23 ديسمبر، 2024 5:43 ص

الى السيد قيس الخزعلي مع اطيب التحيات – ٣٧

الى السيد قيس الخزعلي مع اطيب التحيات – ٣٧

ماذا وصفنا في الرسالة السابقة ذهاب زوجة الرسول عائشة بنت أبي بكر ومعها الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله الى البصرة وليس الى المدينة المنورة للاقتصاص من قتلة الخليفة الثالث عثمان بن عفان بالخطأ القاتل ؟ … عرفنا عن مقتل عثمان وعرفنا كذلك ان قتلة عثمان بقوا عدة أيام بعد جريمتهم ” يبحثون ” عن خليفة ينصبوه لكي ” يواري ” سوءة أعمالهم فلم يقبل الزبير ولا علي ولا طلحة ولا عبدالله بن عمر ترشيح ” الشبيحة ” لهم … دخل المغيرة بن شعبة على علي بن أبي طالب وحذره من قبول ترشيح الغوغاء له لأنه سوف يخسر مكانته .. ثم ترك المغيرة المدينة وقتلة عثمان هم مَن ينظم حركة سير ” المركبات ” في شوارع المدينة !!

نحن نعلم جيداً ان أهل مدينة الرسول لم يختاروا علي بن أبي طالب خليفة للمسلمين بعد وفاة الرسول (ص) .. وفعلوا نفس الشيء بعدها ب ١٣ سنة عندما اختاروا عثمان على علي … فمن كان يُخاطب علي بالقول ” دعوني والتمسوا غيري .. لأن أكون لكم وزير خيرٌ من أن أكن أميراً ” ؟ … قبل أن نجيب على هذا السؤال دعونا نتفق انه لو كان موت عثمان طبيعياً لكان هناك مُرشح واحد فقط من قبل أهل مدينة الرسول يخلف عثمان ، وهو علي بن أبي طالب لأن علي كان الفائز الثاني بين المتسابقين ال ٦ لخلافة عمر … أما جمهور ” دعوني والتمسوا غيري ” فكان يشمل قتلة عثمان وقسم من أهل المدينة .

في الآخر وافق علي بن أبي طالب على تولي المنصب الأول بالدولة ، ولكن للأسف وصل بأصوات قتلة الخليفة الثالث .. تصرفاته كانت متناقضة ; تحرك من أقصى اليسار حيث كان مستعداً للتضحية بولديه الحسن والحسين عندما بعثهما مع عبدالله بن الزبير لحماية دار الخليفة عثمان من هجوم الغوغاء … الى رفض علي طلب قتلة عثمان من أهل مصر أن يكون الخليفة … الى ” دعوني والتمسوا غيري ” … الى قبول المنصب … الى أقصى اليمين حيث اصبح قتلة عثمان هم من يدير المشهد ، الى الحد ان المجرم الذي قطع أصابع نائلة زوجة عثمان بسيفه وقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان اصبح مدير ” شرطة النجدة ” في المدينة المنورة !!! فتخلى بذلك علي عن القصاص من قتلة الخليفة الثالث ، وهذا ما اثبتته الأحداث المتعاقبة.

هذا التقلب في المواقف يدحض القول المنسوب لعلي عن معاوية ” والله ما معاوية بأدهى منّي ، ولكنّه يغدر ويفجر ، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ” !!! … التاريخ كذلك اخبرنا ان معاوية لم يغدر ; فعندما عرض عليه ملك الروم مساعدته عسكرياً في قتال علي بن أبي طالب ، رد عليه برسالة ” من معاوية بن أبي سفيان الى كلب الروم : أخّان تشاجرا فما بالك تدخل فيما بينهما ! إن لم تخرس أرسلت إليك بجيش أوله عندك وآخره عندي يأتونني برأسك أُقدِّمه ﻟـِ علي “… لذلك أنا لا اعتقد ان علي قال الكلام المنسوب اليه ; ألم يُخاطب علي شعبه يوماً بالقول ” تمنيتُ لو ابدلتُ عشرة منكم برجل واحد من رجال معاوية ” !!
كذلك معاوية لم يفجر في الخصومة ” ولكنّه يغدر ويفجر ” ، فالتاريخ اخبرنا أن معاوية رفع المصاحف لوقف الحرب التي كادت أن تقرض جنس العرب من الوجود ; كما صرخ محذراً بذلك الأشعث بن قيس قائد الميمنة في جيش علي الذي ترك علي وجيشه محتجاً على اصرار علي على مواصلة الحرب .. وكيف أن علي رفض رفع المصاحف وكان يصرخ ” كلمة حق أُريد بها باطل ” ! فمن الذي فجر في الخصومة ؟

أما القول المنسوب لعلي ” ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ” لا يصمد أبداً ، وعلى الأغلب لم يقله علي ; فالعرب على سبيل المثال لم تمنح أبي سفيان لقب ” داهية العرب ” لأنه كان يغدر بالناس ، بل هو اطراء له يدل على الحكمة والوجاهه بين قريش ، لا على الغدر…. غزارة المعلومات عن تلك الحقبة السوداء تتطلب منا للأسف أن نؤجل للمرة الثانية الجواب عن سؤال الحلقة السابق ، وان شاء الله سوف نعرف في الرسالة القادمة لماذا وصفنا بالخطأ القاتل ذهاب عائشة زوجة الرسول الى البصرة .