السؤال الذي يتردد على ألسنة العراقيين جميعا من دون إستثناء وسواء أفي الداخل كانوا أم في الخارج وبغض النظر عن موقفهم السياسي مؤيدا للحراك كان أم غير مؤيد بمن فيهم المتظاهرون أنفسهم وكذلك الفريق الحكومي والقوى المعنية بضبط الأمن و حماية المتظاهرين والبرلمان والقوى السياسية والمراقبون في الخارج والداخل والسفارات ومن يهمهم شأن العراق…الكل يتساءل الى أين ستنتهي هذه التظاهرات؟ وهل ستنجح في تحقيق ماتصبو إليه؟
وماالسيناريوهات المحتملة؟ ونقول في الإجابة عن ذلك: إن مستقبل التظاهرات ومصير الحراك الشعبي يعتمد على عاملين رئيسين :
الاول : يتعلق بالدولة ومؤسساتها المختلفة وطريقة تعاطيها ولا سيما الحكومة والقوى السياسية الممسكة بزمام السلطة حاليا مع حركة الاحتجاج. ومدى وعيها لعمق الأزمة وما تبديه من صدق وجدية في المعالجة ومدى استعدادها للتخلي عن مكتسباتها وامتيازاتها السياسية والاقتصادية التي جمعتها عبر تراكمات طيلة المرحلة السابقة. وهذا امر يعود إليهم وسيسجله التأريخ ولن يغيب عن ذاكرة العراقيين.
الثاني : ما يتعلق بالمتظاهرين والمعتصمين أنفسهم وبالحراك القائم حاليا في الساحات وعبر المدن والمحافظات المحتجة فهناك تحديات كبيرة علينا مواجهتها بوعي وتخطيط ، ولابد من التحرك بسرعة لان الزمن يجري سريعا وماهو صالح الان قد لا يكون كذلك غدا. لذا نتقدم بمسارات مهمة على الجميع اﻻلتفات اليها نجملها باﻵتي:
1- ان اول ما تحتاجه التظاهرات وحركات الاحتجاج في العالم كي تبلغ أهدافها وتصل الى بر الأمان هو الصبر والمطاولة ، فلا يتوقع احد ان القوى المستفيدة من الوضع الحالي ستستسلم عند اول بادرة اعتراض واحتجاج. بل ستبقى تدافع عن مكتسباتها بكل ما تستطيع ولن تتوانى عن استعمال الوسائل اللازمة كلها
2-الانضباط : للمضي قدما في تحقيق الأهداف تحتل عملية ضبط التصرفات للجماهير المحتجة عظيم اهتمام إذ انها تنطوي على صعوبة بالغة. فهناك غضب عارم وعقل جمعي وجماهير محتشدة واستفزازات قائمة على قدم وساق ما يجعل انضباط الجمهور والسيطرة عليه ذا صعوبة بالغة ولكن لابد من تحقيق ذلك . وكلما كان هناك انضباط وسيطرة في سلوك المتظاهرين الجمعي والفردي اقتربنا من تحقيق الأهداف المنشودة وتجنبنا الكثير من التضحيات وكذلك عكسنا صورة حضارية مشرقة للعراقي المحتج الواعي المنضبط في الوقت نفسه على الرغم من الخسائر الكبيرة والتضحيات الجسام التي قدمناها في هذه الطريق حتى اللحظة هوالتي يجب ان يحاسب المسؤولون عنها في الوقت المناسب لكن مازلنا نمسك بزمام المبادرة فقد أبدى شبابنا وعيا نادرا وانضباطا عاليا بأطر الحراك السلمي الذي ضمنه لهم الدستور والشرائع كلها. هذا ما ينبغي التمسك به لتفويت الفرصة على الأعداء والمتربصين بشعبنا وبلدنا الدوائر.
3- آن الآوان لان يتوجه المتظاهرون الى بلورة آليات تحفظ استمرار الزخم الجماهيري ، وفي الوقت نفسه تضمن ترجمة الضغط الهائل الذي وضعوه على القوى السياسية وأهل القرار الى منجزات سياسية تحول الشعارات المطروحة الى صيغ عمل. وهذا يحتاج من دون شك الى انتخاب ممثلين اكفاء وأمناء يخوضون في الوقت المناسب معركة التفاوض لتحقيق المطالَب وهي عملية معقدة وشائكة و تحتاج الى خبرة ومعالجات خاصة ربما يتم التطرق اليها لاحقا.
4- كعادة العراقيين _وتحديدا الشباب منهم_ في ابداع طرائقهم الخاصة للتغلب على ما يواجهون من نقص في الامكانات ولتجاوز العقبات التي تعترضهم لبلوغ هدف معين وبما يمتلكون من إمكانات بسيطة أسسوا صحيفة خاصة باخبار التظاهرات في ساحة التحرير واذاعة داخلية للغرض نفسه واحالوا نفق التحرير الى معرض بهيج بماجادت به مواهبهم الفنية فخرجوا علينا بلوحات ممزوجة بخصوصية اللحظة تفوح منها نكهة الثورة .
ومن المؤكد انهم سيتحفوننا بمواهب وإبداعات جديدة في المستقبل من شأنها الإسهام في إدامة الإحتجاجات وتجاوزها للتحديات المختلفة اذا ماوضعنا ذلك نصب اعيننا فمن المؤكد أنهم سيصلون الى أهدافهم ولا تستطيع قوة على وجه الارض منعهم وإيقاف زحفهم. وسيرضخ الجميع امام إرادتهم .
رحم الله الجواهري حينما قال :
سينهض من صميم اليأس
جيل مريد البأس جبار عنيد
يقايض ما يكون بما يرجى
ويعطف ما يراد لما يريد .
—