18 ديسمبر، 2024 11:15 م

الى من يعشقون اوطانهم وتذكير الى من باعوا الاوطان

الى من يعشقون اوطانهم وتذكير الى من باعوا الاوطان

الوطن: هو بضع أحرفٍ تُكوّن كلمة صغيرة في حجمها ولكنّها كبيرة في المعنى؛ فالوطن هو بمثابة الأم والأسرة، وهو الحضن الدّافئ لكلّ مواطنٍ على أرضه، وهو المكان الّذي نترعرع على أرضه، ونأكل من ثماره، ونأكل من خيراته؛ فمهما ابتعدنا عنه يبقى في قلوبنا دائماً.

يولد حبّ الوطن مع المواطن منذ الولادة؛ لذلك يُعتبر حبّ الوطن أمراً فطريّاً ينشأ عليه الفرد؛ حيث يشعر بأنّ هناك علاقة تربط بينه وبين هذه الأرض الّتي ينمو ويدفأ في حضنها.

وحبّ الوطن ليس حكراً على أحد؛ حيث إنّ كلّ فردٍ يعشق ويحبّ وطنه، وإنّ ديننا الإسلاميّ يحثّنا على حبّ الوطن والوفاء له، ولعلّ أكبر مثال نورده في هذا الموضوع حين أجبر رسولنا الحبيب -صلّى الله عليه وسلّم- على فراق وطنه الغالي مكّة، فعندما خرج منها مجبوراً قال: “ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنّ قومك أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ”؛ فمن كلام رسولنا الكريم يتبيّن لنا واجب الحبّ الّذي يجب أن يكون مزروعاً في قلب كلّ شخصٍ سواء كان صغيراً أم كبيراً.

ويعتبر حبّ الوطن رمزاً وفخراً واعتزازاً؛ لذلك يجب علينا أن ندافع عنه ونحميه بكلّ قوّة، وأن نحفظه كما يحفظنا، وأن نقدّره لتوفيره الأمن لنا؛ فلهذا الوطن حقوقٌ يجب على كلّ فرد أن يلتزم بها ما دام يعيش فيه، ويأكل ويشرب من خيراته، ومن هذه الحقوق: المحافظة عليه، وحمايته من كلّ شر، والارتقاء به إلى أعلى المراتب، والمحافظة على نظافته، وحماية ممتلكاته العامّة، وأن نفديه بأرواحنا في حال تعرّض لأيّ خطر؛ حيث قال الشاعر في حبّ الوطن:
بدم الأحرار سأرويه
وبماضي العزم سأبنيه
وأشيّده وطناً نضراً
وأقدّمه لابني حُرّاً
فيصون حماه ويفديه
بعزيمة ليث هجام

ومن واجب الدولة أيضاً أن تحافظ على الوطن وتحميه، وأن تعدّ له الجيل القويّ المتين عن طريق إعداد الشّباب وتدريبهم وتعليمهم؛ فهم الحامي الأوّل والرّاعي له. وبالإضافة إلى ذلك فإنّ للوطن حقوق على الآباء والأمّهات؛ حيث يتوجّب عليهم أن يعلّموا أبناءهم حبّ الوطن، وأن يغرسوا في قلوبهم القيم والمبادئ الّتي عليهم اتّباعها، ويجب أن يحرصوا على بناء أولادٍ أقوياءٍ أصحّاء جاهزين لخدمة الوطن في أيّ وقتٍ كان.

ولو نظرنا إلى تاريخنا لرأينا الكثير من الأبطال والمجاهدين الّذين سقوا أرضهم بدمائهم للدّفاع عنها وتحريرها من الاستعمار؛ فكلّ هذا نابعٌ من حبّ الوطن والتّضحية من أجله بالدّماء والأرواح، فلا يمكن التّهاون مع من يسرق الأوطان ويستعمرها، وليس علينا أن نخاف إذا قمنا بإنشاء جيلٍ يضحّي بكلّ ما يملك من أجل الوطن، فهو تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا الّذي سيصنع أمجادنا ويسطّرها على مرّ الزمان.