من يحسب أن المرجعية سوف تتقهقر أمام كتلة سياسية ما، مهما كان حجمها، ومهما كان مستوى تسلطها، ومهما استخدمت من أساليب لخداع الشعب، وإغرائهم بالأموال والعقارات، وتزوير إرادتهم؛ عبر التلاعب بصناديق الإقتراع، من يحسب ذلك فهو مخطئ تماماً.
الجماهير أقوى من الطغاة، لربما نسي الحاكم أن قائلها هو مؤسس حزبه! بل نزيد عليها: أن المرجعية ممثلة الشعب أقوى من الطغاة.
بالأمس وقبيل الانتخابات التشريعية، نادت مرجعية النجف الأشرف بالتغيير، وربما حسب الحاكم المستأثر بالسلطة والطالب للولاية، أن المرجعية تتحدث عن فراغ، وأن إرادته غالبة على إرادتها، بما تسلط عليه من مقدرات الشعب والدولة، والتي سخرها جميعاً لأجل تحصيل الولاية الثالثة!
من الحماقة بمكان، أن يتصور البعض أن المرجعية الرشيدة تتحدث عن فراغ! وأنها قاصرة عن التأثير في الواقع السياسي، ولعل ذلك التصور صائب في مرحلة ما قبل الانتخابات، والتي يكون فيها القرار موكول بيد الناخب، بيد أنه في مرحلة ما بعد الانتخابات، ستكون الدفة بيد المرجعية، وليست بيد الحاكم.
ثمة جهات لها التأثير الرئيسي على الأطراف السياسية في العراق، بما يخدم العملية السياسية ومستقبل البلد، تأتي بالدرجة الأولى مرجعية النجف الأشرف، والتي تعد مصدر ثقة واطمئنان لدى جميع الجهات السياسية الرافضة للولاية الثالثة.
والجهة الأخرى هي الجمهورية الإسلامية، والتي عهد عنها حكمتها وعدم وقوفها بوجه الإرادة الشعبية العراقية، سيما مع إصرار مرجعية النجف الأشرف على التغيير، ورغبة الأطراف السياسية الفاعلة، والتي بعثت برسائلها الى المرجعية طالبة منها التدخل شخصياً لإيقاف الولاية الثالثة.
ثمة أمر آخر يتعلق بالأمن الوطني العراقي، والأمن القومي الإيراني، والمصالح الدولية، الا وهو إجماع الأطراف السياسية المكونة ديموغرافياً للعراق، على رفض الولاية الثالثة، مما يجعل تلك الولاية تهدد الأمن الوطني للعراق، والأمن القومي الإيراني، وفق نظرية الأمن، وتثير حفيظة المجتمع الدولي، وذلك ما لا يسمح به لا الجانب الإيراني ولا مرجعية النجف الأشرف، والأخيرة أكاد أجزم بأنها أخذت بنظر الإعتبار جميع تلك الأمور والمتغيرات، فالمرجعية الرشيدة كما عهدناها مرجعية شاملة، وليست مرجعية الفروع الفقهية كما يصفها البعض جهلا وأستخفافاً.
التصريح الأخير للمرجعية والذي أطلقته عبر ممثلها في خطبة الجمعة في كربلاء، دعت فيه الى ضرورة مشاركة جميع مكونات الشعب العراقي في الحكومة القادمة، تخللته إشارة صريحة الى رفض المرجعية القاطع للولاية الثالثة، بل أنها تبعث برسائل الطمأنة الى الشعب، بأن لن تكون هنالك ولاية إلّا لمن يمتلك مقبولية لدى جميع المكونات.
من جانبه صرح ممثل الأمم المتحدة ميلادينوف عقب زيارته للمرجع السيستاني، بأن الحكومة القادمة ينبغي أن يشترك فيها جميع المكونات السياسية الفاعلة والممثلة للشعب، وذلك يعني ثمة توافق مع رأي مرجعية النجف، ورأي الجانب الإيراني.
كما أن زيارة المالكي الأخيرة الى السيد عمار الحكيم، يلحظ منها تنازلاً كبيراً من قبل المالكي، سعياً منه لإصلاح بعض الأخطاء التي إقترفها بفعل عنجهيته وعناده، ولكن ولات حين مندمِ!
يبدو أن قافلة التغيير سارت، والولاية الثالثة الى خبر كان.
نعم للتغيير .. نعم للمرجعية الحكيمة .. نعم لإرادة الشعب المظلوم .. نعم للديمقراطية ولوحدة العراق.