18 ديسمبر، 2024 9:53 م

الى البابا ..مع التحية !! (1)

الى البابا ..مع التحية !! (1)

استهل كلامي هاهنا انطلاقا من ما ورد في كتابكم المقدس “طوبى للانسان الذي يجد الحكمة وللرجل الذي ينال الفهم” الامثال 3: 13 ، وأقول لو أن مدمني ومتعاطي المخدرات بأنواعها الصناعية والطبيعية قد خرجوا في تظاهرات حاشدة حول العالم للمطالبة بمنحهم الحق في التعاطي والادمان، فهل أن مثل هذه التظاهرات تبيح لنا تقنين المخدرات وتبريرها بذريعة الحرية الشخصية ،أم أن المطلوب هو مكافحتها والتحذير منها ومعاقبة المتورطين بها مع علاجهم نفسيا وجسديا وتثقيفهم اخلاقيا وتربويا حفاظا على المجتمعات من الانحلال ، والدول من الانهيار ،والشعوب من الانحطاط ؟!
ولو أن السحرة والمنجمين والمشعوذين قد خرجوا في تظاهرات ووقفات احتجاجية مماثلة في روما ولندن وباريس وواشنطن للمطالبة بوقف محاربتهم في ارزاقهم والحيلولة من دون التضييق عليهم، فهل هذه بدورها ستبيح لنا تقنين الشعوذة والسحر والتنجيم واباحتها ومنح هويات ممارسة مهنة للمتورطين بها ؟! الجواب قطعا لا ، ذاك ان المطلوب شرعا وقانونا وعرفا هو محاربة هذه الظواهر القمئة والحد منها والتضييق عليها قدرالامكان حفاظا على العقول والانفس والاموال والاديان ولأن السحر محرم في جميع الشرائع السماوية ولا استثناء في ذلك ولا تفنين لأن النص صريح بحرمة السحر والعرافة ” متى دخلت الارض التي يعطيك الرب الهك لا تتعلم ان تفعل مثل رجس اولئك الامم ، لا يوجد فيك من يجيز ابنه أو ابنته في النار ولا من يعرف عرافة ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر ولا من يرقي رقية ولا من يسأل جانا او تابعة ولا من يستشير الموتى لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب” الثتنية 18: 9 – 12 .
وهكذا يتبين لنا وبالقياس على ما سبق مع الفارق طبعا بعدم وجود أي مسوغ أخلاقي ولا عقلي ولا نقلي يبيح لنا مباركة – الشذوذ – بكل انواعه والمسمى تجاوزا بـ المثلية ” لأنه يخالف الفطرة الانسانية السليمة والعقول الراجحة والنفوس والطبائع السوية لايختلف في ذلك اثنان ولا يتناطح كبشان ، ولاتوجد شريعة سماوية واحدة تبيحه وتباركه البتة ، فعلام ننزل عند رغبة الفئة القليلة الاخيرة بذريعة دعم حقوق الانسان والحفاظ على الحرية الشخصية لنبيح علاقاتهم المحرمة وزواجهم بزعم حقهم في تكوين اسرة، فيما لا ننزل عند الفطر السليمة للاكثرية المطلقة وعند الاوامرالالهية والتعاليم السماوية الخالدة ، واسأل وماذا عن حقوق النساء اذا اكتفى الرجال بممارسة الجنس مع امثالهم ، وماذا عن حقوق النساء اذا كن سيفعلن ذلك ايضا مع بعضهن ، ماذا عن حقوق الاطفال الضائعة في هذه الحالة ومعظمهم متبنى او نتاج تلقيح صناعي مستعار من بنوك النطف وبنوك البويضات داخل الانابيب المخبرية أو في الارحام الغريبة المستأجرة – لايعرف احدهم نسبته الى من ولا لماذا – وماذا عن سنة التكاثر وتكوين نواة المجتمع المتمثلة بالاسر والعوائل التي يعرف الابناء فيها اباءهم وامهاتهم واجدادهم وانسابهم حق المعرفة ويحملون اسماءهم متعاطفين متراحمين فيما بينهم لعمارة الارض التي استخلفنا الله تعالى فيها، ابالشذوذ جاءت الشرائع السماوية ، الهذا بعث الله تعالى الرسل والانبياء الكرام ، ابهذا نزلت الكتب المقدسة ؟ مؤكد لا ، فعلام نبارك المثلية اذن ولسنا مضطرين لذلك البتة بوجود نصوص قطعية تحرمها وفطر سليمة تستهجنها وأعراف وتقاليد تمجها،ومنها “ولا تضاجع رجلاً مضاجعة امرأة. هذا رجس” اللاويين:22:18 “؟ و” ام لستم تعلمون ان الظالمين لا يرثون ملكوت الله.لا تضلوا.لا زناة ولا عبدة اوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكور” كورنثوس 6: 9 ، و” اذا اضطجع رجل مع ذكر اضطجاع امرأة فقد فعلا كلاهما رجسا” .اللاويين 20: 12 ، و” لذلك اسلمهم الله الى اهواء الهوان. لان اناثهم استبدلن الاستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة وكذلك الذكور ايضا تاركين استعمال الانثى الطبيعي اشتعلوا بشهوتهم بعضهم لبعض فاعلين الفحشاء ذكورا بذكور ونائلين في انفسهم جزاء ضلالهم المحق” رومية 1: 26 – 27 .
