التأريخ يخبرنا بأن ما ينفع الناس يبقى ويتطور وما يضرهم يتلاشى ويغيب , وأي ظاهرة تضر البشر مصيرها إلى زوال حتمي وأكيد.
التأريخ يعلّمنا أن الحياة تتطور وتتقدم وترتقي في مدارج القرون , فالقرن اللاحق أرقى من القرن السابق , بل أن العقد اللاحق أكثر رقيا من العقد الذي سبقه , وتلك سنة الدوران وطاقته الواعدة بالمستجدات والولادات الأصيلة من تلاقح عناصر الوجود فوق التراب.
فالمتشائمون يجهلون قوانين الدوران والحياة ومآلات التفاعلات الحاصلة , والتي ستؤدي إلى ما هو أكثر تقدما وقوة منها.
فالمجتمع البشري في القرن الحادي والعشرين أكثر تقدما منه في القرن العشرين , ومسيرات البشرية تتحرك بمسارات صاعدة ذات أهداف مطلقة وساطعة.
فالبشرية اليوم تعيش في عصر ما بعد الصناعة , وقد مضت في مسيرها من العصور الحجرية إلى الزراعية والصناعية إلى ما وصلت إليه في القرن الحادي والعشرين.
ولا يمكن إطلاق الأحكام والتعميمات إنطلاقا من حالة مجتمع هنا أو هناك , فالرؤية الشاملة للواقع البشري متفائلة وواعدة بالخيرات , أما الإنطلاق من مجتمعات ذات فساد وأنظمة حكم فاشلة ونتصور أن الدنيا كذلك فهذا إنحراف في التقدير والتقييم.
الدنيا تتقدم وترتقي وهناك مجتمعات هامدة نزفت رحيق الحياة وجففت عروق وجودها , وتريد أن توهم أبناءها بأن الدنيا نقطة سوداء , والحياة مأزق علينا أن نتخلص منه بالموت المؤدلج بالأضاليل والدجل والبهتان.
ويلعب تجار الدين ومرتزقته دورهم في هذه المجتمعات الموؤدة بغفلتها وسعيرها الإنفعالي التدميري , الذي يجعلها كيانات متفحمة قابلة للإحتراق والتحوّل إلى دخان ورماد.
والمطلوب من المثقفين أن يرسموا صورة الحياة بوضوح وصدق وشفافية , لكي يحرروا هذه المجتمعات من أصفاد الإمتهان والإستعباد بما يسمونه دين , وهو لا يمت بصلة إلى جوهر دين.
فهل من جرأة على قول الحق رغم أنف المتسلطين على رقاب الابرياء بإدّعاء دين؟!!