23 ديسمبر، 2024 10:14 م

افصحت التصريحات التي ادلى بها الجنرال جوزيف دان فورد رئيس الاركان الامريكي الجديد امام الكونغرس الامريكي حينما قال (ان لا مكان للسنة في العراق)،الرؤية الامريكية تجاه العراق عموما ،(وسنته )خصوصا،وهي رؤية مزدوجة ،لان العقل الامريكي السياسي ينظر الى العراق ،بوصفه العمق الاستراتيجي له في الشرق الاوسط،عبر كل الادارات الامريكية المتعاقبة ،ولهذا كان استهدافه يمثل اولى الخيارات في التغيير ،بالرغم من ان العراق لم يكن من خانة محور الشر في المنطقة ،الان اتضحت الرؤية كثيرا بعد الغزو الوحشي الغادر على العراق وتدميره وإخراجه من خانة التوازن الدولي والإقليمي ،وأصبح العراق في المنظور الامريكي (سنة وشيعة وأكراد)،بعد ان كان لديهم قبل الاحتلال(عراق صدام حسين)،فكيف حدث هذا التغير في ألرؤية ولماذا في هذا الوقت تظهر هكذا تصريحات تلغي اهم واكبر مكون في العراق والعالم،وماهي نتائجه على مستقبل العراق والمنطقة عموما ،وكيف ينبغي على حكومة العبادي ومن في العملية السياسية الفاشلة ،التعاطي مثل هكذا تصريحات تلغي عمود البيت العراقي ،هنا قراءة اجرائية لما بعد هذه التصريحات ،وخطرها على العملية السياسية التي تعاني الانهيار والفشل والهزيمة، امام خطر تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)،في الفلوجة والانبار وحزام بغداد وغيرها،وهو خطر داهم وحقيقي،وما يجري على الارض هناك،يبعث برسالة شؤم لحكومة العبادي وإيران،في استحالة تحقيق اي (نصر او تقدم على الارض)، تصريح رئيس الاركان الامريكي الجديد ،يبعث اشارة واضحة الى عدة جهات داخلية وخارجية،الخارجية يقول فيها ،اننا من يتحكم بالعراق وليس غيرنا ويقصد ايران،وبالتالي نحن من يقرر خريطة المنطقة يا دول الخليج ،وعليكم تنفيذ اوامرنا بدقة ،وإلا فالعراق نموذجا لكم ولغيركم ،وأيضا يقصد بهذا ايران،ويريد ان يفصح للكونغرس ان ادارة اوباما قادرة على تنفيذ مشروعها في الشرق الاوسط،وان نفوذها يفوق النفوذ الايراني وهي اشارة طمأنة للكونغرس  لتمرير موافقته على التوقيع على البرنامج النووي الايراني،بمعنى تصريح للتسويق الاعلامي ،وان سنة العراق لا يمثلون الشعب العراقي وليست لهم اهمية او نفوذ على الارض في العراق لا سياسي ولا عسكري ولا اقليمي،لهذا فلا لهم اهمية تذكر في السياسة الامريكية ،وان اقصاءهم عن المشهد السياسي ضرورة امريكية ،لتنفيذ مشروعها في العراق والمنطقة دون الحاجة لهم(وهو هنا صادق ومحق تماما من ان السنة هم ضد المشروع الامريكي في المنطقة وهنا بيت القصيد وهو شرف ما بعده شرف لسنة العراق)،اي بمعنى ان(شيعة العراق وأكراده ونقصد السياسيين ومن في العملية السياسية والأحزاب الحاكمة )هم من ينفذ مشاريعنا ويحمي مصالحنا في العراق والمنطقة، هذا هو المعنى من اقصاء سنة العراق وعداء امريكا لهم عبر التاريخ ،ان السنة كانوا ومازالوا وسيبقون ضد نوايا وأهداف امريكا وإداراتها المتعاقبة في العراق والمنطقة ،والتي تستهدف وجود العرب حاضرهم ومستقبلهم ،وتفتيت وتقسيم دولها وإضعافهم وإذلال حكامها ومحو هويتها القومية والعروبية،ضمن اجندة امريكية معروفة ومشروع شهير في التفتيت والتفكيك والتقسيم،وما نشاهد الان في العراق وسوريا واليمن وليبيا يذهب في تحقيق هذا المشروع التدميري للأمة ونهضتها ومستقبلها ،ويتلاقى مع المشروع الايراني الكوني التوسعي في المنطقة،وما توقيع الاتفاق النووي الايراني إلا استكمالا لتحقيق مشاريعهما المستهدفة لروح الامة العربية وهويتها ألقومية(احيلكم الى تصريح النكرة قباد طالباني-لا يوجد شيء اسمه العراق الان) .
