اعتدتُ الصراحة في كتاباتي ، لثقتي ان الصراحة اقصر الطرق للوصول الى الحقيقة ، والحقيقة هي صلب الحياة والبناء ، لاسيما ان الوطن بحاجة الى المصارحة في الاشياء التي تهم المجتمع في رؤاه ومستقبله .. وكم سعدتُ ، حين وجدتُ استجابة لمقالي المنشور في التاسع من هذا الشهر بعنوان ( ارفض هذا القرار ) الذي تضمن عدم منطقية تعيين مفتش عمومي للبنك المركزي العراقي ، وفقاً لقانونه ، ما حدا برئاسة مجلس الوزراء الى اصدار قرار بالتريث ، وحسناً فعلت للاستجابة .. فالاعتراف بمنطق الاشياء ، ضرورة حتمية في هيكلة بناء دولة المؤسسات .. واليوم ، اتمنى ان يتسع صدر السيد عادل عبد المهدي رئيس مجلس الوزراء ، الى سماع حقيقة اجدها تلح على وجداني كمسؤول لمجلة اقتصادية عراقية ، توزع عربيا ، وكاتب متابع لشؤون المال والصرافة في العراق ، وهي ان قرار تعيين شخصية جديدة ليكون محافظا للبنك المركزي العراقي ، لا يصب في مصلحة العراق ، لاسيما ان المحافظ الحالي ملأ موقعه بجهد ، اشادت به دول عربية وعالمية ، ومؤسسات مالية اقليمية ودولية ، الامر الذي جعل مجلة ” كلوبال فاينانس” العالمية تصنف في تقريرها لعام ٢٠١٩، محافظ البنك المركزي العراقي، علي محسن العلاق، في الصنف ( +B ) من ضمن افضل محافظي ٩٤ بنكاً في العالم ، وهذا التصنيف يمثل مرتبة متقدمة جدا ويعتبر تقييما عالميا جديدا للجهود المتميزة التي بذلها في إدارة البنك المركزي العراقي وتحقيق التطورات البنيوية والهيكلية والتقنية في القطاع المصرفي والمساهمة الفاعلة في وضع وتنفيذ السياسات والإجراءات الخاصة بتطبيقات السياسة النقدية وتجاوز تحدياتها في أحلك الظروف الاقتصادية والأمنية التي عانى منها العراق.
إن تقييم المجلة ، ذائعة الصيت ، اعتمد على قيام محافظي البنوك المركزية في مواجهة العواصف والتحديات التي تواجه اقتصاد بلدانهم نتيجة الاضطرابات السياسية والأمنية .. فهل ، بعد هذا التقييم العالمي ، ننسحب الى رغبات جهات ، بأبعاد هذه الشخصية التي اختارت فريق عمل اداري ومالي واستراتيجي ، حقق معها البنك ، ما يسعد الضمائر الحية ، والاتيان بشخصية اخرى ، من المؤكد انها ستبدأ خطوات جديدة ، ربما تنعكس فيها الصورة البيضاء الى ضبابية ، ونخسر كل النتائج الايجابية المعروفة ..
لقد وصلت ادارة مجلتنا ( دنيا المال والاستثمار ) ، مناشدات من عدد من الكتاب الاقتصاديين العرب ، حال سماعهم خبر تغيير قيادة ادارة البنك المركزي ، تطالب بوقف هذا الاجراء ، مشيرين الى ان بشارة الخير التي اعلنتها المجلة العالمية ، تجعل العراق متمسكاً بهذه الشخصية ، خدمة للوطن والشعب ، مذكرين ببشارة خير اخرى للعراق ، تتمثل بقرار الاتحاد الأوروبي رسمياً خروج البنك المركزي العراقي من قائمة العقوبات التي يفرضها الاتحاد على المؤسسات المالية الدولية من خلال نشرة الصحيفة الرسمية للاتحاد الأوروبي، التي أكدت فيها إلغاء العقوبات المفروضة على البنك المركزي العراقي منذ 28 عاما التي نصت على حظر التعامل مع مجموعة من المؤسسات المالية وغير المالية العراقية ومنها البنك المركزي العراقي .
وقبلها ، حصل العراق على شهادة دولية، مصرفية انطلقت من باريس، حيث تم تتوج محافظ البنك المركزي العراقي، كأفضل محافظ بنك عربي لعام 2018… وجاء هذا التتويج في ضوء الإنجازات العديدة التي قام بها على المستوى المحلي والدولي في عدة مجالات كان من أبرزها الحفاظ على سعر الصرف، وغلق الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق فضلاً عن التطور الكبير في نظام المدفوعات وانظمة الدفع الالكتروني وايضاً العمل المتقدم الذي أحرزه في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب .
بالفم المليان ، اقول متمنيا على السيد عادل عبد المهدي ، ان يسن سنة جريئة ، ويجعلها نبراسا ، واساسا يمكن السير عليه ، بان يجعل من يمثل المركز الوظيفي الناجح ، بعيدا عن صراخ المطالب السياسية الضيقة ، وان يعلن بصوت الحق ، ان البُناة مكانهم ثابت ومحفوظ ، بغض النظر عن ما يسمى ( بالمحاصصة ) فالذين قدموا جهدا مهنيا في عملهم ، واعطوا ما يمكن تثمينه على اساس الاخلاص والتفاني في البناء والتنمية ، يكونوا ضمن الشخصيات التي تستمر على نهج الاصلاح ، فهذه الخطوة لو تمت ، ستجعل من يتبوأ موقعا رئيسا في الوظائف العليا كتلة من النشاط ، ومستمر في العطاء ..
ونحن بالانتظار ..