23 ديسمبر، 2024 4:23 ص

الوقت المناسب لتقييم الحكومة

الوقت المناسب لتقييم الحكومة

ان مسألة الحكم على فشل حيدر العبادي او نجاحه لم يحن اوانها بعد اذ لم يمضي على تسلمه رئاسة مجلس الوزراء سوى اشهر بعد صراعات طويلة و تدخل خارجي جنب البلاد حربا الى جانب الحروب التي شهدتها على مدى الاعوام الماضية التي سبقت تولي العبادي المنصب و التي يعتقد البعض انه المسؤول عنها متناسين عشرة اعوام من العبث و الفوضى السياسية لم يكن للرجل دورا فيها , ان العبادي لا يحاول اعادة اعمار العراق او انهاء الحروب التي لا تكاد تنتهي حتى تبدأ غيرها فقط بل هو يسعى للحفاظ على الدولة و كيانها كما كانت عليه و هو امرا غاية الصعوبة في ظل الظروف التي تعاني منها المنطقة و الصراعات التي فاقت قضية محاربة الجماعات الارهابية بل تطورت لتصل الى مستوى الحروب الدولية الغير معلنة و التي صار العراق محورها اضافة الى الصراعات الداخلية التي يديرها من يطلق عليهم قادة الصف الاول اللذين لا زالوا يعتقدون ان لهم دوراً في القرار السياسي .

 ان الحكم على العبادي بالفشل مع وجود الدليل الكافي يعني ببساطة انه لم يعد يستحق الاعوام الثلاثة القادمة من عمر الدورة الانتخابية الدستورية اذ لم يعد العراق و شعبه قادرين على تحمل تجربة فاشلة من جديد و ان بقائه في المنصب هو جريمة اخرى تضاف الى جرائم العملية السياسية التي لم تستطع بناء مدرسة او شارعاً نموذجيا في العراق رغم تنوع الاحزاب المشاركة فيها و اختلاف توجهاتها و التي تدعي امتلاكها لخطط عمل من اجل بناء العراق و النهوض به لكنها في الوقت نفسه تربط انجازاتها بكرسي الحكم متناسية ما حصلت عليه من وزارات و مناصب في غاية الاهمية و الخطورة وهو ما يجعل الاحزاب التي لا تحظى بكرسي رئاسة الوزراء في حالة عداء مع يتسلمه و ان كان من بين اعضائها في مفارقة غريبة لم يشهد الواقع السياسي لها مثيل .

 و اذا حُكم على العبادي بالنجاح فهذا يعني اننا لا نستطيع محاسبته في نهاية الدورة الانتخابية و انتخاب حكومة جديدة في السنوات القادمة لانه فشل في ادارة الدولة اذ لا يمكن ان يكون فاشل و ناجح في الوقت نفسه و ان كان العراق لم يشهد الى يومنا هذا في ظل دولة  الديمقراطية و العدالة اعلان محاكمة مسؤول في ابسط التهم على الرغم من الكوارث التي تكشف يوماً بعد يوم و من الجهات المسؤولة و هو ما يمكن اعتباره انجاز فعلى الاقل اصبحت التهم تطلق بصورة رسمية بعد ان كانت مجرد شبهات لا ترقى الى مستوى الاتهام وفق الاطر القانونية.

 ان متابعة المؤشرات و القرارات التي تصدر عن رئيس الحكومة و اختيار الوقت المناسب (فمن المحال اعتبار شهر او شهرين مقياسا للتقييم ) هو ما يقودنا الى التقييم الحقيقي فالاشهر القليلة الماضية دلت على جدية الحكومة في تعاملها مع الازمات التي تعصف بالبلاد و ان كانت الخطوات بطيئة بسبب العوائق التي توضع امام كل مسؤول يسعى الى العمل الحقيقي اضف الى ذلك الازمة المالية و الارهاب سياسيا كان ام اجرامياً و تصيد البعض ممن فشلوا في الحفاظ على مصالحهم في الماء العكر دون ان يضعوا في حساباتهم ان نجاح الحكومة سيشمل الجميع سياسيين و مواطنين وان فشل الحكومة هذه المرة سيكون له عواقب وخيمة و لكن ليس على الشعب بل على السياسيين و احزابهم فالشارع العراقي في حالة غليان و احتقان و لن يرحم احدا ان استمر الوضع على ما هو عليه دون تحسن ملموس و اجراءات حقيقية .