الاطراف التي تواجه ” داعش ” والتي تدعي مواجهتها والتي تتحدث ضدها ، ليس لديها شك بالجذر والاصل والمنشأ لهذا المنتج , وكذلك تعي جيدا اسباب الديمومة لهذا المخلوق الغريب ( داعش ) ، وتدرك التفصيل في جوانب الانشاء والاستمرار السياسية والاقتصادية والفكرية والتشريعية والعسكرية والاستخباراتية، ولعل من اهم اسباب ( بقاء ) داعش وحتى( تمددها ) هو ان الاطراف المتكفلة بها وتمدها بعناصر القوة هي من تدعي الحرب عليها , من مثل الممكلة العربية السعودية وتركيا في منطقتنا ، وكذلك الولايات المتحدة والكيان الصهيوني اللذان يجدان فيها اداة قذرة خطرة ويجب استخدامها بعناية وايقافها بحذر ، لسنا بصدد العود الى ان داعش منتجا طبيعيا للجماعات الوهابية في الجزيرة العربية ، الا اننا لا بد من تثبيت استخدام الابن الاول ( القاعدة السلفية الجهادية ) في ثمانينيات القرن الماضي من قبل الولايات المتحدة في مواجهة الشيوعية السوفيتية وكذلك مواجهة وايقاف المد الناصري بالنسبة للمملكة العربية السعودية ، وعندما قدم ال سعود هذا السلاح الفتاك الى السيد الاميركي بينوا له الضمانه ( الكرنتي ) بان هذة المجموعة تحت السيطرة وانها تنهض بامر شرعي من العائلة وتقعد بذات الامر الشرعي , وكذلك ان هذة (الجماعة) توفر مرونة قتالية وصبرا لا تجدونه في الجندي الاميركي ، وفعلا قامت هذة المجموعة بالدور كاملا وانجزت اهدافها في افغانستان , وفي غمرة احتفالات امريكا والمملكة السعودية كانوا قد اهملوا مخلوقهم (فرانكنشتاين) يتزاوج هناك ويتوالد لينتج ( دبل فرانكنشتاين) لتكون حكومة طالبان وبعدها السوبر ( القاعدة ) وهكذا وصولا الى هذه داعش التي ضاع فيها الاصل بين الطبعات المستنسخة , وبما ان اعداء هذ” الكائن” ايضا يعرفونه , سوءا دولة المواجهة العسكرية الكبرى ( روسيا ) او المواجهة العقائدية ( المسلمين من غير جماعة الوهابية) فلا بد للمواجهة الكبرى التي تتحرك في ارض الشام والعراق بخطى حذرة في حقول الغام سياسية واستراتيجية ان تشكل اصطفافا طبيعيا لا تشوبه شائبة ابدا كيفما اختلفت الرؤى السياسية وحتى الاهداف ، صفا يمثل الوهابية ومن معها وصفا يمثل اعداء الوهابية ماديا و عقائديا ، ولذلك لا ترى غرابة ، ولا مفاجة في المواقف والتصريحات التي تصل حد التناقض والاسفاف والسذاجة ، كما يعلو في المنابر الرسمية والدينية في المملكة العرية السعودية ضد التدخل الاجنبي الروسي في قصف الجماعات الارهابية في سوريا وضد الغرفة
الرباعية في العراق التي تضم روسيا وسوريا وايران والعراق للتنسيق في مواحهة داعش ، وهذه المنابر ذاتها ترحب وتدعو لاجتاح غربي اوروبي صهيوني بكل الاسلحة لسوريا , كما انها تدعوا الى مواجهة ( الكفار ) الروس في ارض الاسلام ( سوريا ) ، ومع هذة الدعوات دعما امريكيا جاهزا لزخم قوة هذة الجماعات التكفيرية الوهابية ، وبذلك فان امريكا الان في طور اعادة تدوير ” الوهابية ” في مصهر داعش لانتاج
معارضة وهابية اخرى من ذات العناصر في سوريا والعراق ، وهو ما يعني
ان الحاجة الى ( بقاء ) داعش ما زالت باقية ,والضرورة الى (التمدد) والقيام في القوقاز والشيشان ومحيط روسيا مطلبا يدعم المصلحة الاستراتيجية الاميركية لتقويض القيصر وانكفائه الدفاعي الداخلي لكي يترجل ودولته العظمى من موقعيتهه ويستجدي الحل من السيد الكبير امريكاا , و بتكاليف حربية منخفضة ، وهذه النتائج لاتاتي بالاسابيع والاشهر , بل يحتاج الى اكثر من عقد من السنين كما قدره السيد اوباما .
قد يكون كل الذي مر ليس غريبا في الخيالات الاستراتيجية , انما الغريب هو اعتماد وثقة حكومات ومسؤولين حكوميين في جمهورية العراق هم اعداء واهداف لداعش ،بان اميركا ستخلصهم منها وتقضي عليها ، وتعيد لهم بناء بلدانهم وتوفر العيش الرغيد لهم ، ولكنهم ليتهم يفكرون من اخر الكلام في كيفية تدويرهم ايضا وتصور شكل منتجهم الجديد .