23 ديسمبر، 2024 12:38 م

الولاة والعصاة جولة بين صفوف الكهنة !

الولاة والعصاة جولة بين صفوف الكهنة !

يطعن بي حزن هذا الصباح ، هو النظر .. هو السمع .. هي أمور تعصف بذاكرتي وذلك اليوم .. ذلك المراس لي وكفي إختفت خطوط الشقاء منها ، أين هي السماء أيها الرأس العتيق ، منذ أكثر من ستين عاماً ترافقك الهموم ، ثم يطبق عليك جمع من أشاوس البغاء صباح يوم رمادي تحنط بأسوار المدينة .. خرجت مسموما وأجلت البكاء حتى يوم آخر.. خرجت مذعورا من خونة يرفعون إسم الله وهم ينثرون الدماء على رحمته .. لم ألتفت إلى بيتي وما تركته من عمر وشقي وسعي ، حتى ملابسي وكتبي تتوسل بي أن أنقذها من جحيم الدواعش وهم يستبيحون أرض مدينتي فودعتها مدحورا .. بعد ايام من سقوط المدينة الآمنة أطلقت نداءات التحذير للجميع بالعودة إلى بيوتهم ورسائل الإطمئنان للأهالي ولمن كان إبنه أو إبنته داخل المدارس في أبنية جامعة الانبار وفي الأقسام الداخلية.. كنا نعرف من دخل المدينة لكننا لم نكن نعرف من أدخلهم .. وبقينا بعد صباح ذلك اليوم الأسود نتوقع لا شيء حتى خرجنا من موقع مدينة الرمادي أنا وعائلتي حائرين ، ممزقين ، وتوقفت قليلا كي أعانق جميع احبتي مودعا له ودموعه تنقل براءة التقاة حين يطبق الهم على قلوبهم .. بينما أسراب من اهلي في مدينة مدن الانبار الرمادي يشقون طريق نجاتهم من أسوار , بعد أن اقلت سيارات النقل لشرفاء من الرمادي .. ثم نزحت إلى مدينة السليمانية حتى تحررت المدينة من العدو فعدت إليها وكأنني أدخل سماء أخرى .. فراتا آخر.. حدائق زهورها الحجارة ، تجولت من البوابة الرئيسة لمدينتي الخالدة ذهابا وحتى البوابة إيابا.. الشوارع ، القاعات ، الأزقة ، الكليات ، وخضبت يدي بتراب الحرم .. ها أنذا بكامل جسدي وبقايا العقل وسرب من ذكريات لربع قرن كانت كافية لي أن ألتفت إلى بيتي في المدينة .. هذا رداء الروح وكنية المجد لي ولمئة تليها مئة يليها ألف من أخوتي ممن نزح من الرمادي وباقي مدن الانبار , وبنادق العدو فوق رؤوسنا .. منذ سنتين لا حلم لي غير التجول في الحي والذهاب صباحا إلى الدوام وعصرا إلى الرمادي .. هذا حلمنا بعد النزوح يتحقق رغم ما حل في بيوتنا من خراب وسرقة .. لكنها السقوف كما سألني صديق لي .. أما زال سقف بيتك موجودا ؟ أجبته بنعم ..السقوف وبيوتنا وكلام لكاهن أحبه قال لي ستخرجون منها ! سألته أما زالت السقوف؟!
أجبت نفسي لا نخرج !