18 ديسمبر، 2024 7:55 م

الى متى تستبيحنا أدوات طهران؟

الى متى تستبيحنا أدوات طهران؟

بعد مشهد الفجيعة والصدمة والكارثة في مرفأ بيروت الذي هز وأبكى واغضب الملايين ليس فقط في لبنان والوطن العربي بل وأرجاء المعمورة٬ خرج أمين عام حزب الله يخطب بهدوء مريب وبابتسامة وسط الدمار ليقول خذوني ! اعتاد الظهور بشكل منتظم في المناسبات لالقاء خطبه وايصال رسائله ٬ وأفتخر في لقاء تلفزيوني بثته قناة قريبة له بتمكنه من صورته الإعلامية ومن محتوى خطبه وطريقة القائه ٬ لكن ومنذ فترة تتكرر العثرات والاخطاء حول “المعلومات الاكيدة والقطعية “في خطبه ولعده مرات آخرها الخطبة حول الفاجعة والابتسامة التي استهجنها عامة الناس لعدم احترامها المصاب ولتهتز هذه المرة “صورة القائد ” الذي تهتف له جماهير الضاحية “لبيك يا نصر الله “٬ امام الشعب اللبناني المنكوب الذي يعرفه هو وحزبه حق المعرفة وخبير بطرق عملهم ولا يمكن ان ينطلي عليهم أدعاء : لا نعرف أي شيء عن الميناء لا امس ولا اليوم ولا غدا٬ ونعرف عن ميناء حيفا اكثر مما نعرف عن ميناء بيروت” !
شحنة نترات الامونيوم كما تشي به تصريحات مسؤولين وتحقيقات دقيقة لبعض الصحفيين وقصة السفينة ومالكها وصلت لبنان وفق صناعة قصة متكاملة من المكاتبات المتبادلة بين أجهزة الدولة التي يسيطر عليها حزب الله لبضاعة نترات الامونيوم حجمها 2700 طن طلبتها شركة في موزمبيق. ولا يبدو ان هناك اهمالا كما يحلو للمسؤولين اللبنانيين اشاعته في ترك البضاعة في المرفأ بدليل وجود المكاتبات المتبادلة بين أجهزة الدولة المختصة التي تهدف على الاغلب الى تغطية الإبقاء على البضاعة في المرفأ وعدم الاستعجال بالتخلص منها لانها وصلت لتبقى وليس للتخلص منها رغم ان وجود مثل هذه المواد ممنوع في القانون اللبناني ٬ لذلك بقيت ست سنوات ! فما هو اكيد فأن الحزب تقع عليه المسؤولية لانه كما معروف عنه لا يتهاون مع أبسط الأمور ٬ فما بالك بإهمال مثل هذه البضاعة الحساسة التي تعتبر مادة أولية في صناعة الصواريخ وقابلة للاشتعال والتي يمكن ان تتسبب في” قتل الاف بحسب احدى خطب الأمين العام في تحذيره رئيس الوزراء الاسرائيلي نتناياهو حول وجود هذه المادة في ميناء حيفا”؟
اظهر تفجير المرفأ ان نتانياهو بدوره يعرف جيدا ما يوجد في العنبر رقم 12 بدليل بحث رجال حزب الله عن بقايا صواريخه وفقا لشهادات اللبنانيين الذين وثقوا مشاهداتهم هذه للاعلام ! ليس ذلك فحسب بل ان نتانياهو يعرف بوجود مخازن مشابهة في سورية والعراق يقوم بتفجيرها منذ اشهر ٬ منتشرة في الاحياء السكنية خزنتها المليشيات الولائية٬ اكدها اعتراف قيس الخزعلي صاحب مليشيا عصائب اهل الحق الذي صرح استجابة لتعليمات امين عام حزب الله اللبناني قائلا نخرج السلاح من المدن اذا خرج الامريكان من العراق !
