من المؤكّد إن هذين الموضوعين يكتسبان أهمية في الفكر الإسلامي وبالتالي في فكر الشهيد محمد الصدر(قدس)…
وكثيراً ما سمعنا منه (قدس) كلمات في أهمية الوعي والتربية أنقل لكم ما قاله (قدس) في لقاء الحنانة:
(( أستطيع أن أقول المعارف الأساسية التي نستطيع أن نقول يهتم بها الدين إنما هي ثلاث بالعناوين العامة بالإصطلاح الإصولي, الشريعة بما فيها الفقه والأصول, وكذلك ما يُسمى بالوعي الإسلامي الذي هو إصلاح المجتمع, وكيت وكيت من الأمور التي يعرفونها ونعرفها, ولا حاجة إلى تفاصيل, والعرفان أو العلوم الباطنية العليا)) إنتهى.
اذن الوعي هو إصلاح المجتمع، إن هذا الكلام يذكّرنا بما سمعناه منه (قدس) بخصوص المشكلة الإجتماعية والحل المناسب لها الذي يكمن في محاولة إيجاد الوعي في المجتمع للعدل وفي علم النفس يُعرّف الوعي بأنه الشعور واللاوعي هو اللاشعور..
وهذا التعريف يمثل جانباً من جوانب الوعي الذي يقصده السيد محمد الصدر(قدس) أو قل مصداقاً من مصاديق الوعي وليس المصداق الوحيد..
وحيث أن الإنسان فيه روحٌ ونفسٌ وقلبٌ وذهنٌ وعقلٌ فلكل هذه الأمور وعيها الخاص بها..
لأنها لابد أن تخضع للعدل الذي هو وضع الشيء في موضعه المناسب له…
وهذا المعنى ذكره السيد محمد الصدر (قدس) في مؤلفاته حيث ذكر في الموسوعة المهدوية أن هناك نوعان من التربية:
الاول: تربية فكرية ثقافية
الثاني: تربية روحية وجدانية.
والوعي وإن كان للحالة الوجدانية أكثر وضوحاً إلا أن العقل والفكر يحتاج الى الوعي..
إن السيد محمد الصدر (قدس) يؤكّد على أن التربية الوجدانية الروحية أصعب من التربية الثقافية وتكمن الصعوبة في أن الفرد في التربية الوجدانية يتطلب منه أن يعمل على خلاف شهواته ونزعاته ومصالحه الشخصية وليس الأمر مجرد معلومات يجهلها ويتعلمها عن طريق إدراكه لها والذي يؤكّد هذا الكلام الذي هو صلب الموضوع بالنسبة للوعي ما قاله (قدس) في لقاء الحنانة بخصوص التربية أنقله لكم نصا:
((…, ولو أن الإنسان دخل الى الحوزة ورأآها حق رؤيتها لرأآها ليست على ما يرام, أكبر شيء وأهم شيء هو الانانية التي تتربى مع تربي العلم, يعني الانسان يرتقي علمياً في الحوزة, قل عقلياً في الحوزة ويرتقي نفسياً وأنانياً ايضاً في الحوزة, وهذا هو الشيء الباطل الرئيسي الذي يمنع الفرد مهما كانت درجته الحوزوية من التقدم دنيويا وإلهيا أو دنيوياً وأخروياً, أما الله كما في بعض النصوص لا يدخل متكبر في عالم الملكوت, وكذلك لا ينفع دنيويا لأنه كل الأشياء من قبيل يقولون إنا أنزلناه في ليلة القدر وفي أمان الله, لا يقضي حاجات المحتاجين ولا يستطيع ان يركض لرفع اضطرار المضطرين بطبيعة الحال فمن هذه الناحية يفشل في الحقيقة دنيويا وأخرويا وهو لا يفشل دنيويا ظاهره الصلاح وظاهره العظمة وظاهره السيطرة ولكن نتائجه وخيمة بطبيعة الحال, وهذا أيضا من جملة التطويرات التي أنا متوصي لها وسائر من أجلها, فمثلا من جملة نتائجه ولا أعلم أنا في بالي قد أشرت الى هذا المعنى أو لا, أنا قلت إنه إذا طلب شخص من مدرّس أن يدرّسه, وإن كان التدريس في نفعه ويشتهر أنه مدرس (لمعة) اذن يقبل وإذا كان هو متكبراً وعظيماً وفاضلاً وكأنما يشعر من الذلة أن يدرس (لمعة) اذن لا يقبل , اذن فهذا هو التكبر بعينه, وكان من مصداق ذلك إنه أنا طبّقته على نفسي, وإن كان أنه لا حاجة الى المدح, وإنما أذكره لمجرد العبرة من من المراجع درّس الكفاية؟ لا يوجد لماذا؟ لأنه من العيب على الإنسان ان يدرّس خارج ويدرّس الكفاية, ولكنه مع ذلك أنا ضحيت ودرست الكفاية ولا زال الدرس ساري المفعول بالنصف الاول من الجزء الاول, لا زلنا وإن شاء الله إذا بقيت الحياة نستمر -محل الشاهد- فإذا كانت هناك حاجة كما وجدت حاجة, لأن الكفاية لا تُدرّس من قبل الأكفاء, الأكفاء لا يدرّسون وغير الأكفاء غير قابلين للتدريس, وأنا أعلم أن الأكفاء لماذا لا يدرّسون على كل حال ينبغي غض النظر عنها وليس كشف كل الأشياء فمع ذلك أنا درّست الكفاية…الخ)) انتهى.
وأيضا في نفس الجواب والمصدر يؤكّد:
((نستطيع أن نقول العاصمة الدينية الرئيسية والتي هي النجف بيده (المجتهد) فمن هذه الناحية يحتاج الى صناعة, وهذه الصناعة لا تكون الا بالتربية العقلية والنفسية والروحية بأشكالها, وإذا كانت تربية عقلية فقط اذن ينشأ كما نشأ الآخرون, ينشأ وهو لا يقضي حوائج الناس, إنما يشعر بذاته وحين اذن ينبغي بحسب المسؤولية الالهية الموجودة أننا نربيه عقلياً ونربيه نفسياً, وأنا نصحت يعني مائة بالمائة نصحت بمقدار أقصى إمكاني بأنه أيها الشباب جزاكم الله خيراً خلوا راسكم بالكتاب ))انتهى.
إن محاولة إيجاد الوعي في المجتمع لأجل إصلاحه لا يكون إلا بالتربية العقلية والوجدانية(اي الروحية والنفسية)…
إن للوعي درجات تبدأ من درجة الشعور وتصل الى درجات اليقين والكمال..
اذن التربية مقدمة رئيسية لإيجاد الوعي..