22 ديسمبر، 2024 8:41 م

امراء الحرب وسياسة حافة الهاوية !

امراء الحرب وسياسة حافة الهاوية !

اذا كان القول بان الحرب هي امتداد للسياسة بوسائل اخرى ، وهو قول  الستراتيجي الكبير “كلاوسفيتز ” صاحب كتاب ” في الحرب ” ، قد اصبح ، ومنذ زمن بعيد،من المسلمات ، بالنسبة للوعي الانساني المعاصر . فان معاكسته بالقول ان ” السياسة هي امتداد للحرب بوسائل اخرى ” هي  حجر اساس في الوعي السياسي العراقي المعاصر !  ذلك ان القول الاول  صدر عن ارتقاء انساني  وعمق معرفي  لاريب فيه .  اما القول الاخر ، بالاحرى ،  الوعي والممارسة  الاخرى .   فهي قد صدرت وتصدر ،عن انحطاط واضح !
 الحرب ،بالنسبة للنوع الاول ،هي الاستثناء اما السياسة فهي القاعدة . فيما الحر ب وطبولها هي الابجدية الاولى واللغة الوحيدة بالنسبة للنوع الثاني من الوعي . فالانسان ، في اشد عصوره بربرية وتخلفا ، ماكان له من وسيلة يعتمدها ولغة يحاور بها غير الحرب.  وكلما ارتقى وتحضّر كلما اعتمد  ” وسائل اخرى …” حتى انتهى ، منذ زمن بعيد ، الى  اعتماد متزايد للوسيلة الوحيدة المتاحة: …”السياسة فن الممكن ” .  ذلك انك لست الوحيد في العالم . وذاتك ليست مركز الكون . فاللاخرين وجود مثلك . ولهم حقوق كحقوقك . ولذلك فانك لن تستطيع الا تحقيق غاياتك ،جزئيا . وفق صيغة او توافق او عقد اجتماعي يدوّر الزوايا الحادة للجميع ويجلسهم الى مائدة مستديرة . هي مائدة المشاركه والتراضي الوحيدة الممكنة . في اطار مجتمع واحد يراد له البقاء وعدم التفكك . ودون ذلك ، ليس سوى الخراب !
ولكن  لا سياسيين لدينا . بل تجار ومشعلي حرائق ، من كل صنف، وفي افضل الاحوال ، جهلة غاب عنهم وعي حتى مواقع اقدامهم . ولذلك فان السياسة ، كانت وماتزال لدينا ،وهي تصبح على نحو متزايد ،ليست ابدا “فن الممكن “وانما هي ، حافة الهاوية ، او….لينهدم المعبد على من فيه او ….انا ومن بعدي الطوفان !!
فالوطن لي وحدي لانه وطني انا  فقط لاشريك لي فيه والعراق لي وحدي لاني العراقي الوحيد  الصميم والصحيح ، والراي رأيي انا لان الحق يدور معي حيث درت ، والحرص والوطنية اختصني الله بها دون سائر ابناء هذه البقعة  لان الباقين مجرد عملاء وخونة ومشكوك بعراقيتهم … وهكذا الى آخر خصال وافكار وسمات وعي طفولي متخلف ، متورم بمركزية ذات لايسوغها الاّ جهل شنيع !!
لاسياسيين لدينا ، بل خدم اجندات خارجية ومختلسي اموال عامة وفاسدين ينهشون ثدي الوطن الام ،ان لم يقطعو ا حلمته المباركة ويعرضونها برسم البيع . حمقى  بذوات زائفة والقاب طنانة من صنع خيال مريض او  محرض خارجي يضحك من سفاهتهم ،  حتى عيّرنا مسؤول كويتي بان بامكانهم شراء نصف اعضاء مجلس النواب العراقي !!. ولم ينطق عن الهوى ، فطبقة الجهلة والسماسرة واللصوص والحمقى برسم البيع او الايجار وهي بخدمة اية مصلحة الاّ مصلحة العراق . نعم لم ينطق عن الهوى لان الوقائع والايام والصراعات .. والفضائح اوضحت باشد سطوع ممكن ان 90 بالمئة مما سمي ،ظلما وعدوانا ، بالطبقة السياسية هم كذلك فعلا .  