هكذا ينفذ عملاء وأقزام امريكا مشروعها ضد العراق،اذن ما هو مستهدف ليس سنة العراق كما يتوهم البعض،وإنما العراق بكل قومياته وأطيافه وطوائفه ومذاهبه هو مصدر القلق لأمريكا وهم من يستهدفه تصريح رئيس الاركان الامريكي،فنقول ،ان هذا التصريح قد حقق مكسبين للسنة في العراق،هو فضح السياسة والرؤية الامريكية لكل العراقيين سنة وشيعة وأكراد وتركمان ومسيحيين ،من انها تنظر لكم على انكم بيادق بيدها تتحكم بكم متى شاءت،والثاني هو ان شعب العراق بكل اطيافه وقومياته رفضوا هذا التصريح واستهجنوه ،لأنهم يدركون ان سنة العراق هم الجزء المكمل لهم تاريخا وحضارة وروحا وتراثا ،ولا يمكن الاستغناء عنهم وتهميشهم وإقصاؤهم ،وقد اثبتت الحكومات التي انتجها الاحتلال الامريكي صحة هذا الكلام ،وان ما يجري على الارض وظهور تنظيم داعش إلا نتيجة طبيعة لهذا الاقصاء والتهميش والعزل عن مصادر القرار السياسي،وقد اعترفت ادارة اوباما بهذا،وأصدرت قرارا صادق عليه الكونغرس الامريكي بتسليح العشائر السنية لمواجهة داعش وخطرها على بغداد كربلاء ،إلا ان التحالف الوطني الشيعي وبتوجيه ايراني معلن رفض ألقرار وتم حفظه وعدم تنفيذه لحد الان ،في حين تم تنفيذ القرار بالنسبة للأكراد فقط دون السنة ،اي بمعنى ان سياسيي العملية السياسية من السنة سقطوا في الفخ الامريكي،وبلعوا الطعم عندما اخلفت الوعد معهم، في تنفيذ الاتفاق السياسي لتشكيل حكومة العبادي ،ومازالوا يصرخون ويطالبون من حيدر العبادي بتنفيذ الاتفاق دون جدوى ،ان تصريح دان فورد رئيس الاركان الجديد ،لا يضيف لنا شيء بقدر ما يفصح نوايا ادارة اوباما القادمة وإستراتيجيته المقبلة في العراق ،وهي تهميش السنة لغرض البدء بالمرحلة الاخيرة وهي تقسيم العراق الى دولتين (دولة شيعية تابعة لإيران حسب الاتفاق النووي الايراني-ودولة كردية تابعة لأمريكا).
 وهذا ما يفسر قوله (اننا ما زلنا وسنبقى نسلح اكراد العراق لأنهم القوة الاكبر في المنطقة وهم حلفاؤنا)،فماذا بقي لسنة العراق من هذا التصريح،الجواب هو ان تصريح دان فورد ،هو زوبعة في فنجان امريكي لقهوة باردة،السنة لا يمكن لأمريكا وغير امريكا من اقصائهم وتهميشهم ابدا ،وان الذي يريد هذا ،عليه ان ينظر الى الواقع وما يجري على الأرض ويستفيد من نتائجه الكارثية، ليس على ألعراق وحسب وبل على العالم كله،السنة هم بيضة القبان في اي اتفاقات اقليمية ودولية ،ولا يمكن اقصاؤهم وتهميشهم كما يتوهم دان فورد وغيره،وعليه الانتباه ان لا مستقبل لأمريكا وحلفائها في العراق ،اذا ما تم اقصاؤهم وتجاهل موقعهم، وأهميته وثقله في تاريخ العراق ومستقبله ،لان العراق لا تستطيع ان تحكمه طائفة واحدة ابدا ،ولا يمكن تقسيمه الى طوائف ابدا ،وهذا الحلم قبره العراقيون منذ ايام الاحتلال ، وفشل قبلهم مشروع بايدن سيء الصيت ، تصريحات دان فورد حلم لن يتحقق مادام العراقيون يؤمنون بعراق للجميع،وليس لطائفة او قومية او مذهب ،وهذا هو سر بقاء العراق عبر التاريخ والقرون وسيبقى…..