العُقود شريعة رَبانية، ونُظٌم أجتماعية، مثل عَقد الزواج، والمُضاربة، والأمور التجارية وغيرها…؛ لأن الدساتير الإسلامية تأخذ مبادئها من روح الشريعةِ الإسلامية، وكذلك هو الحال في القانون الوضعي.
عزيزي القارئ الفطن أنّ العقدَ لهو رابطةٌ أجتماعية وُثقَى ينظمها المجتمع حسب ثقافته، وتقاليده الموروثة، والعقد الاجتماعي لا ينحصر على عقود البيع، والشراء، ولا الزواج، بل يتجاوز ذلك بكثير ضمن القانون المدني، إذا العقد الاجتماعي للوعي هي رابطة انسانية تأريخيه متجدده قبل كل شيء أخذت جذورها من الماضي؛ لغرض أنّ تروي سيقانها، وتثمر ثماراً طيبة، يكون مذاقها طَيِّبٌ للآكلين.
وبما أننا أمة تراث، وميراث، وهذه هي مفخرة لنا؛ ولكن نشكو عَدم مُبالاة مجتمعي للوعي حالياً، علماً أننا امتلكنا لفترات طويلة وعياً جماعياً مجتمعياً متقدما نفتخر به، وتسيدنا على العالم بأسره، فهيا بنا يا أمة (أقرأ) بمحبة محمداً (ص)في قلوبكم، أن نحْيِي أمجاد أجدادنا العظام، قبل أن ينطبق علينا قولهُ تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} صح النوم يا نايم، هل نحن في مرمى هذه الآية ام ترانا ماذا فاعلون؟ هذه الآية نزلت على الرسول محمد (ص) في ايامه بهذا الوصف، فما نحن عاملون اليوم؟ وهل تنطبق علينا الآية قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لهذا نحن نَشد على أيدي كل باحث، بكافة الاختصاصات العلمية من الأساتذة الأفاضل أصحاب الالقاب العلمية، والاخرون وهم منشغلون دوماَ لا يبرحون مكانهم الا لمتطلبات الحياة الضرورية، حتى يرفدونا بأغنى المعلومات الثقافية؛ ليستخرجوا لنا اللؤلؤ المكنون، ولكن بعضنا باعَ اللؤلؤ بالحصى!! يالا الاسف، تذكر عزيزي القارئ المتفكر المبصر اللبيب صديق القلم ديدنك الثقافة، مشاعرك هياجه؛ لأنك جند من جنود أُمة (أقرأ) ومثالي للتبسيط، أنّ المسؤولية تبدأ من الفردِ والابوين، والعائلة، والقرية، والمدينة، حتى يشمل البلد بأسره.
ياأيها الساده يمثل الوعي، وكما يقولون المثقفيّن هي الرافد الثقافي والعلمي، فعندما يَعي المواطن أن كان صغيراً أو كبيراً أن نظافةَ شارعهُ ومدينته هي بنفس مستوى قياس نظافة منزله او داره، وهذا الامر لمسناه عندما سافرنا، وشاهدنا البلاد المجاورة لنا؛ ولكن وللأسف هذا الأمر لم يلاحظ بشوارعنا، وانا أتصور أيها اللبيب العزيز أن بيوتنا نظيفة، واسلامنا حثنا على النظافة، فتنظفوا فأن الاسلام نظيفٌ في مضمونه، وقوله، وفهمه، وعمله، نظافة القلوب اولا، وطهارة العقول ، فهي تنظف كل شيء من كل درن، فلِنتأمل بمضمون الآية قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ….}.
