شنت الولايات المتحدة الأمريكية هجوماً نووياً مُريعاً؛ ضد اليابان أوخرالحرب العالمية الثانية، حيث قصفت مدينتي هيروشيما وناكازاكي، باستخدام قنابل نووية، بسبب رفض الأخير تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام، ونصه: أن تستسلم اليابان إستسلاماً كاملاً بدون قيد أوشرط؛ إلا أن رئيس الوزراء الياباني آنذاك “سوزوكي” رفض التقرير رفضاً قاطعاً وتجاهل المهلة التي حدَّدها إعلان بوتسدام، وأثر ذلك، أصدر الرئيس الأمريكي هاري ترومان، قراراً يقضي بقصف مدينتي هيروشيما وناكازاكي بقنابل نووية أسموها”الولد الصغير” في 6 أغسطس آب عام 1945 .
جعلت التفجيرات اليابان، تعتمد على الإمكانيات الذاتية، وإعادة ترميم مع دمرته الحرب، وتفجرت ثورة صناعية كبرى، وأصبحت اليابان من الدول الصناعية الكبرى، وإعتمدت المباديء الثلاثة غير النووية بعد الحرب، والتي تمنع الأمة من التسلح النووي.
المقارنة بين الدول التي خاضت الحرب العالمية الثانية، والدول العربية التي تضررت جراء مثل هذه الحروب، والحرب الباردة، وأخيراً ما يسمى “ثورات الربيع العربي” التي كانت طعماً للشعوب العربية، وإيهام هذه الشعوب بالحرية والإستقلال، لم تستفد الشعوب العربية للأسف من تجربة اليابان وغيرها من الدول، بل إتجهت الدول العربية الى النزاعات الداخلية، وإستسلمت إلى مبدء (فرق تسد) الذي أعلنته الدول الطامعة في خيرات العرب.
أولى ثورات الربيع العربي التي لم يتداولها الإعلام، وبما يناسبها؛ هي : الإنتفاضة الشعبانية التي إندلعت في العراق، بعد التدخل العسكري لقوات الطاغية صدام في الكويت، لكن، هذه الإنتفاضة لم ترق الى الأمريكان وسواهم، لأن هذه الأنتفاضة، لم تتبنى أهدافاً خاصة لدول التحالف آنذاك، بل إنتفض الشعب، معلناً التحرر من زبانية أمريكا وعملاؤها المتمثل بنظام البعث ومن إنتهج سياستهم التعسفية ضد أبناء الشعب العراقي البطل.
حركات احتجاجية سلمية ضخمة انطلقت في بعض البلدان العربية أواخر عام 2010، متأثرة بالثورة التونسية التي اندلعت نتيجة لقيام المواطن التونسي محمد البوعزيزي بإحراق نفسه علناً؛ بسبب الضعف الإقتصادي، وعدم توفر فرص عمل، سقط زين العابدين بن علي، و أسباب إسقاطه: انتشار الفساد والركود الاقتصاديّ وسوء الأحوال المَعيشية، إضافة إلى التضييق السياسيّ والأمني وعدم نزاهة الانتخابات في معظم البلاد العربية، ولا زالت هذه الحركة الإحتجاجية مستمرة حتى هذه اللحظة.
نجحت الثورات العربية (الربيع العربي) بالإطاحة بأربعة أنظمة حتى الآن، فبعدَ الثورة التونسية نجحت ثورة 25 يناير المصرية بإسقاط الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ثم ثورة 17 فبراير الليبية بقتل معمر القذافي وإسقاط نظامه، فالثورة اليمنية التي أجبرت علي عبد الله صالح على التنحي.
“الشعب يريد إسقاط النظام”؛ وسقطت الأنظمة، ماالذي حصل؟! ومن سيطر على الشارع، ومن هي الحركات التي إستغلت الفجوة العميقة التي أحدثتها الربيع القاتل؟للأسف لم تستغل هذه الصحوة العربية بما يناسب طموحات الشعب عموماً؛ بل إتجه الثائرون الى طريقٍ خاطئ، لينخرط بين صفوفهم، متأسلمين يدعّون الإسلام، وحقيقتهم هي: تغيير الأهداف الحقيقية لثورات الربيع العربي، والآثار التي تُترك تضاهي الدمار الذي خلفته قنابل “الولد الصغير” التي إستهدفت اليابان عام 1945.