23 ديسمبر، 2024 3:27 ص

اليهود في التشريعات العراقية

اليهود في التشريعات العراقية

القسم الثالث
*- لقد كان ( ليونيل روتشيلد 1868-1937 ) هو المسؤول عن فروع إنكلترا وزعيم الطائفة اليهودية فيها ، وتقرب إليه كل من حاييم وايزمان – عضو عصابة الهاجانا وأول رئيس للكيان الإسرائيلي ، وناحوم سوكولوف – الذي كان صحفيا وكاتبا يهوديا بولنديا ومن زعماء الحركة الصهيونية والمؤرخ الرسمي لها . حيث شغل مناصب مختلفة في الاتحاد الصهيوني العالمي حتى أصبح رئيسا للإتحاد للسنوات 1932- 1935 . ومن المفارقات أنه كان رافضا للصهيونية حتى حضوره المؤتمر الصهيوني الأول ليتغير تفكيره وليصبح من أكثر المؤيدين لها ، حيث عقد المؤتمر في كازينو بلدية مدينة بازل السويسرية يوم 29/8/1897 ، وهو المؤتمر الإفتتاحي للمنظمة الصهيونية ، بعد أن تأكد (هرتزل) من عدم حماس أغنياء اليهود بالمساعدة في تمويل مشروعه ، بالعمل على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين أو الأرجنتين أو أوغندا . وقد ضم المؤتمر كل الجاليات اليهودية ، بهدف العمل على تنفيذ المشروع الذي كان الأساس في إنشاء ما يعرف ببرنامج بازل . وقد نجح ( تيودور هرتزل) في الترويج لفكرة إستعمار فلسطين وإقامة وطن لليهود فيها . وكان من أهم نتائج المؤتمر إقامة المنظمة الصهيونية العالمية ، لتنفيذ البرنامج الصهيوني الذي ينص على أن ( هدف الصهيوني هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يضمنه القانون العام ) ، بإتباع ما تقرر من وسائل ( تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين – تنظيم اليهود وربطهم بالحركة الصهيونية – إتخاذ السبل والتدابير للحصول على تأييد دول العالم للهدف الصهيوني ( إعطاءه شرعية دولية ) – تشكيل المنظمة الصهيونية العالمية بقيادة تيودور هرتزل – تشكيل الجهاز التنفيذي ( الوكالة اليهودية ) لقرارات المؤتمر ، ومنها جمع الأموال في صندوق قومي لشراء الأراضي وإرسال مهاجرين يهود لإقامة مستعمرات في فلسطين ) . وذلك هو الذي تحقق على أرض فلسطين سنة 1948 .
*- لقد نشر ( ناحوم سوكولوف ) كتابا بالعبرية طور من خلاله أسلوبا عبريا في التعبير ، كان له الأثر الكبير في تطوير اللغة العبرية وإستخداماتها ، وكان من أهم كتبه ( تأريخ الصهيونية ) الصادر سنة 1917 ، الذي يعد أول تأريخ للصهيونية . غير أن إهتماماته الأدبية لم تمنعه من أن يصبح زعيما صهيونيا بارزا ، فقد شغل منصب السكرتير العام للمنظمة الصهيونية العالمية ، وبنشوب الحرب العالمية الأولى أوفد إلى إنكلترا مع وايزمان للحصول على تأييدها للحركة ، كما قام بمهمة مشابهة في إيطاليا وفرنسا وحصل على تصريح من فرنسا بتأييد الحركة الصهيونية . وفي نفس العام حصل على وعد بلفور . وفي عام 1919 ترأس الوفد الصهيوني في مؤتمر الصلح في باريس ( مؤتمر فرساي ) . ولعل من غير المتوقع والمتأخر جدا معرفة الجيل الذي لا يقرأ ، أن دور الدولة الفرنسية الفعلي كان أكبر وأكثر تأثيرا من غيرها من الدول الإستعمارية الأخرى بإستثناء بريطانيا ذات السبق معها ، في تقسيم وتجزأة الوطن العربي من خلال إتفاقية ( سايكس بيكو ) سنة 1916 ، وتأييدها ودعمها للحركة الصهيونية في إقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية . قياسا بعلاقات التعاون والصداقة معها بعد ذلك ؟!، من دون إعتبار لمواقف إيذائها الشديد للعرب والمسلمين ؟!.
*- لقد نجح حاييم وايزمان وناحوم سوكولوف في إقناع ليونيل روتشيلد ، بالسعي لدى حكومة بريطانيا لمساعدة اليهود في بناء وطن قومي لهم في فلسطين ، وقد سعى بذلك وبالإضافة لإستصدار وعد بلفور ، إلى إنشاء فيلق يهودي داخل الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى , وقام جيمس أرماند روتشيلد (1878-1957) بجمع المتطوعين له ، ثم تولى رئاسة هيئة الهجرة إلى فلسطين والتي تسمي بالوكالة اليهودية ، وتولى والده تمويل المشاريع الإقتصادية في فلسطين ومنها مبنى الكنيست الإسرائيلي الحالي في القدس . لقد تم إصدار وعد بلفور بعد تقديم عائله روتشيلد مساعدات مالية ضخمة لبريطانيا التي كانت على وشك إعلان هزيمتها على يد الألمان ، كما كانت من أكبر الممولين للهجرة اليهودية إلى فلسطين . لقد كانت رسالة بلفور بصيغة ( يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته ، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية ، وقد عرض على الوزارة وأقرته – إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي ، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية ، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين ، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر ، وسأكون ممتنا إذا ما أحطتم الإتحاد الصهيوني علما بهذا التصريح . المخلص آرثر جيمس بلفور ) .
* لقد توقفت كثيرا عند جملتي ( أماني اليهود والصهيونية ) و ( أحطتم الإتحاد الصهيوني ) الواردتين في نص الوعد ، مسترجعا هتافنا الوطني ( فلسطين عربية فلتسقط الصهيونية ) ومتعرفا على السبب الذي لم يكن للعرب والمسلمين دور في إعداده وصياغته ، ومستذكرا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المرقم (3379) في10/11/1975، الذي أعتمد بتصويت (72) دولة بنعم ، مقابل (35) بلا ، وإمتناع (32) عضوا عن التصويت ، بإعتبار ( أن الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري ) ، ومطالبة القرار جميع دول العالم بمقاومة الأيدولجية الصهيونية التي تشكل خطرا على الأمن والسلم العالميين ، وعرفت كيف أن العالم يدور في فلك لعبة الأمم ، على حساب تضحيات الشعوب الرخيصة سياسيا إلى حد أنها مجانية وبدون ثمن .