* لماذا القمار الورقي والالكتروني والروليت والمراهنات والتاتو واللوتو وغيرها صارت في كل مكان وحي وزقاق من اوربا واميركا تعمل المافيات وعصابات الجريمة المنظمة وتجار السلاح والمخدرات والرقيق الابيض من خلالها على تبييض اموالها القذرة ولايصار الى تحريمه بقوة والعمل على منعه والتضييق عليه بشتى السبل بعد ان دمر مئات الالوف من الاسر والعوائل ومزقها اي ممزق حول العالم ، مع ان جميع الشرائع السماوية قد حرمته حرمة قطعية لما فيه من آثام ورذائل واسراف وسفه وحمق لاخفى على عاقل قط ، ولعل هذا احد النصوص التي حرمت القمار وحذرت منه ” ذو العين الشريرة يعجل إلى الغنى.. ولا يعلم ان الفقر يأتيه” (أمثال 22:28) .
*الخمور اما عن هذه الافة الخطيرة والمدمرة وبحسب منظمة الصحة العالمية فإنها تقتل سنويا أكثر من ثلاثة ملايين شخصا ، مؤكدة ، ان ” حالة واحدة من بين كل 20 حالة وفاة في جميع أنحاء العالم مرتبطة بالخمر” أم الخبائث ، وأن هناك 237 مليون رجل و46 مليون امرأة يعانون من اضطرابات ناجمة عن تعاطي الكحول، تتراوح نسبتهم بين 14.8% و3.5% في اوربا ، وبين 11.5% و5.1% في الاميركيتين ناهيك على الاف الحوادث المرورية وجرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي والسرقة والقتل والمشاجرات والنزاعات والامراض السايكولوجية والفسيولوجية التي لاتحصى كلها ناجمة عنها وبتأثيرها ، فلماذا لانصدر تحريما قطعيا لها عبر بيان صريح وواضح لاسيما وان المسيحية وبخلاف الشائع عنها تحرم السكر بالخمور، وتحرم معاقرة الخمور والاقتراب منها بشهوة وانغماس، وتكره احتساء القليل منها “لا سارقون ولا طماعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطئون يرثون ملكوت الله” كورنتوس:10:6 ،”ولا تسكروا بالخمر الذي فيه خلاعة بل امتلئوا بالروح”.أفسس:18:5 ، وقد حرمت الكنيسة الارثوذكسية على رجال الدين شرب الخمر بناء على ذلك، كذلك صنعت اللوثرية ،والمعمدانية ،والخمسينية ،والمورمونية ، والسبتية ، والميثودية ، فإن قيل بأن قليل من الخمر لايضر فإن جميع الدراسات العلمية فضلا عن تجارب الامم الواقعية تؤكد وبما لالبس فيه بأن كل سكارى العالم وثمليه والمدمنين عليه انما بداوا بكأس صغيرة على سبيل التجربة وكل ممنوع مرغوب لينتهوا بقنينة كاملة منها او اكثر في اليوم والليلة ، وتمهد اما الى تشمع الكبد لدى ضحاياها او الى الجلطات القلبية والسكتات الدماغية واما الى مراكز العلاج من الادمان الكحولي التي تكلف المليارات سنويا وترهق موازناتها ، أسوة بالسجائر فكل مدخني العالم إنما يبدأون بعقب سيجارة – ضمن خطوات الشيطان الاستدراجية على خطى نظرة فإبتسامة ، فموعد ،فغرام ،ففراش في غرفة حمراء، فخلوة ،فحرام ، فحمل ، فإجهاض ، فظلام وظلمة وخصام – لينتهي بهم الحال بعلبة كاملة او اكثر، الم يُمدح ويثني على يحيا بن زكريا لأنه لايقرب الخمر” لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ” لوقا 1 :13-15، فعلام نترك الحبل على الغارب ولا نضع النقاط فوق الحروف في زمن تغرق فيه البشرية كلها من القطب الشمالي الى الجنوبي يشتى انواع الرذائل والموبقات والاثام والمحرمات بما صار وبالا عليها وبما يهدد وجودها على سطح الكوكب من الجذور !