فالوعي يبدأ مني كشخص، ومنك أيها القارئ الحليم، ومن الأم، ومن شيخ العشيرة، ومن عامل النظافة، ومن الكل مضمونا، وقولا، وفعلا؛ لكونه مسؤولية الجميع، ولكون الوعي تكليفاً اسلامي، واجباً وطنيّاً، ونحن ها هنا نتطرق عن الوعي بكافة اشكاله ومضامينه، فهو نوراً على نور للبصيرة وتحفة للعقول، ومعرفة اسرار الأمور، بالوعي تتقدم الامم، ويزدهر ابناءَها؛ لأن الوعي له أدوات؛ فإذا أرت أن تنتصر في أي مواجه، لابد لك أن تستحضر وتعد الادوات، فقال تعالى:{ وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ…. }.
أيها المتبصر اللبيب لابد لنا أن نَشحذ الهمم، وأن نستيقظ من سباتنا الفكري والسرمدي، وأن ننظر لما حولنا، ونحن متفقين دائما كرمك الله، واطال في عمرك؛ لكون ما حولنا من أمم وشعوب قد سبقتنا بسنوات ضوئية لا يتصورها عاقل! ونحن جاثمين في مكاننا لا نبرحه بالمره!! ربما تقدمنا خطوه، وتقهقرنا عشره في هذا المجال، ومسيرنا في التقدم مثل المسافة بين الحمار، والطائرة، ولا ابالغ بهذا الوصف التشبيهي القياسي، ومقامات الناس محفوظة لدينا، وكما يقولون الأمثال تضرب ولا تقاس الحمار دابه له قُدره محدودة، وهم كثر لدينا، والطائرة صنعها من يمتلك الوعي، ومن تجاوز حدود الوعي بشكل جمعي استطاعة أنّ يحلق بمكوك فضائي سرعته أسرع من الصوت بكثير! يَالَّا المفارقة والعجب أُمة في القرن الأول، والثاني، وحتى الثالث تسيّدت على العالم، واليوم نحن نستورد في بعض الاحيان إبرة الخياطة ، وهم يسبحون في الفضاء الفسيح، ونحن مختلفين فيما بيننا!!
هل بول البعير فيه داء أم دواء ؟ أم أنه عالج في حينه، أم ضرره اليوم أكثر من نفعهِ، فالطب يقول عكس ذلك!! قِسماً ممن يلتصقون بالمقدسات وبجهل، لا يستطيعون أنّ يبرحوا بعض من ميراثنا الذي أكل علية الدهر وشرب، فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، هذه زاوية من آلاف الزاوية التي تحتاج الى بحث، وتدقيق وتمحيص، نأخذ ما ينفع الامة، ونترك الباقي ؛ فنحتاج أنا، وانت، والمثقف، والمتصدر، والمتخصص، أن نبحث فيها بجدية، وعقلانية، ما ينفعنا ويواكب حياتنا من تطور أخذناه وتمسكنا به، وما يضرنا تركناه.
أيها القارئ اللبيب، وصديقي الدائم، أذا أسَهَبْتُ في هذا الموضوع، وكتبتُ صفحات، ومن الصفحاتِ انتقلت الى المجلداتِ، فأني اتصور بأننا نحتاج الى المزيدِ المزيد من شحذِ الههم، والارتقاء بمستوى وعي الفرد؛ لكي نحصد ثمراته في المستقبلِ خدمتاً لمستقبل ابناءنا وأوطاننا.
اذا الوعي فاكهة العقل، وروح البصيرة، والذي لا تستقيم الحياة من دونه، باستثناء حياة الذين يعيشون في الأحراش، بأساً لهم تخلفوا عن كل الأمم! كأنهم قوماً طمس الله عيونهم، وامحا بصيرتهم، وقال تعالى: { قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا } لاحظ وفسر هذه الآية أيها اللبيب أيدك الله بروح منه ستعرف كل ما أريد أن أصل اليه، واللبيب من الإشارة يفهم ، وهنا تكمن الحسرات وقال تعالى :{ قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ} اليوم ينفع الصادقين صدقهم وللغاوين بأساً وذِلَّة وهوانٌ شديد، وكفى بالله شهِيداً، فلنتسلح بالوعي ثم الوعي ثم الوعي يرحمكم الله، هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[email protected]