في احدى جلسات مجلس نوابنا الماضية تم طرح مقترح قانون تحديد ولايات الرئاسات ، وبغض النظر عن دوافع المؤيد والرافض والتي اجزم بانها لم تنطلق من مصلحة وطن او مواطن بل انطلقت لمصالح كتل سياسية متصارعة على المغانم وثروات العراق ، بغض النظر عن هذه الدوافع الا ان هذا القانون اذا ما شرع فان له تداعيات ايجابية تسهم في تحرر الانسان العراقي من ثقافة اجترها مكرها من تراثه التاريخي ومن حقبة النظام السابق….
الكثير من الاخوة يعترضون على قسوة تعبيري واصراري على استخدام مصطلح ثقافة القطيع حينما اصف او انتقد ابناء شعبي الذي اعتز بالانتماء اليه اعتزازي بذاتي ، والحقيقة ان استخدامي لهذا المصطلح غايته تقريع ولوم لعل النائم نوما ثقيلا يستقيظ ، ولكن للأسف والى يومنا لازلنا نرقب مجتمعنا النائم ان يتململ ويستيقظ على حجم الكوارث والمصائب التي تحيق به….
استثمرت الطبقة السياسية اليوم انخفاض الوعي والامية بالوانها ثقافية وابجدية وغيرها لتنتج لنا قادة ضرورة جدد يطربهم سماع اهازيج هلا بيك هلا و كل الشعب وياك ومن هذا القبيل المجتر من حقبة قائد الضرورة المنصرم ، والغريب بالامر ان بعض جهات هذه الطبقة السياسية كانت تتبنى الفكر الحر وتحرر الانسان من الوان العبودية ليصبح انسانا مستحقا لانسانيته لا ان يمسخها ليصبح كائنا اقرب للبيهيمية منه الى الانسانية ، ونفس هذه الجهات اليوم تجند ما تستطيع من حول وقوة في سبيل ابقاء الشعب على ثقافته المجتره والتي سميناها ثقافة القطيع والتي نعتبرها هي الداء الوبيل والكارثة الكبرى التي المت بنا تهون عندها جميع الكوارث…
وفي تقديري ان قانون تحديد الولايات للرئاسات له مدخلية فاعلة في التحرر والانعتاق من ثقافة القطيع نحو الانسانية الواعية ، ولو امعنا وتأملنا قليلا على ردود الافعال والمواقف التي صاحبت طرح مقترح قانون تحديد الولايات من قبل الكتل السياسية والنواب لوجدنا اصرارا عجيبا من الطرفين المؤيد والرافض على موقفه ، فالكتلة السياسية التي ترفض هذا القانون نجدها كتلة رئيس مجلس الوزراء الحالي ، وهذا مؤشر يعطينا دلالة على ان هؤلاء النواب الرافضين لم ينطلقوا من رؤيا مستقبلية للعراق ونظامه ولا حرصا على دستور او قانون بل كان الانطلاق هو مصلحة الكتلة للأنفراد بالعراق كغنيمة ، واما اغلب المؤيدين للقانون ففي تقديري الخشية والخوف من عدم اقتسامهم للغنيمة….
جرى بعض النقاش للمؤيدين والرافضين للقانون في مجلس النواب ، وفعلا هنالك حجج قانونية ناهضة لكل فريق مما يعطي انطباعا بان هنالك فسحة تجعل عامل المصلحة الوطنية يدخل في الاعتبار لترجيح طرف دون طرف اخر دون اخلال دستوري او قانوني ، وهذا العامل وجدنا حضوره قويا في قرار المحكمة الاتحادية حينما اصدرت قرارا بمخالفة قانون الانتخابات الذي جاء بهولاء النواب والحكومة اليوم الا انها اخذت عامل المصلحة الوطنية لاستمرار مجلس النواب والحكومة وان كان القانون مخالفا للدستور….
وبالتأكيد ان تشريع قانون يحدد عدد الولايات لرئيس مجلس الوزراء سيصيب جمهور السلطة بالصدمة التي ربما تساعد في تحريرهم من ثقافة القطيع ويدركوا ان اصحاب المناصب العليا ماهم الا موظفون لدى الشعب ويحاسبون حسابا عسيرا وكبيرا من قبل الشعب نظرا لجسامة وكبر المسؤولية التي يتحملونها ، وهذا هو المنهج الديمقراطي الحقيقي – لا المزيف – وهو المنهج الذي يفضي الى العدالة والقضاء على الفساد ، وبهذا المنهج فقط نستطيع ان نترقب نشؤ دولة صحيحة مزدهرة تشيع فيها ثقافة الحقوق والواجبات…
لهذا نقول ان قانون تحديد الولايات سيساهم بدرجة كبيرة في عتقنا كشعب من ثقافة القطيع بينما عدم التشريع وابقائها سائبة كما هي احوال العراق سيجعلنا نشهد تعزيز اكبر واشاعة اكثر لثقافة القطيع بيننا كشعب لنفقد حلمنا بعراق الغد ويضيع العراق نفسه…