بين الفترة والاخرى يقوم أحد المسٶولين في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بالادلاء بتصريح يحذر فيه من خطورة تزايد السخط والغضب الشعبي وتزايد وتائر الاحتجاجات الجارية في سائر أرجاء إيران ويدعو الى إيجاد حلول ومعالجات قبل أن تخرج الامور عن دائرة السيطرة. من المٶکد أن هکذا تصريحات لايتم إطلاقها إعتباطا مالم يکن هناك مايستوجب ذلك، خصوصا وإن الاوضاع الاقتصادية في إيران قد وصلت الى حالة يمکن وصفها بالمشلولة ولذلك فإن خروج هذه الاحتجاجات التي ترتبط في أکثر حالاتها بسوء الاوضاع المعيشية وبلوغها حدا لايمکن أن يطاق.
المشکلة التي يعاني منها النظام الايراني هو إن الاوضاع بصورة عامة متوترة وإن الشعب الايراني قد وصل به الحال الى أقصاه ومن الممکن أن يصبح أي حادث عرضي بمثابة الشرارة التي تشعل النيران، وهذا مايمکن أن يفسر حادثة إنهيار بناية المتروبول في عبادان وکإ إنها صارت بمثابة المبرر الذي من خلاله يقوم الشعب الايراني بالتنفيس عن مدى غضبه وسخطه على النظام.
مايجري في مدينة عبادان ومدن أخرى متضامنة أخرى معها يقلق النظام الايراني کثيرا، خصوصا وإنه”أي النظام”يتخوف کثيرا من أن تصبح هذه المدن بمثابة المنطلق الذي ستتوسع بسببه الاحتجاجات الشعبية وتصل الى الذروة، ومن هنا فإن النظام الايراني کما يبدو حذر جدا في التعامل مع هذه الحالة ويعمل على تهدئتها وإخمادها بأية وسيلة کانت.
قيام النظام الايراني بإرسال أحد أعضاء مجلس خبراء النظام من أجل مشارکة أهالي مدينة عبادان فاجعة المتروبول، وذلك بعد أن قام بإرسال حرسه الخاص ومرورا بإقامة مراسم حداد، وذرف دموع التماسيح على الضحايا. وذلك من أجل السيطرة على الاوضاع بطريقة ناعمة، لکن الذي لفت النظر کثيرا هو إن حيدري، عضو مجلس الخبراء الذي أرسله النظام الى عبادان ليتحدث عن”البصيرة التي يتحلى بها أبناء أبادان”، حيث کانت قوات الباسيج منتشرة وکان التلفزيون يقوم بنقل مباشر لهذه المراسيم، لکن الذي صدم النظام هو إن خطاب حيدري قوبل بهتافات”ياعديم الشرف” التي أطلقها الاهالي الغاضبون وهو ماأجبر النظام على قطع البث التلفزيوني من أجل التستر على تلك الفضيحة.
ماحدث في مدينة عبادان على أثر مسرحية حيدري، هو إنها ألبت وحفزت الاهالي أکثر ليعبروا عن مدى رفضهم للنظام خصوصا بعد أن بدأت هتافات مضادة للنظام تتوالى بوجه حيدري وقوات الباسيج نظير”هيهات منا الذلة”و”ليرحل الملالي” بل وحتى قد تطورت الحالى الى أن يهاجم الشباب قوات الباسيج بشعار”أقتل من قتل أخي” وبذلك فقد أصبح ليس ذلك المکان وإنما المدينة الى ساحة کر وفر بين المواطنين والقوات التابعة للنظام.
من الواضح إن هذه الحادثة لايمکن إعتبارها خاصة بعبادان بل إنها نموذج يعبر عن الواقع الايراني ويجسد الى أي حد ومستوى قد وصلت الاوضاع ومن إنها تسير بإتجاه يمکن وصفه بأنه معاکس للإتجاه الذي يريده ويرغب به النظام!