المنطقة على شفا حرب ،هكذا اتفق الجميع على وصف التدخل العسكري الروسي في سوريا،ولكن لم يستطع احد التكهن كيف يكون شكل هذه الحرب ،إلا في حالة واحدة وهي الدمار والخراب والتقسيم الذي ينتظرها ، هذا هو المشهد المرئي لصورة منطقة الشرق الاوسط الان ،في ظل تصعيد محموم وتسابق واضح لروسيا وأمريكا ،في الامساك بمقود النفوذ في المنطقة وقطف ثمرة النصر هناك ،فأمريكا تقود وتسيطر على المنطقة بشكل كامل بعد احتلالها للعراق ،وتدميره ونهب ثرواته وقتل شعبه وتهجيرهم وتسليم العراق الى ايران وميليشياتها وروسيا تريد العودة الى حربها الباردة ،والعودة الى واجهة الاحداث ،والهيمنة والنفوذ وتثبيت موطئ قدمها في الشرق الاوسط عبر البوابة السورية،وسحب البساط من امريكا ،بعد فشل استيراتيجيتها في المنطقة ،وتورطها وغوصها في المستنقع العراقي حتى اذنيها ،لذلك لابد من قراءة تعيد الى الاذهاب ما يجري الان ،على يد الدب الروسي وحملته العسكرية في سوريا بحجة محاربة تنظيم الدولة (داعش)، تماما كما كان يبرر المجرم بوش حربه على ألعراق وتقسيم الدول الى محاور الشر ودعم الارهاب ،اذن التدخل الروسي في ظاهره ،هو القضاء على داعش وحماية نظام الاسد من السقوط بيدها ،وباطنه اعادة الدور الروسي والنفوذ بعد فشل امريكا في نشر الديمقراطية ، واعترافها (بان الحرب على العراق كانت خطأ)،اذن تغيير الاستيراتيجية الامريكية بعد فشلها عدة مرات ،اوصل المنطقة الى ما هي عليه الان ، والان بدأ عصر جديد في المنطقة بكل تأكيد ،وقلنا هذا بعد الاتفاق النووي الايراني مباشرة ،ان عصرا جديدا سوف يبدأ في العالم والمنطقة هو عصر ما بعد الاتفاق النووي الايراني مع امريكا ومجلس الامن ،وهاهو العصر الجديد امامكم ،روسيا تعود بكل ثقلها وقوتها العسكرية الى المنطقة ،وتنشئ تحالفا عسكريا بعيدة المدى مضادا للتحالف الامريكي الغربي ،وهو التحالف الرباعي الروسي الايراني العراق السوري ،وترعاه وتؤيده الصين بقوة وحماسة وتتهيأ لإرسال جيوشها الى سوريا للالتحاق بالركب الروسي هناك ، وهاهي طلائع المقاتلات الروسية تدك المواقع والمقرات الرئيسية لتنظيم داعش والنصرة وجيش الفتح والحر والجبهة الاسلامية وغيرها في سوريا،كما اعلنت بيانات وزارة الدفاع الروسية ،بعد ان اكملت بناء القاعدة العسكرية في اللاذقية ،والبحرية في طرطوس، وكدست فيها احدث الاسلحة والصواريخ ،ووصلت المدمرات والفرقاطات والبوارج العسكرية الى سواحل البحر الابيض هناك،اذن تحشيد عسكري روسي وصيني وإيراني غير مسبوق في الاراضي ألسورية والهدف هو القضاء على داعش ،في حين مازال التخبط الامريكي لمحاربة داعش في العراق بطيئا يثير الشك والريبة ،وزاد الطين بلة ،ورطة ادارة اوباما بدعم الميليشيات العراقية التي انشأتها ايران ودربتها وسلحتها ، والموافقة على اشراكها في العمليات العسكرية مع قوات الجيش العراقي،وانقلبت عليها،بعد ذلك ، والآن تغوص ادارة اوباما في فشلها في العراق،فشل يتبعه فشل ،خاصة بعد ان سقطت مدن ومحافظات بيد تنظيم داعش المتطرف،وأصبح نفوذ الميليشيات اقوى من نفوذ الجيش وهو من يدير الملف الامني،واخذ يشكل عبئا وتهديدا لإدارة اوباما في العراق،حيث ظهرت تهديدات من قادة الميليشيا بخطف السفير الامريكي ومقاتلة الامريكان واسر جنودهم اذا