*الزنا والتحلل الجنسي اليوم هو آفة الافات ، حتى ان العالم اليوم غارق بطوفان من التهتك والانحلال الجنسي غير المسبوق بشريا بما يؤدي الى ازدياد الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي بمعدل يصل الى مليون اصابة يوميا بعضها مقاوماً للعقاقير بحسب منظمة الصحة العالمية ، مضيفة ، ان ” الانحلال الجنسي مصدر مهم وخطير لشتى انواع الأمراض العصبية وأمراض القلب والأوعية الدموية والعقم والحمل خارج الرحم وموت الأجنة وزيادة خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة المسبب لمرض الإيدز..حتى ان مرض الزهري لوحده يؤدي الى 200 ألف ولادة أجنة ميتة ووفاة حديثي الولادة في العام الواحد على مستوى العالم” اما عن المواقع الاباحية فهناك عشرات الملايين منها على الشبكة العنكبوتية ناهيك عن ما تبثه الافلام والمسلسلات التلفزيونية اضافة الى ادب وفن الاثارة الرخيص ، وحسبي ان اذكر هنا وبحسب احصائية اطلعت عليها ، ان ” المواقع الإباحية تسببت بزيادة الخيانة الزوجية بنسبة 300٪ حول العالم وان نسبة مشاهدات ما يبثه موقع اباحي واحد ، وفي عام واحد 2016 بلغت اكثر من 4 مليارات و500 مليون ساعة مشاهدة وكلها تحرض على السادية ،والماسيوشية ،والنكروفلية ، والبيدوفيلية ، والزوفيلية ، والبارافيلية، والشذوذ ! فلماذا لايصار الى اصدار مرسوم بابوي حاسم للحد من هذه المواقع والتضييق عليها والتحذير من خطر الاباحية والانحلال والعمل على تشجيع الزواج وتيسيره ، اذ ان الاكتفاء بتحذير رجال الكنيسة فقط من مغبة الوقوع في شراك العلاقات المحرمة بعد قضايا وفضائح شتى طالت قسما منهم في ارجاء المعمورة وبما صار مادة دسمة للصحف والفضائيات في السنين الاخيرة ، لأن الاكتفاء بتحذير رجال الدين على اختلاف رتبهم من دون عامة الناس بوجود كل هذا التحريض والترويج اليومي على الاباحية والانحلال والطوفان الجنسي إنما يشبه اقتلاع ظاهر الشوك من دون جذوره الضاربة في باطن الارض لتنبت سريعا مرة أخرى ، ومن دون عوائق تذكر ، وماذا عن تفعيل النصوص الاتية ” لا تدنس ابنتك بتعريضها للزنى لئلا تزني الارض وتمتلئ الارض رذيلة ” اللاويين 19: 29 ، كذلك ” لا تقتل.لا تزن.لا تسرق.لا تشهد بالزور” متى 19: 18 ؟!
* كل المصارف والبنوك والشركات والمؤسسات الاوربية والاميركية فضلا عن البقية وبدرجة اقل في مختلف بقاع العالم تتعامل اليوم بالربا المحرم شرعا وعرفا وعقلا ونقلا فيما لم يصدر تحريم صريح لحرمة هذا الربا والتحذير منه وقد غرقت اوربا واميركا به الى الاذقان كذلك الامم الفقيرة التي اضطرت للاستدانة من البنك الدولي وصندوق – الحقد – الدولي وكل قروضهما قائمة على الربا المحرم بغية التحكم بسياسات تلكم الدول التي تتورط في حبائله وتسقط في شراكه وبمصائر شعوبها ولعقود طويلة مع ان النصوص عندكم تقول “لا تأخذ منه ربا ولا مرابحة بل إخشى إلهك فيعيش أخوك معك، فضتك لا تعطه بالربا وطعامك لا تعطه بالمرابحة.اللاويين:36:25 و “إن اقترضت فضة لشعبي الفقير الذي عندك فلا تكن له كالمرابي ولا تضع عليه الربا”الخروج: 25:22
ولعل الدعوة الى حرمة الربا والتحذير منه اليوم باتت اشد الحاحا من ذي قبل بعد اضطرار عشرات الدول وبسبب جائحة كورونا (كوفيد – 19 ) وهبوط اسعار النفط وانهيار العملات المحلية وافلاس مئات الشركات واغلاق الاف المصانع وتوقف السياحة وتضرر المصالح ،وارتفاع معدلات الضحخم والركود والبطالة الى الاستدانة من المؤسستين المشبوهتين الانفتين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي !
