8 سبتمبر، 2024 2:59 ص
Search
Close this search box.

الوليمة والعقاب !!

الوليمة والعقاب !!

تحت اصرار احد اصدقائي لحضور مناقشته العلنية لتقديم اطروحته لنيل شهادة الدكتوراه في احدى الجامعات العراقية , قررت أن أحضر المناقشة لسببين : اولهما خوفا من زعل صاحبي , وهو المعروف عنه بفرض غرامة ضخمة في احد المطاعم العشر نجوم , كعقوبة ان لم أحضر, وثانيهما أنني أردت أن أغير الجو المحيط بي المكتظ بزحمة الوجوه البائسة العابسة اليائسة المكفهرة الشديدة الشبه ب ( السعالو ), هذا أن لم نكن ظلمنا ( السعالو) بتشبيههم بها ؟؟.
المهم استيقظت مبكرا , و شعرت بنشاط غريب على غير عادتي , لبست بدلة جديدة أحضرتها خصيصا لحفلات الاعراس والتخرج وحفلات ختان الاطفال. وتوجهت الى الجامعة مبكرا على امل مشاهدة الاصدقاء وحضور مناقشة الدكتوراه . ابتدأت المناقشة ,بعد أن أتخذت موقعي في القاعة بين جمهور الحاضرين , وابلى صاحبي بلاء حسنا واستبسل بالدفاع عن اطروحته وحينما احتدت المناقشة بينه وبين أجد الاساتذة المناقشين ,أمتعض أحد الحضور ممن كان يجلس بالقرب مني وأطلق زفرة طويلة ثم أردف يقول : (يا أخي أبني باع بعض أغراض بيته لكي يكمل بحث الدكتوراه ) !!, أتضح فيما بعد أنه والد صاحبي الذي لم أميز شكله فقد مضت سنون طوال على أخر مرة رأيته فيها . المهم في النهاية اقتنع المناقشون بأحقية صاحبي بنيل الشهادة واثنوا على مجهوداته ,و رغم أن الدولة ترفع شعار تطوير البحث العلمي والارتقاء بترتيب الجامعات العراقية بين جامعات العالم , ألا أنها في الوقت ذاته لا تدعم طالب الدراسات العليا في تكملة بحثه ولو بفلس واحد وتلك أكبر أخطاء التعليم العالي العراقي أذا ما قارناه بالتعليم في اقرب الدول المحيطة بنا . ومما أزعجني أن القائمين على ادارة القاعة قاموا بتوزيع ما لذ وطاب من المكسرات والعصائر والكيك الغالي الثمن لرئيس وأعضاء لجنة المناقشة , في حين كان نصيبنا نحن الحضور (عصير اثنين بربع ) منتهي الصلاحية !!.
بعد ذلك تم منح الشهادة لصاحبي بدرجة امتياز , ولمى هممنا بالانصراف بعد أن باركنا له ,صاح بكل الحضور :كلكم تتوجهون الى المطعم الفلاني لأن هناك وليمة غداء , حيث أن التعليمات الجامعية مشددة ولا تجيز اقامة الولائم التي تلي حفلات نيل الشهادات العليا مما يضطر المناقش الى اقامة الوليمة في احد المطاعم القريبة من الجامعة , عندها اعتذرت منه لضيق وقتي, فأصر وحلف بالطلاق أن أحضر الوليمة !!. المهم توجهنا الى المطعم الذي أشار اليه صاحبي ورغم أن عددنا صار يربوا على الستين نفرا عدا اهله , الا أن الرجل كان كريما جدا مع الجميع وصاح بنا أن أطلبوا الاكل الذي تشتهون. فجأة ظهر ثلاثة رجال يلبسون البدلات الانيقة والاربطة الحمراء صافحهم الرجل بحرارة وحفاوة بالغة وطلب منهم الجلوس معنا للغداء ,ولكنهم اعتذروا لانهم على عجل من امرهم , ثم قاموا بدفع فاتورة طلبية غداء ضخمة, كان المطعم قد جهزها لهم, ثم حملوا اكياس الاكل وانصرفوا مسرعين. عندها سألته : من هؤلاء ؟؟ أجابني : انهم موظفون في رئاسة الجامعة قاموا بشراء غداء خاص بسبب وجود اجتماع لرئيس الجامعة وعمداء الكليات في مجلس الجامعة !!. هنا سألته : اليس يمنع على الجميع اقامة الولائم والعزائم في الجامعة ؟ . ثم اذا كانت الجامعة تمنع طلابها من اقامة الولائم اليس الاجدر ان يلتزموا هم اولا ؟؟. المهم بحثت عن رئيس وأعضاء لجنة المناقشة لكي أجلس على نفس طاولتهم حتى لا تتكرر عملية الغدر المتمثلة بالعصير الراقي والعصير الرخيص , وحتى أكون قريبا من مصدر القوة والاكل المميز , حيث لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين !!.

أحدث المقالات