عادوا للعراف وهم الان(اي الامريكان) في ورطة لا يحسدون عليها ، ورطة داعش وورطة الميليشيات ،وبهذا اصبح الموقف الامريكي واهنا وضعيفا، وفاقدا للثقة من كل الاطراف ،ومواقفه مزدوجة ومثيرة للجدل والشك حيال محاربة داعش والمليشيات فهو من جهة يدعم داعش في مناطق القتال بالسلاح، ويمنع الميليشيات من مقاتلتها في مناطق اخرى مثل الفلوجة والانبار ،ولهذا فشل فشلا ذريعا في تحجيم قوة داعش وإيقافها عن تمددها في العراق ،وأصبحت على بعد ستين كيلو متر عن بغداد وتهدد بسقوطها،وإزاء هذا الفشل الاستراتيجي الامريكي ، وبروز ظاهرة داعش عالميا ،وتهديدها ضمن مشروعها اقامة الخلافة الاسلامية العالمية وفتح روما ونيويورك والقسطنطينية وغيرها ،ينهض الدب الروسي هنا،ويعود لمواجهة داعش لسببين رئيسيين ،هما ان داعش يهدد مصالحها ولها ثأر معه، وان هناك اربعة آلاف روسي التحق بداعش،وتخاف روسيا وبوتين من عودة هؤلاء للقتال داخل روسيا وزعزعة امنها القومي الروسي ،والسبب الاخر الغير معلن هو اعدة الحرب الباردة مع امريكا ،وتقاسم النفوذ معها وابتزازها بعد فشلها في القضاء على داعش،فالتصريحات الامريكية الخجولة،في اجتماعات الامم المتحدة مؤخرا،كلها تؤشر حالة واحدة هي تصاغر ادارة اوباما امام اصرار روسيا وبوتين على العودة الى النفوذ الكامل في المنطقة ،لذلك لم تعترض امريكا على تحالف حكومة العبادي مع روسيا ، او تعترض على اقامة مثل هكذا تحالف يهدد مصالحها الاستيراتيجية في عموم المنطقة ،لاسيما وان التحالف الرباعي،هو تحالف معلوماتي بالدرجة الاساس ،ويعني هذا التجسس على المصالح والخطط الامريكية في المنطقة ،وهذا ما يقلق ادارة اوباما في التحالف الروسي الايراني،فهل ستزود ادارة اوباما مثلا داعش الان بالمعلومات الاستخبارية العالية الدقة والخطورة عن روسيا وخططها ضده،او هل ستزود ادارة اوباما داعش بأسلحة متطورة جدا لإسقاط طائرات بوتين في وسوريا ،او الاسلحة الكيمائية المحرمة دوليا،وغيرها من المساعدات اللوجستية والعسكرية، نكاية ببوتين وصلفه هذا في دعم نظام بشار الأسد وإصراره على ابقائه في السلطة،خلافا لرأي الدول العربية وأمريكا وحلفائها الغربيين،واسترضاء لإيران(كهدية لها واثبات حسن نية ) في حرصها على بقاء الاسد في سوريا كل هذا ممكن الان ،لان روسيا لن تلتفت للوراء مطلقا ،وان ماضية في تحقيق اهدافها وخططها العسكرية المعلنة وغير المعلنة،وان كره الامريكان،المشهد العسكري الروسي يثير شهية الاعلام وفضوليته،ان اقتراب الحل في سوريا بات بعيدا،بل ومعقدا أيضا وما الحشود العسكرية الروسية والصينية والايرانية وغيرها إلا ايذانا ببدء عصر روسي جديد في المنطقة ،لا يكن فيه دور اوحد لأمريكا فيه، ربما تتخادم روسيا معها ،ولكن لن تتركها تتفرد بالقرار في المنطقة بعد الان ،اما الادعاء بالقضاء على داعش ،ما هو إلا اكذوبة تستخدمها روسيا لتبرير تواجدها في المنطقة،وإلا القضاء على داعش وأخواتها، لا يكون بقصف المدنيين والمدن، بالطائرات والبراميل والراجمات والفرقاطات ، هذه الفرية لم تعد تنطلي على الرأي العام لسماجتها، وقد استخدمها المجرم بوش وسلفه الضعيف اوباما وفشلوا،انها اكذوبة بوتين في الحرب على الارهاب ،انها حرب البحث عن الهيمنة والنفوذ والمصالح،ووقودها شعوب المنطقة …