23 ديسمبر، 2024 12:23 ص

الى أين يدفعون بالوضع في البلاد ؟

الى أين يدفعون بالوضع في البلاد ؟

الهجمة المنظمة الجارية ضد نزعات التغيير على المستوى السياسي وكل مظاهر المدنية والتحضر في البلاد ستقود البلاد الى مسارب خطرة اذا لم يجر لجمها.
ليست غائبة عن وعي المواطن العراقي طبيعة هذه القوى وايديولوجيتها ومن يقف ورائها , فهو يمتلك الجواب اليقين حولها وهي مجموعة احزاب الاسلام السياسي المتنفذة وميليشياتها المنفلتة العائدة لأيران, والتي وجهت لها الهبة الشعبية الأخيرة في مناطق الجنوب العراقي والبصرة بالخصوص, ضربة معنوية كبيرة, بتحميلها وممثليها في السلطات المحلية والمركزية مسؤولية ما آلت الية اوضاع المدينة, بأطلاق الهتافات المناهضة لها, ثم بحرق مقراتها بعد قتل حراسها باقة واعدة من شبابها المتظاهرين السلميين المطالبين بأبسط حقوقهم.
.. فالبصرة حيث يلتقى في شمالها نهري دجلة والفرات وتحاذي شاطيء شط العرب والمشرفة على راس الخليج العربي, تعاني من العطش واي عطش… غياب ماء الشفة, الشرب وهو ابسط حاجة انسانية, من واجب اية حكومة مهما كانت جائرة او تقيّة توفيرها للمواطنين.
ورغم استجابة المنتفضين للدعوات الحكومية الى التهدئة ولوعودها بأجراءات آنية مستعجلة لتنفيذ المطالب الاكثر الحاحاً لسكان البصرة وهو توفير المياه الصالحة للشرب وايقاف التدهور الصحي والتسمم الجماعي, الا ان رد الفعل المقابل سرعان ما جاء غادراً على يد الحاكم العسكري بحملة اعتقالات طالت المئات من الناشطين المدنيين , تبعتها موجة من اغتيالات ثأرية بكاتم الصوت لأبرز ممثليهم وتغييب بعضهم من قبل ميليشيات متنفذة, تحت سمع وبصر سلطة الاحكام الاستثنائية التي تمسك بزمام الامور في المدينة, وهي على اقل من مهلها في كشف القتلة.
هذا المنحى الخطير امتد ليشمل محافظات اخرى ومنها العاصمة بغداد وليتخذ اطاراً اوسع ليشمل كل من يمثل الوجه المدني في المجتمع وخاصة من النساء. فقد جرى اغتيال نساء يعملن في مجال التجميل او الازياء في شوارع العاصمة وفي وضح النهار, لمجرد انهن مختلفات نوعاً ما, ولاينضوين تحت غطاء التصنيف التقليدي للالتزام الديني.
هذا الانفلات الأمني واندفاع هذه الجهات في اقتناص الفرصة, اخذ توجهاً خطيراً يوم أمس بأغتيال احد افراد الحشد الشعبي من العاملين في المجال الطبي مما يؤشر الى تصعيد نوعي ينذر بتصفيات جسدية متبادلة بين اطراف هذه الميليشيات المتنافسة ذاتها.
ربما ان احداث البصرة عمقت الجرح الذي اوغره رد الفعل الشعبي الرافض في قلوب القائمين على احزاب المحاصصة الطائفية مما جعلها تستكلب للأنقلاب على الارادة الشعبية في نبذ نهج المحاصصة والمطالبة بمحاسبة فاسديها.. وذلك في ظل تراجع الزخم الاحتجاجي وانحناء نسبي امام العاصفة من قبل قوى الاصلاح المناهضة للمحاصصة المتمثلة اساساً بتحالف ” سائرون “, والتي اتخذت مظهرين رئيسيين : اولهما, تصفية قيادات الهبة الشعبية في الجنوب من جانب ثم النكوص سياسياً الى نهج المحاصصة وتقسيم الكعكة والتمسك بأمتيازاتها, وهو ما شهدناه في طريقة انتخاب رئيس مجلس النواب والظروف التي احاطت بها من همسات, تحولت الى صيحات حول بيع منصب الرئيس بملايين الدولارات دون اجراء قانوني لكشف الحقيقة.
وكذلك الامر مع تواصل اللقاءات للاتفاق على رئيس للوزراء ضمن مواصفات وطريقة اختيار هي اقرب الى بروسيجير الاختيار المحاصصي السابق وهذا يشمل ايضاً ( انتخاب ) رئيس كردي للجمهورية, وبأصرار ظاهر من قبل رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس اقليم كردستان السابق مسعود البارازاني على الاستحواذ على المنصب, حد تقديمه تنازلات سخية لغريمه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني, بمقايضة منصب رئيس الجمهورية بكل الوزارات والمناصب التي قد يحصل عليها الاكراد من الصفقة… وهو ما اثار تساؤلات الشارع العراقي عما يخبأ مسعود البارازاني في جعبته من مفاجآت غير سارة من تنصيب احد اعوانه رئيساً لجمهورية العراق وهو الرافض لوحدة البلاد.
ان جر البلاد الى دوامة جديدة من الازمات والصراعات وسيل الدماء من اجل مصالح القوى المتنفذة على حساب الشعب لن تدوم طويلاً, فلابد للارادة الشعبية يوماً من نفاذ, عندها سيكون حسابهم عسيراً.
سلْ الطواغيت هل من غالبٍ أشرٍ….. الا وهذا الدم المغلوب غالبهُ ؟ / محمد مهدي الجواهري