23 ديسمبر، 2024 10:56 ص

الى المدخنين فقط

الى المدخنين فقط

-1-
شجعني ما سمعتُه مؤخراً من أنَّ ربع العراقيين مدخنون ، وان خسائرنا تبلغ مليونَيْ دولار عن التدخين في كل يوم ، ان اكتب عن تجربتي مع التدخين .
انها تجربة امتدت فترة تزيد عن ربع قرن من (الزمن)، وكانت عنيفة كمّاً وكيفاً ..!!
ثم انتهت الى طلاق بائن في نيسان 1993 والحمد لله رب العالمين .
-2-
لكل أسرة مقيمة في بريطانيا طبيبٌ خاص، ويوم كنت مقيماً فيها (1985-2004 ) كان الطبيب الذي أراجعه شاباً بريطانياً مهذّباً بارعاً في فنّه
وكنتُ أسمعه في كل مرّة التقيه ينصحني بترك التدخين .
كان يقول :
انت مصاب بداء السكري ، ومدخن ، وبَدِين ،
وقد اجتمعت العناصر الثلاثة فيك ، وشكلّت خطورة عليك ..!!
أَيهونُ عليك أنْ تفقد بصرك ؟
أَيهونُ عليك أنْ تُقطع ساقُك مثلاً ؟
أَيَهونُ عليك أنْ تصاب بعارض قلبّي خطير ؟
فأقول : لا
فيقول :
اذن اترك التدخين، ونتعاون على الخلاص من الباقي ….!!
-3-
وقد تساءلت مع نفسي مرّة فقلتُ :
لو ان ما حذّرني منه قد وقع ،
فمن هو الخاسر ؟
لاشك أنني الخاسر وليس الطبيب .
فلماذا أستهينُ بنصائحه الثمينة، وهي لاتستهدف الاّ ما ينفعني ويبعدني عن المخاطر ؟!
-4-
وقررت ان أترك التدخين دُفعةً واحدة ، والى الأبد .
وكنت أتوقع أني بهذا الإقلاع عن التدخين سوف أعاني أزمة كبرى ، لا في نظم الشعر فحسب بل في الكتابة والمطالعة وسائر ما تقتضيه شؤون العلم والفكر والثقافة …
ولكنها كانت مُجردَ أوهامٍ ،
فلا علاقة بين التدخين وبين كل تلك الأمور …
-5-
وحين تركتُ التدخين ذهبتُ الى الطبيب ، شاكراً لنصائحه ، وأخبرتهُ بما جرى ، فرأيتُ من استبشاره وفرحه ، ما زادني تقديراً له ، وايماناً بانسانيته …
وقال :
انك أنت الذي فعلتَ الشيء الصعب، مُقدّراً مني إقلاعي عن التدخين ومُنْكِراً دوره المركزي في ذلك تواضعاً منه ….
-6-
إنَّ قرار الاقلاع عن التدخين ممكن وليس مستحيلا ، ولكنه يحتاج الى ارادة قوية وثبات حقيقيّ ، مقاومة صلبة، لشهوة النفس في الاسترسال على عاداتها ….
-7-
واليوم وبعد أكثر من عشرين عاماً على الانقطاع عن التدخين ، مازلتُ أدفع ثمن التدخين صحيّاً …!!!
فلقد ترك بصماتِه السلبية على الجهاز التنفسي ، وقادني الى شيخوخة مبّكرة ..!!
-8-
 إنّ الواعظ لابُدَّ ان يكون متعظاً .
وكاتب السطور ، لاينصح المدخنين بالإقلاع عن التدخين ، الاّ من موقع السبق الى ذلك ، ما يجعل نصيحتَه ذات مغزى …
-9-
كانت الشركات المنتجة للسجائر تكتبُ على غلاف العلب ، عبارة تقول
{ التدخين قد يُضرّ بصحتك }
أما اليوم فانها تقول :
{ التدخين يضر بصحتك }
-10-
لقد ضيّقوا الفرص على المدخنين ، وهم يركبون الطائرات في رحلات قد تستمر ساعات طوالاً ، ثم انتهى المطاف بمنع التدخين في المؤسسات والدوائر العامة والخاصة ….
وقد زيدت الضرائب على السجائر حتى بلغت نسباً عالية للغاية ، ومع ذلك استمر المدخنون على تدخينهم غير عابئين بصحتهم وبجيوبهم …!!
ولسان حالهم يقول :
أَتُحْرِقُ مِنْ أَجْلِ التذاذيَ نَفْسَها
                      وأتركُها إنّي اذْنَ للئيمُ
-11-
ان المكابرة لاتعفي المدخنين من أوضار التدخين ، ومضاره الصحيّة التي باتت يقينيّة .
وان أرقام الموتى من المدخنين تتصاعد باستمرار، لتقرع أجراس الأنذار .
فلماذا العناد والإصرار ؟!
-12-
ان أضرار التدخين لا تنحصر بالمدخنين بل تتعداهم الى البيئة ، والى أعز الناس عليهم من الأولاد والأهل والأصدقاء ، فضلا عن الآخرين ..،
فلماذا لايحسبون لهم الحساب ؟!
[email protected]