23 ديسمبر، 2024 2:58 م

الوفد الكردي الى بغداد.. حديث الساعة !

الوفد الكردي الى بغداد.. حديث الساعة !

ما جعل زيارة هذا الوفد لترتقي الى مستوى ” حديث الساعة ” هو ” الإعلام ” الذي اعطاها حجماً اكبر من قياسها او مقاساتها ! لكنّ في ” الإعلام ” هنالك مَن يقوم بتشغيل اجهزته ! ويسبقها بإعداد ” الرسالة الإعلامية ” وتنقيحها وتحريرها , وكان ” المصدر ” في ذلك هو رئيس الجمهورية عبر تحرّكه الأخير الملفت للنظر وتصريحاته التي اعقبته .! , فالرئيس فؤاد معصوم بادر مؤخراً بكتابة رسائل الى رئيس الوزراء والى السيد نيجرفان البرزاني وعرضها على نواب رئيس الجمهورية , يطرح فيها مقترحاً للقاءٍ مشترك بين بغداد وممثلين من الأقليم . وكانت رسالة الرئيس ضبابيةً للغاية في كلا بعديها الأعلامي والسياسي , وكأنها بحاجة الى ترجمة من العربية الى العربية .!

اوّل ما يستوقنا بحركة الرئيس معصوم هو لماذا كتابته الرسالة الى رئيس الوزراء وهو على مقربة منه وبمسافةٍ قصيرة في المنطقة الخضراء .! , وكان من الأجدر التباحث معه ميدانياً لأغراض المناقشة وتبادل الاراء وما الى ذلك , وما يجتذب الأنظار ايضاً أنّ الرئيس اعلنَ او صرّح بأنّ نوّاب رئيس الجمهورية قد وافقوا على مشروعه .! < فالأعراف والتقاليد في دول العالم أنّ نائب الرئيس لايعارضه بل يغدو ممثلاً عنه , لكنّه في العراق فكلّ أمرٍ شاذ > انما ينبغي القول ايضاً عمّا اذا عارضوا نواب رئيس الجمهورية لمشروعه او لم يعارضوه , فما الذي سيتغيّر وام الذي سيؤثر على اللقاء المرتقب مع الوفد الكردي او سواه ايضاً .!

الوفد الكردستاني الذي سيزور بغداد , هو اوّل وفدٍ من الأقليم يلتقي مع الحكومة المركزية منذ ذلك الأستفتاء . وهذا الوفد هو برلماني وليس من السلطة التنفيذية , وبالتالي فأنه لا يمتلك اية صلاحيات لاية حلحلة مفترضة بين الأقليم وبغداد , بل أنّ وسائل الأعلام الكردية ذكرت أنّ زيارة الوفد هي لتمهيد الأرضية لإجراءِ الحوار المنتظر .! < إذن فطالما الأرضية ليست ممهدة او معبدّة الى الآن , فكم يتطلّب وكم يستغرق تشييد الحوار واعمدته وجدرانه لبلوغ السقف > .

هنالك بضعة توصيفاتٍ مشتركة للتعبير او الأشارة الى عنوان زيارة الوفد القادمة , فهي بروتوكولية بلا شكّ , كما انها تأتي كمحاولة لترطيب الأجواء السياسية الجافة بين الأقليم وبغداد , ثُمّ انها قد تهدف الى جسّ النبض وحبّ الأستطلاع الميداني , بل تدنو من ” الفضول الصحفي ” لإستقراء ما يدور في اذهان الطرف المقابل والتعرّف على نقاط التشدد والنقاط ذات المرونة المفترضة لدى حكومة المركز .

الإبهام اللغوي والفكري والسياسي في آخرِ تصريحٍ لرئيس الجمهورية هو قوله << بأن لا دواعٍ و لا فائدةَ ترجى من لقاءٍ مشترك بين العبادي ونيجرفان برزاني .! فمثل هذا اللقاء سيقتصر على المجاملات السياسية ولن يصل الى نتيجة لحلّ الأزمة مع الأقليم , بل يجب قدوم وفد كردي الى بغداد للتباحث مع وزارة النقل ومناقشة الوضع حول المطارات بالأقليم وكذلك مع هيئة الكمارك حول المسائل المتعلقة بالمنافذ الحدودية >> .! حديث الرئيس معصوم هذا قد يعني إمّا أنّ وزارة النقل تعمل خارج سيادة الدولة وقرارها السياسي ! او أنّ هنالك تغييراً وتراجعاً بموقف العبادي بأعادة فتح المطارات ” وهذا لم يُعلن ! ” حيث وصل امس وفد من الأقليم لأجراء مباحثات مع وزارة الداخلية , ويضم مدراء الجوازات والأحوال المدنية والأقامة والبطاقة الوطنية في محافظات اربيل والسليمانية ودهوك .!

وبتداخل هذه الأوراق والمواقف , فالسيد رئيس الجمهورية لم يتطرّق الى تعنّت حكومة الأقليم في عدم تسليم المعابر والمنافذ الحدودية الى الحكومة الأتحادية ولا على ضورة وقف التهريب ” الرسمي ” للنفط من الأقليم وتسليم ذلك الى السلطات العراقية , وهو يشدد في تصريحاته على تحميل بغداد مسؤولية الأزمة مع الأقليم , والرئيس هنا يقفز على حقائق محظورٌ القفز من فوقها .!

من المفترض أنّ الحكومة العراقية سوف تستثمر اللقاء مع الوفد البرلماني الذي يمثل بعض الأحزاب الكردية , بغية ايصال رسالة محددة ومشددة الى حكومة الأقليم , بأنّ موقف بغداد تجاه الأزمة القائمة مع الأقليم هو موقفٌ ثابت وراسخ ومحدد بشروط دستورية , كما أنّ المنطق لا يفترض ايّ افتراضٍ بأمكانية او احتمالية تراجع السيد العبادي عن شروطه لحلّ الأزمة مع قيادة الأقليم , بل أنّ الأمور السيادية العالقة بين الأقليم وبغداد هي اكبر من اي رئيس وزراء او حزب او رئيس جمهورية , انها مسألة شعب وسيادة وطن .!