18 ديسمبر، 2024 5:45 م

اليمن : ديفيد هيرست عندما ينطق بالحقائق.

اليمن : ديفيد هيرست عندما ينطق بالحقائق.

يعد ديفيد هيرست ( David HIRST ) كبير الكتاب فى صحيفة ” الجارديان ” البريطانية السابق و مدير تحرير ” ميدل ايست آى ” أحد أهم الصحفيين المتابعين لشؤون الشرق الاوسط و المطلعين على أكثر الاسرار المتعلقة بالصراع العربى الصهيونى و هو أحد الصحفيين الاجانب القلائل الذى يغطى الاحداث فى المنطقة و يقدم وجبات اعلامية دسمة تعد من المراجع لكل المتابعين ، طبعا ما يكتبه هذا الصحفى تتناقله كبرى الصحف و المواقع و وسائل الاعلام العالمية بكل انتباه و تثير هذه الكتابات كثيرا من المحللين السياسيين لالتقاط كل ما يكتبه الرجل بين السطور و لذلك كان مثيرا جدا أن يتحدث عن الحرب الدموية القذرة التى يشنها النظام السعودى بمعية بعض الدول التى اصبحت أداة لخدمة المصالح الصهيونية ، يصف ديفيد القادة العرب الذين يقصفون الشعب اليمنى و يقتلون ابناءه غدرا و بهتانا بأنهم جيل من الاشقياء الخليجيين الشباب الذين لا يظهرون الوقار و الاحترام ، هذا التوصيف الدقيق يختزل كل الحقائق التى يعلمها الجميع عن هؤلاء القادة الذين انخرطوا فى مذبحة اليمن و الذين تكتشف الشعوب العربية يوما بعد يوم انخراطهم فى تنفيذ المشروع الصهيونى و التطبيع المباشر مع كيان العدو .

منذ فترة صرح هذا الكاتب أن السعودية والإمارات فشلتا في تحقيق طموحهما وخسرتا نفوذهما. وقال هيرست ” إن الحفاوة التي استقبلت بها الرياض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان من المفترض أن ينذر ذلك ببدء تحالف جديد بين الدول العربية ضد إيران والإسلام السياسي ، لكنه كان في الواقع تحالف العصر الجديد تُعميه أوهام الغرور. لقد ظنوا أنَّ بإمكانهم إعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق أهوائهم ومصالحهم. لكنهم فشلوا وبدؤوا من الآن يستيقظون على الصداع الذي أصابوا أنفسهم به”… فى مكان اخر يقول الكاتب إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وبعد مرور أكثر من عامين على حرب اليمن قد «نجح في توحيد اليمنيين ضده » مشدداً على أن بن سلمان ومن خلال تلك الحرب عمد إلى إطلاق النار على قدميه مراراً وتكراراً…. يضيف الكاتب فى توصيفه لما حصل و يحصل منذ بدء عاصفة الحزم السعودية فيقول ” أنه ثبت بأن أول مغامرة عسكرية يطلقها النظام الجديد في الرياض آلت إلى فشل ذريع من الناحية التكتيكية والإستراتيجية . و أنه بعد عامين من الحرب يبدو أن تحالف القوات البرية الذي شكله السعوديون على وشك الانهيار و ان النظام يتكبد نسبة عالية جدا من الخسائر فى الارواح ” ، ما يؤكده الكاتب مهم من ناحية أنه يأتى على لسان طرف محايد معروف بنزاهته المهنية لكن الاهم أن هذه القراءة الميدانية و السياسية و العسكرية لما يحدث فى اليمن من عدوان همجى تأتى و الشعب اليمنى يحقق مزيدا من الانتصارات بضرب معاقل النظام السعودى و هو ما يشكل معجزة فى نظر كثير من المحللين .

يعتقد محمد بن سلمان أنه طالما نفذ الاجندة الامريكية الصهيونية فى سوريا و العراق فلا شيء يهم و أنه بمقدوره ان يستمر فى تدمير اليمن و قتل شعبه و تشريده و أن العالم لن يحرك أصبعا لاتهامه بارتكاب جرائم ضد الانسانية لكن من الثابت ان مقالات السيد ديفيد هيرست تشكل بداية حالة من الوعى العالمى بخطورة النظام السعودى على السلم العالمية بحيث يعتقد الكثيرون اليوم ان هذا النظام الدموى الاستبدادى لا يقل وحشية و بربرية عن نظام الميز العنصرى الصهيونى ، عندما تصل لجنة تحقيق الكونغرس فى احداث 11 سبتمبر 2001 بان السعودية تمارس ارهاب الدولة و ان النظام مسئول مسئولية مباشرة عن الضحايا فى تلك الاحداث التى غيرت صورة العالم و دفع العراق و النظام ثمنها و حين يتم التصويت بالإجماع على قانون ” جاستا ” الشهير الذى يفرض على هذا النظام الخارج عن القانون مثل اسرائيل بدفع التعويضات للمتضررين فى شك أن ذلك يمثل نقطة تحول فى الرأى العام العالمى لذلك نقول أن امريكا لن تستمر الى ما لا نهاية فى حماية هذا الكيان العنصرى المخيف و لنا فى دروس مبارك و بن على و غيرهم دروس و عظة .

اثبتت الحرب فى اليمن مرة اخرى للمتابعين أن القصف الجوى للمدنيين العزل لا يحقق انتصارا مهما كان نوعه كما اثبتت ان الانتصار فى مثل هذه الحروب العبثية يكون دائما لأصحاب الارض الذين يكونون مستعدين دائما لتقديم الثمن مهما كان غاليا و لذلك شاهدنا معجزة عسكرية سياسية امنية يمنية بكل المقاييس لان موازين القوى لم تكن متكافئة بالمرة و تميل بقوة لصالح دول العدوان و فى هذا السياق فان مجرد توصل الشعب اليمنى الى توجيه صاروخين باليستيين الى قلب الرياض و دك قصور و قواعد النظام بما أحدث رجة بسيكولوجية كبرى فى نفوس العائلة الفاسدة فذلك يمثل انتصارا عسكريا و اعلان فشل مدوى لحكم آل سعود ، فشل النظام على كل الاصعدة بات مكشوفا و يأتى ليؤكد كل التحاليل التى تحدثت عن عبثية هذه الحرب و فشلها المعلن و حين يصرح الكاتب البريطانى بأنه لم يعد ثمة شك في أن الرياض باتت عاصمة القلاقل في الشرق الأوسط وأن التحركات التي قام بها الأمير الذي يبلغ من العمر 32 عامًا ليستحوذ على السلطة بشكل مطلق بإمكانها أن تزعزع الأمن والاستقرار في البلدان المجاورة فان هذا التصريح يأتى ككشف حساب ستليه كشوفات سلبية أخرى تقض مضاجع النظام و تدفعه الى حافة الهاوية .