ولا يتوقف ذلك على اطراف العملية السياسية  من  حكومة وبرلمانيين ، موالين ومعارضين ، قوائم متفقه او متصارعة بل يتعداه ، وياللأسى ، الى  الكثير من المسميات الاخرى من تجار يتخفون خلف واجهات : معارضة للعملية السياسية او مقاومات او اعلام وطني مستقل حتى انه لمن الوارد جدا ان يكون ليس للكويت فقط امكانية شراء نصف السياسيين  العراقيين بل ولموزمبيق ايضا امكانية شراء بعض منهم ، فمابالك بخزائن البترو دولار ،جنوبيها وشرقيها ،وما بالك بمالكي زمام القوة والسطوة  الاقليمية والعالمية وما بالك باساطين المال و الدعاية !
عاش العراقي ،كل عمره ، قريب من الهاوية و على حافة الاعصار  وفي تهديد مستمر لوجوده , وضنك شديد في لقمة عيشه , ومعاناة اشد من معاناة بلدان المجاعة والجفاف، ناهيك عن انقلابات دامية و حروب عبثية مهلكة . ومع ذلك كان الاكثر تمسكا بوطنيته والاشد تغنيا بها والاكثر حرصا على وحدته . لكنه يجر ،منذ سنوات، الى الهاوية جرا . ويدفع الى عين الاعصار دفعا ، و تتحول ابسط حاجاته ومطالبه  بعيش انساني كريم ، بل وبسيط الى  حلم  مستحيل . و تطلعه الى الشعور بالامن والامان ، وهو ابسط متطلبات الاجتماع الانساني  الى موضوع تهديد مستمر وابتزاز قائم .   والكلام في ذلك ورفع الصوت حول ذلك ، تهويل  مرعب ونذر وشيكة بالحرب !
كانت النكتة السوداء التي يضحك منها العراقي باسى ويبكي منها بمرارة . هي تك العبارة اليائسة التي  يتداولها العراقيون جميعا: “…هاي عقوبتها اقل شي اعدام ” . كان الاعدام هو اقل عقوبة في قانون وممارسة حكم لاتعتمد سواه !…  اما اليوم .. ، في زمن “التوتسي والتوهو “…فاقل شيء هو الاعدام الجماعي .. اعدام العراقيين جميعا ..   اعدام العراق بالحرب الاهلية التي يؤكد الجميع انها سوف لن تبقي ولن تذر ! فلا قدرة ، كما يتضح ، على  حل اية مشكلة ، ولا تعاطي مع اية مشكلة عبر تناول عقلاني يستهدف الحل فعلا ،  لان لا  رغبة جادة وحقيقية  في زحزحة او حل اية مشكلة ،والمهم في الامر دائما ، التوظيف  والاستثمار ، توظيف المشكلة  واستثمارها  اعلاميا او سياسيا او تحريضيا من جانب، او التاجيل والتسويف والترقيع ، والاستثمار كذلك بالطبع ، من جانب اخر ,  لان في التسويف وعدم وضع الحلول ادامة لحالة  اجتماعية وسياسية تخدم المستثمرين ،  وذلك يحيلنا مرة اخرى الى البداية . ليس لدينا سياسيين . انما تجار حروب وخدم اجندات ولصوص سياسة ومحرضين محترفين على القتل !
لا طريق امامنا ، اذن ،كعراقيين ليس لهم من وطن الا العراق …لاطريق امامنا كوطنيين احبو ا بلادهم من القلب وضحوا من اجلها … لاطريق امام من عرف عذاب السجون والمعتقلات حالما بعراق مشرق  موحد ، حر وديمقراطي  ، لا طريق امامكنا من اجل ابنائنا وعوائلنا ، الاّ الالتصاق بذواتنا ، الالتصاق بالعراق ، والعراق وحده ، ترابا وشعبا ، شعبا بمختلف الوانه وقومياته وطوائفه واديانه ، حقا وفعلا ،و اولا واخيرا ،. وليذهب امير قبائل “التوتسي “، وقائد جيش “التوهو ” الى الجحيم !