19 ديسمبر، 2024 8:37 م

جَميع الأديان الإبراهيمية التي جاءَ ذكرها في القرآن الكريم تتضمَن جملة عربية واحدة (أن لا اله الا الله وحده لا شريك له) اليهودية تقر بذلك ولها مفاهيمها، والمسيحية تؤمن بالثالوث، والقرآن الكريم ذكر اليهود والنصارى في الكثيرِ من آياته، وهو الكتاب المهيمن على كل الكتب السماوية، وجاءَ في آية كريمة تأكيداً على هذا الكلام، قال تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)هذه الآية صراحةً فيها القَوْلُ الفَصْل.
عزيزي القارئ المتبصر حفظك الله ورعاك، عندما نعود لعنوان المقال فأنني لا اتحدث بصفة شخصية عن مضمون عنوان المقال؛ ولكني أتحدث بصفة عامة، وكما قال تعالى: ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) واني في لِقَاءَاتَي الكثيرة والمُستَمرة مع فئة طلبة الجامعات، بصفتي أكاديميّة المس واِلْتَمَسَ من هؤلاء شوقا وحَنِينا يحثه الابداع لهذه العقول القيادية المُهَيأه للمستقبل، وهم ينهلون العلمَ.
الوعي كما اراه وتراه أنتَ أيها الواعي، عندما تدخل الى أي مستشفى لأول وَهْلة ، وتُشاهدَ ملائكة الرحمة، وهم يتوشحون اللِّبَاس الابيض، فأنتَ تتصور وتصورك صحيح، أن هؤلاء منتسبي الدائرة الصحية، ويعملون في مجال الطب، ولكن عندما تُدقق في باجاتهم تَعرف أن هذا ممرض، والاخر طبيب مقيم، وكذلك الاستشاري، فتذهب الى من تلتمس منه علماً واختصاصاً في حالتك المرضية، كل هؤلاء يعملون في مؤسسة صحية؛ لكن عناوينهم شَتَّى، والكل ذو أهميّة، ولا تستقيم أي مؤسسة صحية الى بالكل، وقياسي في ذلك، أن الله رفع الناس درجات، وفضل بعضهم على بعض في الرزق، وأمور اخرى، إِذا الوعي هو بوصلة العالم، فالبحار لا يستطيع أن يبحر في المحيطات أن لم يصطحب بوصلة معه، وكذلك الطيار……الخ.
إذا عندما أتحدث عن الوعي كما اراه بإسهاب، وأتكلم مع أصحاب العقول الفذّة، فأن هذه السطور التي يتغنى القلم بكتابتها ليست وليدة اللحظة؛ بل أن هناك جهوداَ جباره قد بُذِلْت وعمراً مديداَ في التعلم والتعليم والمثابرة، وسهر الليالي، حتى أقدمها بين يديك عزيزي القارئ هدية بهذا الشكل، وكما قال الامام الشافعي (رأيي صَوابٌ يَحتَمِلُ الخَطأ، ورأيُ غَيري خَطأ يَحتَمِلُ الصَّوابَ) ولا أَنأَى بنفسي من الجهل؛ لأن وفوق كل ذي علم عليم.
فلنتصور ذلك العبقري أينشتاين الذي بدَأَ حياته مُتَلَكَّأ في الكلام، وقسم من مُعلِميه لم يَتَفَاءَلُوا به، واعتبروه حالة مرضية، وربما لا أَتَجَنَّى على هذا الشخص عندما وصفوه إنه يشكي توحداً في التصرفات، وكان يعيش وحيداً، حتى الأطفال في عمره لم يتقبلوه كطفل، وهذا الرجل معروف بما قدم للإنسانية من اكتشافات هائلة، وساهمه في تقدم العلم بشكل مُذهَل ، فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
فالوعي أيها الحبيب حفظك الله يبدأ من عينيك التي تبصر، وأذنيك التي تستقبل، وفاهك الذي يتحدث، وانامك التي تكتب، كلما اجتهدت وتعبت وزرعت تحصد وعيا، فلسفيا، علميا، اكاديميا، تقر له العُيون.
فتلك اليابان أُمة تتقن صنعتها على الرغم مما شاهدته من كوارث من القاء قُنْبُلَتَيْن نوويتين على شعبها لأنها أمة حية، وهي اليوم عملاق الاقتصاد العالمي، وكذلك الصين، هي اليوم متربعة على الاقتصاد العالمي، وفي الخمسينات من القرن الماضي كانت الصين تشهد مجاعةٌ انسانية لم يشهدها التأريخ طول الازمنة من قبل، وانت تعرف الدول العشرين المتقدمة اقتصادياً، وما رأيك بها؟ وأين نحن من هذا وذاك وهؤلاء؟ هل نحن نحتفظ بالصفر؟!
الصفر ليس له قيمة عددية، ولكن بأيادي المبدعين ضف على الصفر أي رقم تَشاء تستطيع أن تضيفه فأنه يصبح رقماً تشيب له الولدان احصاء عدده وكميته، فأين نقف أيها القارئ اليوم؟ هل نحن من جماعة الصفر ام لنا الصدارة عالميا؟ وانا اشك بذلك، وربما عزيزي القارئ أنت تتفق معي.
أذاً عندما علم الله آدم الاسماء كلها، ومن هنا بدأ الوعي الإنساني، وعندما قال محمداً ما أنا بقارئ، فكان صادقاً، وعندما اشاره ابراهيم لربه ليطمئن قلبه؛ لأن الانبياء بشرٌ مثلنا، وأبونا ادم أبو البشرية، فبالوعي تبنى الأمم ومثالنا على الأنبياء حسب ما ذكر القران أنهم كانوا لا يستطيعون إيضاح عن ماهية الرسالة، وعندما وعوها كانوا خير مبشرين للإنسانية؛ لأن رسولنا الكريم، لا ينطق عن الهوى إن هو إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى.
فبالوعي وبكل حواسنا المرئية والمسموعة والمنطوقة نستطيع أن نصل بحالة الوعي المجتمعي إلى تقدم ونرتقي أعلى السلم، فنحن مشتركون مع الانعام في غريزة النوم والاكل والتناسل؛ ولكننا كبشر خلفاء الله في أرضه، وقال تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
لاحظ أيها اللبيب أيدك الله، مثالاً قياسياً على قدرتِ الله وعظمته، وهو سخر كل شيء للإنسان، السموات بأفلاكها ومجراتها، والارض بما تحتويه من كنزوها، وأرضها وشجرها والساكنين فيها، فمهما بلغ الانسان درجات في العلم فأنه يبقى ذو محدودية فيه، كقوله تعالى 🙁 وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا).
ولاحظ أيها الواعي المتبصر أن الوعي يًخط بالقلم، ويكتب أجمل العبارات في كافة الاختصاصات حتى تستفاد منها الإنسانية برمتها، ونحن اولى الامم بذلك، لكوننا أمة اقرأ فالوعي من وجهة نظري هو المثابرة والقراءة، والمناقشة، وتفنيد بعض النظريات؛ لغرض أن يصل الأنسان بوعيه الى الحقية حتى تنبت البساتين والضياع زهورا وأوراداً وفواكه جنات متعة للأكلين والناظرين، ايدك الله بروح منه، هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بان الأسدي
[email protected]

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات