بالرغم من الوضع الأيجابي المتقدم الذي يعيشه ويعمل فيه الأستاذ ألجامعي في جامعات كردستان العراق , الا أن ذلك لم يجعله يغفل ألمطالبة بحقوقه الأكاديمية والعلمية والمادية ألتي تقرها القوانين والتشريعات ألصادرة عن الحكومة الأتحادية أو حكومة الأقليم .
في 6-11-2013 وتلبية لنداء ممثلي التدريسيين في مجالس كليات جامعة دهوك وبمشاركة السيد رئيس الجامعة وحضور وسائل الأعلام, تجمع عدد كبير من التدريسيين في أحدى ساحاتها للتعبير عن موقفهم الرافض لتأخير صرف مخصصات اللقب ألعلمي ألذي أقر في قانون ألخدمة ألجامعية , وقد مارس التدريسيون وقفتهم بمستوى حضاري واسلوب ديمقراطي , حيث جرى حوار بينهم وبين السيد رئيس الجامعة وقدمت له مذكرة تتناول قضيتهم لرفعها الى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في اقليم كردستان .
لا شك ان حياة الأستاذ ألجامعي العراقي تتميز بنوع من الأستقرار المادي مقارنة ببقية موظفي الدولة ( عدى موظفي ألدرجات ألخاصة ) , ولم يأتي ذلك من فراغ , فالأستاذ ألجامعي حقق موقعه المتميز من خلال تخصصه العلمي ودراسته العليا وممارسته للبحث العلمي الذي يمثل أحد صور الأبداع الأنساني الذي كان ولا يزال القاعدة الرصينة في مجال التطورالعلمي والتكنولوجي , الى جانب دوره في ألمؤسسة ألجامعية التي تأهل الكوادر ألمتقدمة لقيادة وبناء الدولة ومؤسساتها ألمختلفة وتنفيذ برامجها السياسية والأجتماعية والأقتصادية. بالرغم من ذلك فقد كان الأستاذ ألجامعي هدفا لكل الأنظمة التي تجاوزت على الحقوق السياسية والمادية للشعب وقابلها بالرفض في مراحل مختلفة من تاريخنا ألحديث .
في المرحلة التي تلت الأحتلال عام 2003 صدرت تشريعات تعالج الوضع ألمتردي الذي عاشه الأستاذ ألجامعي في العقدين السابقين للأحتلال , توجت بصدور قانون الخدمة ألجامعية وتعديلاته , وطبق على كافة الأساتذة ألمستمرين في الخدمة ألجامعية أو ممن احيلوا على ألتقاعد ولكنه لم يعالج وضع الأستاذ الجامعي المحال على التقاعد في ظل النظام ألسابق الذي تحمل ضروف القهر وألعوز المادي , حيث كنا ننتظر أن يتم الألتفات الى مشاكلهم ومعالجتها أسوة بزملائهم الحاليين, الا أننا فوجئتنا بالألتفاف على الحقوق المشروعة التي أقرتها هذه ألتشريعات بدأت بالغاء التعديل ألثاني لقانون ألخدمة ألجامعية تحت تبرير ( صدوره خلافا للسياقات الدستورية !!) , وهو تبرير أعتمد في الغاء قوانين اخرى عكست صورة من صور ألصراع بين السلطتين ألتنفيذية والتشريعية في الدولة ألعراقية ومحاولة كل منهما تجريد الأخرى من ممارسة دورها الدستوري في بناء الدولة الحديثة. الا أن ما يثير الأستغراب ألشديد , أن ألسلطة , في مواجهتها للحملة الشعبية المشروعة للمطالبة بالغاء تقاعد أعضاء مجلس ألنواب والمجالس المحلية والدرجات الخاصة وتعديل رواتبهم بمستوى يتناسب ومأهلاتهم وأنجازاتهم التي لم تنتج مع الأسف الشديد غير التخلف والفساد والأنقسام الطائفي والقومي , قد أتت على الحقوق الطبيعية والمشروعة للأستاذ ألجامعي من خلال شموله بقانون ألتقاعد ألموحد والغائها قانون قانون ألخدمة ألجامعية ألمعدل الذي منح الأستاذ ألجامعي حقوقه ألمادية المترتبة على تخصصه العلمي ودراسته العليا وتفرغه الجامعي ولقبه العلمي , تحت ستار تحقيق المساواة والعدالة بين موظفي الدولة لتساويه مع بقية الموظفين وتلغي من خلال ذلك الحافز المادي لنشاطه العلمي والمهني , وهو حق مشروع يعتمد في كافة دول العالم بصيغ مختلفة, أن تحقيق المساواة و ألعدالة ألتي رفعها أبناء ألشعب وموظفي الدولة كانت تهدف اولا الى الغاء الأمتيازات ألخاصة لكبار الموظفين واصحاب الدرجات الخاصة التي لا تتناسب مع ما يقدموه لشعبهم ووطنهم وكذلك تحقيق المساواة والعدالة بين موظفين متساوين في المؤهلات والخدمة الوظيفية في الوزارة الواحدة اللذين يتقاظون رواتب مختلفة وبالتالي تقاعد مختلف .
في هذا المجال نود التطرق الى ردود افعال الأستاذ ألجامعي وممثليه والمنظمات ألمهنية التي نفترض تمثيلها له في ألجامعات العراقية خارج اقليم كردستان تحديدا والتي يمكن وصفها بالسكوت وانتظار قرار السلطة, وكأن حقوق الأستاذ الجامعي ( وكل حقوق الشعب ) هي مكرمة منها تمنحها عندما تشاء ….. أن ذلك يمثل استمرار لثقافة ألماضي التي تعاملت مع ألحقوق ألمشروعة للشعب على أنها مكرمة من ألقائد الأوحد!! . أن استمرار هذه ألثقافة هي نتيجة منطقية لطبيعة اختيار ممثلي التدريسيين وتأسيس المنظمات المهنية الممثلة لهم , حيث خضع ذلك للقسمة السياسية والطائفية التي قامت على اساسها الدولة العراقية بعد الأحتلال وسلبت الأستاذ الجامعي حقه ألمشروع في اختيار ممثليه الحقيقيين وتشكيل منظماته المهنية الحقيقة التي تمثله وتدافع عن حقوقه ألمشروعة على اسس وطنية ومهنية حقيقية , وتتحمل ذلك كل القوى ألسياسية المكونة للسلطة أو خارجها من خلال تعميق ثقافة الماضي التي أنتجت ذلك وتسييس المنظمات المهنية واخضاها لمصالحها الحزبية الضيقة, أو من خلال ألسكوت عليها وعدم المبادرة الى تقديم ألبديل الوطني والمهني وتبني ألدفاع الجريء عن حقوق الأستاذ الجامعي وكل ابناء الشعب . لكننا في هذا الصدد لا يمكن أن نعفي الأستاذ الجامعي من مسؤوليته في التصدي لتغيير هذه الثقافة ألسلبية وخضوعه لها وبناء المنظمات المهنية التي تمثله واختيار ممثليه الحقيقيين للدفاع عن حقوقه ألمشروعة خارج ( ثقافة ألمكرمة ) ألمقيتة والمهينة للكرامة الأنسانية , أن تاريخ الجامعات العراقية والأستاذ الجامعي سجل مواقف رائعة في الدفاع عن الأهداف والحقوق الوطنية والأكاديمية عبر عقود طويلة من الزمن . ان التغيير بأيدينا والأستاذ الجامعي يستحق الأفضل .