بل ان القوات العراقية هاجمت حديثا مخزنا سريا تحت الأرض في مطار بغداد بعد ان عرفت بوجود 228 طن من مواد ” تي ان تي٬ وسي فور” استوردها من لبنان وكيل وزير النقل التابع للتيار الصدري وشريك لبناني له. مليشيات العمائم الولائية قتلت بدم بارد منذ تشرين الماضي ألف متظاهر سلمي قنصا نادوا بإخراج ايران٬ تستبيح العراق منذ سبعة عشر عاما ولم تتوقف جرائمها في القتل والتهجير والسجن والخطف بل ازدادت تنظيما وانتشارا واستهدافا لمناطق معينة تشكل حزام بغداد كما في جرف الصخر التي هجر سكانها وسجن الاف الرجال منهم وتغييب الاف أخرى لكي يبني الحرس الإيراني واحدة من اكبر قواعده السرية ومصانع حربية على ركام مصانع التصنيع العسكري العراقية قبل الغزو. وقبل أسابيع اقترفت هذه المليشيات جريمة تشبه كثيرا ما حصل لجرف الصخر في مدينة الطارميه واقترفت مجازر لكن لا حياة للحكومة العراقية ولا جيشها او قواتها الأمنية التي يسيطر عليها القرار الإيراني. نفس هذه المشاهد تتكرر يوميا ومنذ سنوات في سورية واليمن لتنفيذ مشروع ايران للهيمنة على المنطقة الذي لم تعد تخفيه الحطة الفلسطينية وصورة المسجد الأقصى التي يرتديها الولي الفقيه الخامئني كذبا.
حادثة مرفأ بيروت انذار آخر لمنطقتنا المنكوبة منذ غزو العراق ٬ كشف سمسرة ايران بحق حيوات شعب المنطقة ٬ ولم يعد احد يصدق صراخ الأمين العام لحزب الله والمليشيات الولائية ضد الولايات المتحدة والتواجد الأمريكي بل يعدها ظواهر صوتية تهرع بعدها ايران للتنازل وتبيع وتشتري مع الشيطان الأكبر وحلفائه٬ ” الحادثة فرصة ٬ هكذا قال امين الحزب ٬ يجب ان يستغلها اللبنانيون ونستفيد منها ٬ ونبحث عن الفرص التي ولدتها هذه المأساة “. بالفعل لم يتأخر وزير خارجية ايران ظريف بالحضور الى لبنان للتفاهم مع الجانب الفرنسي وممثلي الولايات المتحدة وذلك ليس جديدا فالتنسيق الإيراني الأمريكي في العراق شاهد وما يزال ومثله في أفغانستان دون نسيان تصريحات نائب الرئيس الإيراني السابق أبطحي القائل لولا ايران لما سقطت كابول وبغداد. ستقول عمائم طهران قريبا لولا إيران لما تحقق لإسرائيل الامن والاستقرار ولا تحقق لها ترسيم الحدود في المتوسط ولا في لبنان٬ والأيام المقبلة ستكشف ثمن تفجير الميناء وثمن حيوات اللبنانيين المقدم للولي الفقيه.
ان بقاء ايران احتلالا متحكما في لبنان كما في العراق او سورية واليمن ليس قدرا حتميا ٬ فمن كان يتخيل ان تهتف حناجر المتظاهرين في بيروت والشام بنفس هتافات اخوتهم في العراق ايران برة برة بيروت تبقى حرة وسورية تبقى حرة؟ من كان يتخيل ان يعلق اللبنانيون المشانق في قلب بيروت تمثل مجسداتها من سموه بسيد المقاومة قبل سنوات؟
لقد أصاب المتظاهرون العراقيون ايران بمقتل عندما خرجوا هاتفين في تشرين الماضي ايران برة برة بغداد تبقى حرة٬ فقد وجهوا هتافاتهم لقلب مشروع الاحتلال الإيراني ٬ وها هم شباب لبنان وغالبية شعبه ينتفض ضد هذا الوجود ويلتحق بشباب العراق. لقد حان الوقت للتعامل مع أدوات إيران وأتباعها كاحتلال وطابور خامس حولت دولنا الى ضيع تتحكم بها أجهزة مخابرات أطلاعات او مرجعيات وحوزات مخابراتية مصنعة للتحكم بعقول الناس وتجهليهم وتأليب بعضهم على بعض. وحدهم المتظاهرون معززين بإرادة شعبنا في ساحات العراق ولبنان والشام واليمن قادرون على وقف استباحة دمنا من ادوات طهران.