18 ديسمبر، 2024 9:18 م

الى خضير ميري… بمناسبة موته القديم

الى خضير ميري… بمناسبة موته القديم

من جديد، ايها الموت، من قديم ايتها الحياة، ومابين الجديد والقديم، اقف مؤبنا ذاكرتي التي تنزف الاحبة،رحيل تلو آخر، وفراق عقب ثان، تاريخنا رحيل وفراق وانا اقف بينهما اهيىء روحي للفراق وعيني للعمى ويدي للسكون وقدمي للتوقف، الذي يوقفني انني هنا اؤبن نفسي بفراق غيري، اعظم قصائد الرثاء يقولها الشاعر عن نفسه وهو يجود على غيره بالثكل،ابنوا انفسكم ايها الشعراء قبل ان يتناساكم الناس، ضعوا قصيدة هنا، واخرى هناك، ديوانا على قارعة رصيف او في رحم مكتبة سيدفنها الغبار ، الناس لايقرأون وان قرأوا كتابك سيرجمونك!!.

انا الراثي لاحبتي،الباكي على نفسي بفقدان غيري، اقف على قبرك نام تحته تاريخ من النسيان، واقول هل تسمعني اذا وقفت وتقرأني اذا كتبت؟ لوكنت مكانك لانشغلت بشؤوني عنك وانت تقرأ الفاتحة على روحي الفقيدة! واتيقن ان الكثير ماافتقدني الا بعد ان فقدني.

ضفيرة الرثاءات تستطيل وكأنه إمتحان لوفائك، على الناس ان ترى الحزن يرتسم على وجهك الغارق بالحزن وعينيك المليئتين بدمع الفجائع، لكنهم لم ولن يسبروا اغوار روحك التي اوجعها خلو الكراسي من الجالسين عليها وانت تنتظر ان يعودوا من رحلة لم يعد احد منها سوى من اطلق الموت سراحه لزيارة منزله، ايها العراقي هل مستعد للعودة الى عالم تضافر الجميع فيه على ارسالك اليه بتذكرة ذهاب فقط؟العالم لم يترك لك فسحة لتقول كل مافي قلبك دفعة واحدة وتستريح …. وتريح.

تسيل الكلمات بين اصابعي مثل كأس اراقه مخمور وابقاه فارغا، وانا انتظر المعنى الذي تبحث عنه والناس نيام، فمالهذه الكلمات تعاصيني ان اعلن حزني على العالم؟ ومن يهتم لحزني والناس منشغلون بهذا الهم العراقي اليومي الذي يتعاطوه مثل ادوية الامراض المزمنة؟ ومن ينتبه الي والحياة تحولت الى روابط الكترونية غير آمنة!.

بوسعي ان امزق ثياب الليل فروحي البيضاء طفلة مازالت تحبو بعيدا عن القدر والمقدور، رسائل ملك الموت حاضرة امام عيني وانا ابحث عن عناوين الوجوه التي اضاعها التراب تحت ثوبه الذي يشبه جلدي، هل بامكاني ان اتصور نفسي وانا ظام وفوق قبري ينزل المطر؟ وبردان وانا ارجف وليس سوى كفني الذي مزقته هوام القبور؟

سنة كاملة مرت على رحيلك يا خضير ميري، وانت تعتصر الكلمات لتقول هؤلاء من كنت اعرفهم ويعرفونني، اعلم ان عشائر الموتى يعرفونك بوجهك، لكن القليل منهم من لامست اصابعه طفولة روحك وهي مازالت تلعب بالحروف على بياض الورقة، اذن لماذا تأخرت انا لاكثر من سنة على كتابة سطر واحد عنك ؟ اعلم ان السطر او المجلدات لاتمنحك اجازة زمنية لنفض تراب القبر عن راسك اوحتى التفكير في الذهاب الى” المغيسل” لتنظف جلدك من عقوقنا نحن الذين تناسيناك، اعلم ان الدمعة لاتصل اليك وانت تغرق في الموت وانا اغرق في الصوت،جرب قليلا ان تمارس الفلسفة هناك في القبر يا خضير ميري الذي كانت سيقانك اكثر صلابة من خشبة تابوتك المتهيأ لحملنا، هل كنت تتصور انهم سينحتون لك تابوتا من اعمدة الحكمة السبعة ليوصلونك الى قطار موتك الذي سيسير بك وحيدا دون ان يسمحوا لك بإعطاء رأيك