*لقد ابتلي العالم ومن قرون طويلة بالتمييز العنصري على اساس الالوان والاعراق والتمايز الطبقي حيث اغنياء الى حد الفحش يموتون تخمة ، مقابل اضعاف اضعاف اضعافهم من الفقراء الذين لايجدون خبزهم كفافهم لا في يومهم ولا في اسبوعهم ولافي شهرهم وربما في عامهم كذلك علاوة على فقدان علاجهم وسكنهم ولباسهم وتعليمهم وتنقلهم الى حد الموت مرضا وجهلا وفقرا وجوعا والاصابة بفقر الدم الشديد وسوء التغذية، كل ذلك لأن ثلة قليلة رأسمالية تحتكر مقدرات العالم وخيراته وثرواته ومعظمها موجودة في “اراضي وبلدان الفقراء الذين يموتون من شدة الجوع انفسهم ولسان حالهم يقول : ايشتكي الفقر غادينا ورائحنا ونحن نمشي على ارض من الذهب ؟! ، فلاهم اعطوهم من خيراتهم ما يقيم حياتهم ويبني بلدانهم ، ولا هم تركوهم يستثمرونها بأنفسهم في طبقية مقيتة لتظهر بعد ذلك منظمات انسانية اوربية تزعم انها خيرية تتولى عملية إطعام جياع افريقيا المنهوبة ..آسيا المسلوبة ..أميركا الوسطى والجنوبية المسطو عليها ، من قبل دول تنتمي اليها تلكم المنظمات وكان حري بها ان توجه خطابها الى حكوماتها وشركاتها الاحتكارية قائلة لهم ” كفاكم سرقة لماس ونفط وغاز وعاج وذهب ونحاس ومنغنيز ومطاط وفوسفات وكبريت وووو، افريقيا وآسيا واميركا الوسطى والجنوبية ولاتتركونهم يتضورون جوعا فيما نقوم نحن وكتحصيل حاصل بأطعام بعضهم من فتات موائدكم – المشفوطة – من ثرواتهم اساسا قائلين لهم – اشكروا الغرب على ما يقدم لكم من معونات ويهدي لكم من لقاحات مشفوعة بشوكولاته مصنوعة من كاكاوكم المنهوب – وبالونات – !!”
جناب البابا الفاضل ، لقد خالفت وعلى غير المعهود كنسيا بقية البابوات من قبلك ، واخترت اسما لك غير مسبوق بابويا وله وقعه في التأريخ المسيحي” فرنسيس ” وذلك وكما صرحت به شخصيا ” لشدة اعجابك بالناسك فرنسيس الاسيزي وتيمنا به لكونه كان مثالا للزهد ورعاية الفقراء والمحتاجين ورعاية حقوق الحيوان والنبات” ، كما انك متأثر الى حد كبير وكما ورد في سيرتك بما يعرف بـ” لاهوت التحرير “الذي يجمع بين التعاليم الكنسية وبين العدالة الاجتماعية ومساندة الفقراء ورفع الظلم على المضطهدين في كل مكان ومنبعه اميركا اللاتينية التي تنتسب اليها – الارجنتين – والذي يعتمد على مكافحة الفقر عبر مكافحة جذوره والخطايا التي تؤدي اليه والاثام التي تتمخض عنه، فعلام السكوت على الرأسمالية البشعة التي جعلت فئة قليلة من البشرة لاتزيد عن 1% تمتلك من الثروات الهائلة ما يعادل ما يمتلكه الـ 99 % البقية من البشر مجتمعين مقابل تخديرهم بالترفيه والتسلية والمسابقات والاغاني والمهرجانات والكرنفالات والخمور والمخدرات دوريا لئلا ينتنبهوا فيثوروا ويطالبوا يتأميم ثرواتهم التي استولى عليها المرفهون بذرائع شتى بما يعرف بستراتيجية ” تسلية الثدي ” التي اشير اليها في كتاب ” فخ العولمة ” تارة ، وبالحروب والفتن والنزاعات المصطنعة التي تحرض عليها الفئة القليلة لتزداد ثراءا فوق الثراء ولتبيع السلاح الى طرفي النزاع تارة أخرى ، بما يحلو لي تسميته بـ ” تدويخ العفل والجمجمة بالحروب والفتن والكوارث