لاتزال الاوضاع في العراق غير طبيعية وملفتة للنظر لأنها غير مستقرة وتحف بها المخاطر والتهديدات ولازالت في حالة شد وجذب والذي يبعث على الحزن والالم، إنه ليس هناك من أي تقدم أو تطور نوعي للأمام يتم لمسه على الاصعدة السياسية والاقتصادية
والاجتماعية وحتى الفکرية وکل ذلك يتجسد في حالة البٶس والحرمان التي يتم لمسها للشعب العراقي.
أخطر تهديد يحدق بالعراق يتمثل بحالة الانقسام والتجاذب وسعي الاطياف والاعراق والمذاهب المختلفة لکي تعمل من أجل مصالحها الخاصة الضيقة، مع ملحظة مهمة أخرى وهي إن الاحزاب والجماعات والشخصيات التي تعبر وتمثل تلك الاطياف والاعراق والمذاهب،
منقسمة على نفسها فالاحزاب التي تعبر عن الطيف الشيعي مثلا تعمل کل واحدة منها من أجل مصالحها الخاصة وليس من أجل المذهب وکذلك الحال بالنسبة للسنة أو الاکراد والترکمان وهلم جرا، وهذا أيضا ينعکس سلبا على الاوضاع العامة للشعب العراقي ذلك إن أية
حالة سلبية في أي مفصل أو رکن أو زاوية من العراق، لابد وأن تلحق ثمة ضرر بالشعب.
إنقسام وإختلاف هذه الاحزاب فيما بينها له أيضا أسباب وعوامل أخرى بالاضافة لعامل ودافع المصلحة الخاصة أو الذاتية، فإن عوامل الارتباطات الخاصة بدول خارجية الى جانب عمليات الفساد وشراء الذمم والدور السلبي جدا للميليشيات والجماعات المسلحة وبالاخص
التي تتبع لدول خارجية ولاسيما النظام الايراني حيث يستخدمها کأدوات ووسائل لممارسة عمليات الضغط والابتزاز على الآخرين من أجل تحقيق أهداف ومآرب خاصة.
صحيح إن هناك تدخلات من جانب دول کبرى وأخرى إقليمية، لکن لاتوجد دولة کإيران مدت نفوذها وتغلغلت داخل کل الکيانات والاطياف والاحزاب والجماعات في العراق، والاهم من ذلك إن طهران أکثر طرف إستفاد ويستفيد من عامل الانقسام والاختلاف کما إنه
وعلى العکس من ذلك أکثر طرف يتضرر من إستتباب الامن والاستقرار وإتجاه المکونات المختلفة للشعب العراقي الى التعاون والانسجام فيما بينها.
الى أين يسير العراق، أو بالاحرى الى أين تسير به هذه الاوضاع المضطربة؟ لاريب من إن الاجابة تعتمد وبصورة واضحة لاغبار عليها على ماستصفو عليه الاوضاع والامور في إيران، إذ لانأتي بشئ جديد إذا ماقلنا بأن العراق وبلدان أخرى في المنطقة صارت بمثابة
أوراق يستخدمها النظام الايراني لصالح تحقيق أهدافه ومصالحه، ولأنه يواجه حالتين صعبتين أخطرهما عليه حالة الاحتقان الداخلي والاحتجاجات المستمرة ضده والتي تطالب بإسقاطه وتغييره وتلعب فيها منظمة مجاهدي خلق دورا بارزا، والحالة الاخرى هي العقوبات
الامريکية المفروضة عليه والتي أثرت بدورها على النظام کثيرا، وبين الحالتين توجد أوضاع بائسة ومزرية يعاني منها النظام على مختلف الاصعدة، وإن مختلف المٶشرات تدل على إن هناك جولة حاسمة من المواجهة تنتظر هذا النظام مع الشعب الايراني والتي من
المرجح جدا إنها لن تکون في صالح النظام وحتى يتم حسم ذلك فإن أوضاع العراق ستبقى للأسف على ماهي عليه.