23 ديسمبر، 2024 3:50 م

الى أين نسير يادولة رئيس الوزراء ؟

الى أين نسير يادولة رئيس الوزراء ؟

بالله عليك دلنا الى اين نسير ومتى تصل بنا الى بر الامان الذي طالما وعدتنا ان نصله باقل الخسائر. هاهي ماكنة الارهاب تطحن ارواح الابرياء كل يوم ، والسبب يعرفه القاصي والداني الا وهو اهمال و تقصير المسؤولين عن ملف الامن في وزارتي الداخلية والدفاع. وهذا الاهمال ، مع الاسف ، يقابل من قبلكم اما بالسكوت او بالتأنيب فقط وكأن من سقطوا مضرجين بدمائهم عبارة عن خراف تنحر ، بمناسبة او غير مناسبة وليسوا العراقيين الذين اوصلوكم الى ما انتم عليه الان. لقد طفح بنا الكيل من حالة اللامبالاة هذه والاستهانة بارواح الابرياء. كنت اظن بعد الهجوم الارهابي الذي استهدف وزارة العدل والـ 22 تفجير التي ضربت العاصمة بغداد ،ومناطق اخرى ان رؤوسا سيطاح بها جبرا لخواطرالثكالى واكراما لمن أزهقت ارواحهم  لكن شيئا من هذا لم يحصل.
وهاهي موجة اخرى من التفجيرات تزيد على الـ 20 تفجيرا تحصد ارواح الابرياء يوم امس لتصل الى مطار بغداد الدولي الذي يعتبر رمزا لسيادة وهيبة الدولة. تمت التفجيرات وفق خطة كان ورائها عقل مدبر ، وزع اهدافها في اماكن لم يتوقعها رجال الامن المنشغلون بمهمات اخرى.
 أن الفشل المستمر في الملف الامني بالرغم من الامكانيات الهائلة في العدة والعدد ، يؤشر لعدم وجود ستراتيجية محددة تؤشر الالية التي بواسطتها يمكن تنفيذ الخطط الموضوعة من اجل تحقيق الهدف الا وهو القضاء على النشاطات الارهابية من اجل استتباب الامن. ومن اسباب الفشل هو افتقار المؤسسة الامنية المتمثلة بوزارت الداخلية واجهزة المخابرات والاستخبارات الى المحللين الستراتيجيين في مجال الامن ومكافحة الارهاب والجريمة المنظمة. فاذا ذهبت الى هذه الدوائر الحساسة سوف تجد المسؤولين عنها اناس بعيدين عن المجال الامني ويفتقرون الى الفكر الستراتيجي القادر على وضع الخطط وطرق تنفيذها.
اختار الرئيس اوباما ،الذي ينتمي للحزب الديمقراطي جوك هابل ،الجمهوري وعضو الكونغرس السابق ، وزيرا للدفاع لانه وجد فيه المواصفات التي يريدها في الرجل الذي يقود البنتاغون ويخدم الجيش في هذه المرحلة. وقد اصر اوباما على مرشحه بالرغم من اصرار بعض الجمهوريين ، كرفاق السلاح بالنسبة لهابل مثل جون ماكين ،وبعض زملائه في الكونغرس عندما كان سيناتورا ، على عدم الموافقة ومعارضة ترشحه بسب ارائه السابقة ازاء كل من ايران واسرائيل . وقد تعرض الى معارضة شرسة لم يتعرض لها مرشح لمنصب وزاري من قبل. ناهيك عن عدد جلسات الاستماع التي حضرها للجان مختلفة في الكونغرس. ومع كل هذا لم يتوانى الرئيس الامريكي عن دعمه حتى تم تثبيته وزيرا للدفاع. ولم يتوقف الرئيس اوباما عند هذا الحد بل اوكل مهمة قيادة وكالة الخدمة السرية وهي من اهم الوكالت الامنية المعنية بأمن الرئيس بالاضافة للتحقيق بالجرائم المالية ، الى امرأة وهي السيدة جوليا برسن التي عملت سابقا مديرة هيئة موظفي الوكالة . وكان سبب ترشيحها لهذا المنصب الذي ظل حكرا على الرجال كونها تمثل دائما ، روح التفاني والاخلاص التي يظهرها افراد الخدمة السرية حسب رأي الرئيس التي قال عنها: ” ان السيدة برسن مؤهلة تماما لقيادة الوكالة التي لا تقتصر على حماية الامريكان وتامين نظامنا المالي فحسب بل ستحمي قادتنا وعائلاتنا”.
نلاحظ هنا أن الرئيس اوباما لم ينظر الى الخلفية الحزبية للمرشحين ، لانهما اساسا لاينتميان الى الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه ، بل نظر الى الكفاءة والمهنية التي يتمتع بها المرشحين التي على اساسها تم اختيارهما لاثنين من اهم المناصب في الادارة الامريكية.
