إن الوفاء للشهيد موضوع في غاية الاهمية بحيث أصبح من أهم المسؤوليات التي تقع على عاتق الدولة والمجتمع على حد سواء….
والوفاء على نوعين:
1- الوفاء المادي.
2- الوفاء المعنوي.
الوفاء المادي وهو الاهتمام بالشهيد من الناحية المادية من خلال إستعادة أمواله المنقولة وغير المنقولة التي تمت مصادرتها من قبل عصابة البعث المجرمة بقيادة الهدام المقبور…
والاهتمام أيضا بأسرة الشهيد لأن سلطة البعث المجرمة حرمت عوائل الشهداء من كل شئ وأكثر من ذلك فقد قامت بهدم بيوت أسر الشهداء ومنعت إعادة بنائها بل وزادت على الظلم ظلما لأنها كانت تأخذ من اسر الشهداء ثمن رصاصات الاعدام ومنعت ذوي الشهداء إقامة العزاء…
فالمجتمع والدولة تقع عليهما مسؤولية هذا النوع من الوفاء للشهيد…
وقد نص الدستور الجديد في أحد مواده على تأسيس مؤسسة تعنى بشؤون الشهداء .
الوفاء المعنوي إن هذا النوع من الوفاء لايقل أهمية عن النوع الاول إن لم يكن هو الاهم…
والمراد من الوفاء المعنوي للشهيد هو الاهتمام بالاهداف التي ضحى من أجلها الشهيد والسعي الى تحقيق هذه الاهداف..
إن هناك أهداف نبيلة كثيرة سقط من أجلها ملايين الشهداء من الرجال والنساء بمختلف أعمارهم ومستوياتهم وعقائدهم…
ومن جملة هذه الاهداف النبيلة:
1-مقاومة السلطان الظالم وعدم الخضوع والاستسلام لإرادته…
يقول السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قد) في بعض مؤلفاته ما مضمونه”إن الحاكم الظالم يسعى الى تحويل الامة الى جثة هامدة عن طريق سلب شخصيتها ووجودها لأن حياة الامة يكمن في وجودها وشخصيتها التي تأبى الخضوع والخنوع والاستسلام والتنازل لإرادة الظالم المستبد….
وقد سلب من الأمة وجودها عندما تسلط عليها يزيد بن معاوية ولكن الامام الحسين(ع) بتضحياته العظيمة أعاد للأمة وجودها وشخصيتها”
إن صراع أبناء الامة الواعين مع الحاكم الظالم كان صراعاً على شخصية الامة ووجودها وقد سقط في سبيل هذا الهدف العظيم مئات الآلاف من الشهداء…
وقد توهم الهدام صدام معتقدا أنه قد أحكم السيطرة على الشعب العراقي ولكنه تعرض لصدمة الانتفاضة الشعبانية التي برهنت على أن الشعب لم ولن يخضع ويستسلم كل ذلك كان بفضل دماء الشهداء….
ثم بعد ذلك وبعد أن قام بقمع وإبادة الانتفاضة بمساعدة قوى الاستكبار بقيادة أمريكا…
عاد صدام المقبور الى وهمه وغروره متصورا أنه قد قضى على وجود الشعب ولكنه تعرض للضربة القاضية التي قصمت ظهره وزعزعت عرشه من خلال إنتفاضة الشهيد السعيد محمد محمد صادق الصدر(قدس) والتي من خلالها حصل المجتمع العراقي على عزته وكرامته وشخصيته…
ولم ينفع صدام المقبور حينما أقدم على إغتيال الشهيد الصدر(قدس) بل كانت هذه الجريمة النكراء سببا في نهايته المخزية…
إن هذا الهدف من أعظم الاهداف النبيلة التي ينبغي على المجتمع والدولة المساهمة في إيجاده وتحقيقه عن طريق توفير أسبابه…
2- إقامة العدل: إن العدل فلسفيا هو وضع الشئ في موضعه المناسب له..وعلى ضوء هذا التعريف فإن أحكام الشريعة المقدسة هي من أهم مصاديق العدل ولذلك فهي تمثل العدل الالهي…
إن الشريعة السمحاء تتكفل سعادة الفرد والمجتمع والدولة…
ولايوجد بديل للشريعة إطلاقا فالشريعة هي العدل الالهي ونقيضها هو الظلم البشري…
إن إقامة العدل كانت من أهم وأعظم الأهداف التي كان يهتم بها قادتنا المعصومون(ع) وعلمائنا الربانيون وقد ضحى في سبيل إقامة العدل الكثير من العلماء والمراجع والكثير من أبناء هذا الشعب المظلوم..
ومن هنا يقع على عاتق الدولة والمجتمع مسؤولية تحقيق هذا الهدف من باب الوفاء لملايين الشهداء الذين ضحوا من أجل هذا الهدف النبيل وليس المسألة مسألة وفاء فحسب بل هي تمثل واجب وطني وديني وإنساني وعقلائي..
وبدون تحقيق هذا الهدف سوف لا نحصد الا الدمار والخراب…
3- الالتزام الديني: بعد أن عرفنا مدى أهمية الشريعة المقدسة التي تمثل حكم الله العادل ومن المعلوم أن الاعم الاغلب من أحكام الشريعة تحتاج في معرفتها الى عملية إستدلال معمقة تسمى (الاجتهاد أو عملية الاستنباط) ومن هنا أكتسب الفقهاء المجتهدون الاهمية فكانت الفتوى تمثل كابوسا جاثما على صدر الحاكم الظالم لأن الفتوى لا تنسجم دائما مع أحكامه الظالمة…
ومحل الشاهد أن الكثير من أبناء الشعب العراقي أستشهدوا بسبب الالتزام بتطبيق الفتوى…ولا حاجة للخوض في التفاصيل فالمهم هو بيان الوفاء المعنوي للشهيد!!!
فهل من العدل وبعد كل هذه التضحيات في سبيل حكم الشرع العادل أن لا يهتم المجتمع والدولة بهذا الهدف العظيم؟؟؟
إن الوفاء للشهيد يقتضي نشر العدل والوعي ومحاربة الفساد والانحراف…
4- الاستقلال وعدم التبعية إن الكثير من المناضلين والمجاهدين من أبناء هذا الشعب العظيم ضحوا بأعز ما يملكون بالغالي والنفيس في سبيل استقلال العراق سياسيا وأقتصاديا وبأساليب متنوعة بالسلاح والقلم…
حتى أن الكثير من الواعين من أبناء الشعب كتبوا الكثير من المقالات والدراسات والبحوث التي تبين أضرار التبعية بكل أنواعها وكان الكثير من هؤلاء تعرض للقتل والتعذيب والتهجير بسبب ذلك…
ولم يقتصر الامر على بيان أضرار التبعية بل أن الشهيد محمد باقر الصدر(قد) قام بكشف النقاب عن الانظمة الاسلامية المتنوعة التي برهنت على عدم الحاجة الى التبعية السياسية والاقتصادية وغيرها…
وهذا هدف آخر من الاهداف السامية التي لابد للجميع أن يتحمل المسؤولية تجاه وضمان تحقيقه…
وهناك أهداف أخرى لا تقل أهمية عن الاهداف التي ذكرتها ولكني تركتها لفطنة القارئ الكريم.