجس خيفة منا ، على ان لا يكون هذا الانفتاح يمهد لدخول المحاور التي تجعلنا مع هذا ضد ذاك ، اذ ليس لهذا انفتحنا ولم نكن بسببه منغلقين ، اذ ان التصريحات لأحد الشخصيات المهمة اشارت الى انها برفقة مجموعة من الجهات الشيعية والسنية والكردية لا يقبلون للمشروع الإيراني ان يتوسع في العراق ، لينطلق هذا التصريح الذي يحمل بين طياته الكثير من القراءات التي في مقدمتها ان الخليج هو مكان إطلاق هذا التصريح ، فهل سنشهد قيام محور او مشروع عروبي مدعوم أمريكياً في العراق ؟ ، لمواجهة المشروع الإيراني وأدواته المتمثّلة في العراق ، والتي لا تخفي ذلك ، ليكون العراق ساحة صراع من جديد بين المتناقضين تاريخياً ، المتفقين عراقياً !
العراق هو الوسيط بين العرب وايران ، ليس كساحة معركة او ممر وانما بعمقه الحضاري يستطيع ان يكون جسراً تلتقي عنده المصالح ، ليكون كقوة حاملة لميزان التوازن بين الفريقين ، هذا من الناحية الاقليمية ، بينما نجد ان العراق بأمس الحاجة لمن يؤدي هذا الدور داخلياً ، ليكون مقرباً بين المشروعين في العراق من جهة ، وحاملاً للمشروع الوطني الذي تؤطره حدود الوطن من جهة اخرى ، ليكون طرفاً يملك من العمق الشيعي ما يؤهله للعب دوراً سياسياً مؤثراً شيعياً من جهة ، وتربطه علاقات جيدة ويحضى بمقبولية عربية من جانب اخر ، ليكون هو المؤهل للعب دور الوسيط ذو الرؤية الوطنية ذات البعد الخارجي ، ولن يكون هنالك من يلعب هذا الدور بأحترافية اكثر من تيار الحكمة الوطني ، فزعامته عمار الحكيم واعتقد انه استشعر هذا الواقع وأطلق مشروع تياره تيار الحكمة الوطني ، فهو ذو عمق شيعي متأصل في الواقع العراقي ، وعلاقته بالمحيط العربي عموماً والخليج خصوصاً علاقة ذات بعد استراتيجي ، عمل على تعميقها منذ سنين لتكون مدخلاً لهذه الحاجة الملحة وطنياً واقليمياً ، وهو ليس مدعواً للعب هذا الدور المهم في مرحلة حساسة من تاريخ العراق فحسب ، وانما هو مجبر على هذا الدور لانتفاء من يؤديه نيابة عنه .