في مقولة مشهورة قالها الامام علي عليه السلام وهي سلوني قبل ان تفقدوني ، مقولة كبيرة لها ابعاد كبيرة وكثيرة لا تصدر الا من شخص يحمل امتيازات خاصة .
الاشكال الذي اثار الجدل كثيرا لدى مخالفيه هي علاقته مع الله عز وجل مرورا بالنبي محمد صلى الله عليه واله هذه العلاقة تتبلور بما منحه الله عز وجل من بعض الصفات التي ينفرد بها لتجعله يتربع على الامامة بعد الرسول .
لا نريد ان نستشهد بما قاله رسول الله عن الامام علي عليه السلام ومثبتة في مصادر المسلمين سنة وشيعة ، ولا نريد ان ندخل في جدل تفسير الايات التي تشير الى الامام علي عليه السلام بالرغم من اعتراف القوم بذلك وحاولوا جاهدين انفسهم في تهميش هذه الصفة او تلك وعدم منحها الامتياز مثلا اية المباهلة ( انفسنا وانفسكم ) ومهما كانت التبريرات والتاويلات فان الحقيقة لا تتاثر بماهيتها وباشخاصها .
قد لا نستطيع ان نثبت ان لدى الامام علي عليه السلام امتيازات خاصة منحها الله عز وجل له منها مثلا علمه بعواقب بعض الامور في حياته وبلغ عنها وهي دليل قاطع على شانيته عند الله عز وجل .
عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: سألت أبي عن علي ومعاوية؛ فقال: اعلم أن عليا كان كثير الأعداء؛ ففتش له أعداؤه شيئا؛ فلم يجدوه فجاؤا إلى رجل قد حاربه وقاتله؛ فأطروه كيدا منهم له (الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة، أحمد بن حجر الهيتمي المكي، ص127)
يتصف الامام علي عليه السلام بصفات لايمكن ان تجتمع في غيره بعد رسول الله (ص) قد يكون هنالك شخص يمتاز بالشجاعة فقط او بالكرم او بالحكمة لكن يتصف بكل الصفات الحميدة هذا غير ممكن بل مستحيل الا علي عليه السلام ولست بصدد ذكر الشواهد فان القصص يتحدث عنها التاريخ لدى كل البشرية مسلمين وغير مسلمين .
ما يتصف به الامام علي عليه السلام لم ياخذه من معلم غير رسول الله أي لو سال سائل من اين للامام علي هذه العلمية لابد له من معلم فالمعلم هو رسول الله (ص) .
وهنا عندما لا نستطيع ان نثبت ما منحه الله عز وجل من امتيازات لانها امر غيبي ، نقول ان الغاية من منحه الامتيازات ان يظهرها بشكل عملي في حياته لكي يثبت مكانته ، قد يكابر القوم على حساب شجاعته كرمه علميته اخلاقه لكن هنالك محطات في حياته عجزوا عن الاتيان بمثلها اذكر لكم رواية واحدة ومن مصادر القوم في الكامل في التاريخ: إن الخوارج قصدوا جسر النهر وكانوا غربه، فقال لعلي أصحابه: إنهم قد عبروا النهر! فقال: لن يعبروا.
فأرسلوا طليعة، فعاد وأخبرهم أنهم عبروا النهر، وكان بينهم وبينه نطفة من النهر، فلخوف الطليعة منهم لم يقربهم، فعاد فقال: إنهم قد عبروا النهر.
فقال علي: والله ما عبروه، وإن مصارعهم لدون الجسر، ووالله لا يقتل منكم عشرة، ولا يسلم منهم عشرة.
فقال شاب من الناس: والله لأكونن قريبا منه فإن كانوا عبروا النهر لأجعلن سنان هذا الرمح في عينيه أيدعي علم الغيب؟!
وتقدم علي إليهم فرآهم عند الجسر لم يعبروه، وكان الناس قد شكوا في قوله، وارتاب به بعضهم، فلما رأوا الخوارج لم يعبروا كبروا، وأخبروا عليا بحالهم ومنهم الشاب الذي طلب العفو، فقال: والله، ما كذبت ولا كذبت (الكامل في التاريخ: ٢ / 405) ، علم باحداث المعركة قبل وقوعها على ماذا يدل ذلك ؟
واما نهج البلاغة فقد قيل عنه انه كلام دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ، وهذا يعني ان مافي كلامه من علوم مختلفة دينية ودنيوية لا نظير لها مع قوة بلاغته في التعبير الكلامي .
واما لجوء الخلفاء له حدث بلا حرج ولم يسال قط وقال لا علم لي وهذا دليل قاطع على ما منحه الله عز وجل من امتيازات .