من يريد اعادة بناء دولة نالها مانالها من ويلات وماسي بسبب الحروب المدمرة التي خاضها الديكتاتور السابق ،عليه ان يفكر مليا بالوسائل ،والسبل العملية الناجعة التي تساعد في انتشال الامة من واقعها المرير الذي تعيشه.أن حالة الوهن التي اعترت الدولة وادت الى أضمحلال هيبتها ، يعود الى ضعف وفساد المسؤولين عن ادارة الوزارات والمؤسسات والدوائر العامة. هذا الوضع شجع الجماعات الارهابية وافراد الجريمة المنظمة على تحدي الدولة ، وزعزعة الامن والاستقرار فيها من خلال اختيار  وضرب الهدف في المكان والزمان الذي تريد ، بالرغم من عدم وجود مقارنة لا بالقوة البشرية ولابالسلاح بين المؤسسات الامنية وبين هذه الجماعات. لكن الفارق الوحيد ان المجاميع الارهابية لديها هدف واصرار على ما تقوم به من اعمال بشعة بحق المواطنين الابرياء بينما المسؤولين الامنيين يفتقرون الى القدرة و الاخلاص بالعمل والايمان بالواجب الذي من المفروض ان يكون مقدسا لان مهمته حفظ ارواح الابرياء. عليه دولة رئيس الوزراء عليك اولا العمل على استعادة هيبة الدولة ولن يكون هذا الا من خلال اختيار اشخاص يتمتعون بصفة القيادة والقدرة على التحليل والتخطيط الستراتيجي. بالامس القريب تسائلت في احدى لقاءاتك العامة كيف يمكن بناء الدولة اذا كان المسؤولون يقومون بتعيين اقربائهم ومعارفهم في الوزارات والدوائر التي يعملون فيها دون مراعاة لشروط الخبرة والكفاءة اوالمؤهل العلمي. وهذا صحيح اينما توجهت سواء في داخل او خارج العراق ستجد هؤلاء يتربعون على مناصب لم تكن يوما قد فٌصِلتْ لمثلهم ، لكن المحسوبية ابعدت من كانوا اهلا لها لتأتي بهؤلاء المحسوبين على كبار المسؤولين. والسؤال يا دولة رئيس الوزراء بعد ان شخصت الخلل وانت رئيس السلطة التنفيذية ،ما هو الاجراء الذي اتخذته بحق هؤلاء المسؤولين؟ هل اتخذت اجراءات حاسمة بحقهم ليكونوا عبرة للاخرين؟ أو على الاقل امرت بتشكيل لجان تحقيقية(حقيقية) وليست صورية كسابقاتها من اللجان التي ضاع علينا عددها ولم نعرف النتائج التي تمخضت عنها لحد الان.
ان عدد كبير من  الكادر المتمثل بوكلاء الوزارات ، والمدراء العامين خاصة غير قادرين على تحمل اعباء وظائفهم ، كونهم يفتقرون الى الخبرة والكفاءة لانهم لم يحصلوا على الدرجات الخاصة نتيجة تدرجهم الوظيفي بل بسبب المحاصصة والمحسوبية لا غير الامر الذي ساعد على تفشي الفساد بشكل مخيف في مؤسساتهم.
اذا كنت تريد بناء العراق الجديد على اسس صحيحة لكي تستعيد هيبته في الداخل والخارج ، ما عليك الا ان تستخدم مبضع الجراح لان الضُرَ بلغ حدا لاينفع معه علاج سوى البتر. وهنا تقف لغة الكلام لتبدأ لغة الفعل من خلال أستئصال كل ما هو مشبوه وفاسد مهما قربت منزلته من اصحاب القرار. لانه سيأتي اليوم الذي لاينفع معه سوى العمل الذي يقربك الى العامة التي يرضى الله برضاها كونها الطبقة التي تعرضت الى الاذى والجور في العراق، وقد صٌبتْ عليها مصائب لو انها صبت على اي جماعة اخرى من الناس لانتفضت ،وثارت وملأت الارض صخبا حتى يتحقق لها ماتريد.
وهنا عليك ان تبحث عن الناس المخلصين والمؤهلين لقيادة الوزارات المسؤولة عن توفير الامن والخدمات للناس ، ممن يتصفون بالاخلاص ، والولاء للوطن و يمتلكون صفة القيادة التي لا يمكن ان تتوفر لدى كل انسان، فهم وحدهم القادرين على تحمل اعباء المسؤولية مهما عظم شأنها – وتصغر في عين العظيم العظائم- ولو بحثت عنهم ستجدهم فهم كٌثرٌ،  لكن قد يكون الخوف من بروزهم وطموحهم  يبعدك عن التفكير في تقريبهم وايلاء المناصب لهم. وان هذا برأي لخطأ كبيرلان من يقود السلطة ويتجرد من كل شئ الا حب الناس الذي يتسلح به للقيام بمهام الدولة من اجل خدمتهم لايحق له ان يخشى المنافسة من الاخرين ولنا مثال يمكن اين يحتذى به الا وهو الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم الذي ظل يعيش في ضمير ووجدان الناس دون منازع الى وقتنا هذا لان هدفه كان ارضاء العامة من الناس وليس الخاصة.
[email protected]