العبثية الغاشمة والناعمة “والمطلوب حاليا ليس ارسال فتات الطعام ولابقايا موائد اللئام الى الايتام لالالالا ، وانما الى تحقيق وترسيخ مبادئ – العدالة الاجتماعية – انطلاقا من قول المسيح عليه السلام ” تحب قريبك كنفسك ” (متى 22: 39) و ” لاَ تَأْخُذْ مِنْهُ رِبًا وَلاَ مُرَابَحَةً، بَلِ اخْشَ إِلهَكَ، فَيَعِيشَ أَخُوكَ مَعَكَ ” سفر اللاويين (25 :36)، وقوله ” لا تسرقوا ولا تكذبوا ولا تغدروا احدكم بصاحبه” اللاويين 19: 11ليوضح لنا طبيعة هذه المحبة الحقيقية “يَا أَوْلَادِي، لَا نُحِبَّ بِٱلْكَلَامِ وَلَا بِٱللِّسَانِ، بَلْ بِٱلْعَمَلِ وَٱلْحَقِّ” يوحنا 3: 18 والكل يسأل اليوم وحق له ذلك مابال ولا رجل اسود ولا اسمر ولا احمر ولا اصفر لم يتول البابوية حتى الان بل وبإستثناء البابا غريغوري وجنابكم الكريم لم يتول غير الاوربيين حصرا هذا المنصب طيلة قرون ، فهل هناك مشكلة في اللون والعرق بتولي مثل هذا المنصب الحساس انطلاقا من نظرة استعلائية بدأت بإستعباد اولاد كنعان – السمر والسود – ليافث وسام بعد واقعة مشكوك بوقوعها ويعف اللسان عن ذكرها لأنها تطعن بنبي الله نوح عليه السلام واحد اولاده ، تمخضت عن ذلك كله، أم ان القضية عفوية وكل ما يحدث مجرد صدفة لا اكثر ، ولكن اي عقل او اي منطق بإمكانه ان يستوعب بأن مصادفة مازالت ماضية في الخلق لقرون طويلة من دون ان يطرأ عليها طارئ يغير من مسارها وينعطف بها يمينا او شمالا ليذهب بها بعيدا الى مديات اوسع وافاق ارحب ..ولماذا الصور المنسوبة الى السيد المسيح كلها تظهره على انه عار بإستثناء خرقة تستر عورته وبملامح اوربية بحتة حيث الشعر الاشقر والعينين الزرقاوين بما ابتدعه وتخيله رسامو عصر النهضة من بنات افكارهم ومن محض تخيلاتهم واوهامهم ، مع ان السيد المسيح عليه السلام قد ولد وترعرع واتم دعوته كاملة في الشرق الاسمر ، لا في الغرب الاشقر ، فهل تعزز هذه اللوحات الاوربية بعضا من الاستعلائية الطيقية والقومية على بقية الشعوب حول الكرة الارضية ..؟!اذا كان الامر كذلك حقا فالمطلوب المزيد من الهمة التي لاتلين لإزالة جميع الفوارق الطبقية والاثنية والتمييز بين الشعوب حول العالم !
وقبل ان اختم الرسالة الثالثة اوجز خلاصتها وغايتها ” اذا اردنا ان ننشر السلام الحقيقي في العالم اجمع فلابد لنا من ان نزيل اولا وقبل كل شيء كل ما يعترض سبيله من عراقيل وعقبات ومعيقات واسلاك شائكة وحواجز لتنعم البشرية بالرخاء والازدهار والسلام ولايخفى على جنابكم بأن القمار والربا والتمييز العنصري المقيت والفوارق الطبقية الهائلة والاحتكار البشع والربا الوحشي والرأسمالية المتوحشة والشذوذ الجنسي والتحلل الاخلاقي كلها عقبات مخيفة وصخور كداء وجدران صماء أمام أي سلام ، وأي حوار ، وأي نداء، وبخلاف ذلك مع وجود كل تلكم المعيقات والعقبات فدعوات السلام ولاريب ستكون بمثابة نفخ في قربة مثقوبة ورسم على رمال الشاطيء ، حرث وسط البحر، سرعان ما ستتبدد مع اول موجة ماء ، والاجدى هو الحفر على الصخر الذي بإمكانه ان يبقى ويعمر طويلا ما شاء الله تعالى له ان يعمر ” . اودعناكم اغاتي