23 ديسمبر، 2024 5:39 م

الى محافظ بغداد وامينها ، اوقفوا مشاريع استنزاف المال العام

الى محافظ بغداد وامينها ، اوقفوا مشاريع استنزاف المال العام

 ان المتابع البسيط لعدد كبير من المشاريع العمرانية في بغداد لاسيما المشاريع المستعجلة التي نفذت قبيل انعقاد القمة العربية يدرك بسهولة مدى الهدر الكبير للمال العام ، وفي مراجعة لبعض هذه المشاريع التي نفذت وتنفذ في بغداد منذ عدة سنوات يمكننا ان نصفها بالترقيعية والبائسة او الغريبة والعجيبة التي تفتقر الى التخطيط والرؤيا المستقبلية والدراسة العلمية والتنسيق المسبق مع الدوائر ذات العلاقة ، وهذه المؤشرات التي يتحسسها المواطن البسيط  مع انتهاء كل مقاولة من هذه المقاولات جاءت نتيجة سوء او غرابة التنفيذ ، حيث لن تنهض مشاريع تلك المقاولات ببغداد الحضارة والجمال ولم تمحو من معالمها اثار الحروب والدمار والفوضى التي تعم مدنها وشوارعها وارصفتها بل زادت من بؤسها وتخلفها عن بقية العواصم حتى الفقيرة منها.

هناك نماذج كثيرة من هذه المشاريع التي اعلنتها محافظة وامانة بغداد كالمجسرات المحيرة للعقول التي تدعو للاستغراب كمجسر ساحة قحطان الذي يتفاجأ اصحاب المركبات بسكة القطار التي لاتبعد عن المجسر الا امتارا قليلة حيث تسبب يوميا بحوادث الاصطدام المؤسفة بالوقت الذي كان من المفترض ان يكون هذا المجسر فوق هذه السكة التي تعتبر السبب الرئيس في الازدحام في هذه المنطقة منذ عقود ، وغيرها من المجسرات مثل مجسر الصالحية والعلاوي والشعب والبقية تأتي ، فضلاً عن سوء تأثيث واعمار الجسرين البغداديين العريقين الاحرار والشهداء كما اشرنا لذلك في موضوع سابق.

 والحال لايبدو افضل في الجزرات الوسطية التي يتم حفرها وزرعها وتاثيثها عدة مرات خلال فترات متقاربة وشارع شقق الصالحية خير مثال  على ذلك ، او ظاهرة مقاولات وضع ثم رفع الاسيجة الحديدة حول المتنزهات الصغيرة المهملة المنتشرة في مناطق بغداد ، او زراعة الاشجار المعمرة كالسدرة ( النبكة) اوالقلم طوز اوالسيسبان في اواني بلاستيكية صغيرة ووضعها في الجزرات الوسطية للمجسرات ومفترقات الطرق وسرعان ما يتم تلف الكثيرمنها لعدم استيعابها لحجم تلك الاشجار ، او الظاهرة البدائية لصبغ الارصفة خلال ساعات النهار وفي ذروة حركة المجتمع دون وضع حواجز او علامات مهذبة تشير الى هذه الحملة ” البربرية” مما تتسبب بتلف الصبغ والاضرار بالمارة ، وهذه المقاولة التي تنفذ على طريقة  “عباس المستعجل”  على ارصفة تتراكم عليها طبقات سميكة من الاوساخ ومن الطبيعي ان تُكون هذه الاوساخ منطقة عازلة تؤدي الى زوال الصبغ خلال فترة قصيرة ، مما يدعو الى تنفيذ مقاولة ترقيعية اخرى ، علما ان كل دول العالم ومنذ عقود اصبحت  تستخدم اصباغ ذات مواصفات خاصة يتم استخدامها في تأثيث الشوارع والارصفة التي تراعى فيها الظروف المناخية المختلفة ، والامر لايختلف في مقاولات اعادة تأثيث الارصفة حيث سرعان ما تتعرض اجزاء كبيرة منها بعد عملية التبليط الى الحفر من قبل دوائر الامانة او دوائر اخرى وتترك تلك الحفر خاصة العميقة منها دون ردمها اواعادة الحجر المقرنص الى حالته الاولى فتتجمع فيها المياه الآسنة والاوساخ مما تتسبب بحوادث مؤسفة للمارة لاسيما للاطفال،.

 هذه الصور المؤسفة تعكس بلاشك  تجاهل اللجان الفنية والرقابية التي تشرف على حسن تنفيذ هذه المشاريع الاستنزافية الترقيعية او التي تدعوا للاستغراب الى اعتماد ادنى المواصفات العالمية ، فتدخل هذه المقاولات وبقوة في بورصة الهدر المنظم والمتواصل لاموال العراقيين المغلوب على امرهم لاسيما الفقراء والارامل والعجزة والمعاقين الذين يتأملون كل شهرين الاعانات الاجتماعية الخجولة .
    
وفي مراجعة عامة للارقام الفلكية التي صرفت وتصرف على هذه المشاريع ، نجد ان هذه الاموال لو خضعت للوازع الوطني والرقابة النزيهة ثم الى التخطيط والدراسة والتنسيق لما اجيزت او رصدت لها تلك الاموال الطائلة لتنفيذها ، ولو احسن توظيبها في مشاريع عصرية مدروسة لاصبحت بغداد تضاهي المدن الجميلة نظراً لمتلاكها مقومات الجمال والتراث والتاريخ ، لكن تراكم هذه المشاريع ” مسلوبة الذمة ” جعلت حال عروس العراق التي تغنى بها الشعراء وتحدث عنها الادباء من مشارق الارض ومغاربها ، مدينة تحتضر مع اهمال واندثار متواصل لمعالمها التراثية والحضرية. ويؤسفني ان تخالف الحقيقة والواقع قول شاعرنا الخالد مصطفى جمال الدين…
بغداد ما اشتبكت عليك الأعصرُ.. إلاّ ذوت ووريق عمرك أخضرُ .