في ضوء الزيارة التي قام بها الدكتر حيدر العبادي الى فرنسا مما لاشك فيه ان أهمية تعزيز وتطوير علاقات العراق الخارجية مع دول الجوار ودول العالم لما فيه مصالح هذا البلد المنكوب بسبب الازمات والتوترات التي حلت عليه طيلة السنوات الماضية خطوة جيدة ، لان ترصين العلاقات العراقية من منظور التقارب أمر لابد منه في المنطق العام لكون العراق له مصالح مشتركة مع الكثير من البلدان واهمها تبرز امامنا المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية والمائية والنازحين ومحاربة الإرهابي الذي يقوم به نيابةً عن العالم .
إن التقارب أو التفاهم في العلاقات الدولية أو النظام الدولي بشكل عام يتوقف على مدى توافر الإرادة السياسية لدى الدول أو الحكومات،
وهو امر مهم اذا ماكانت عوامل الالتقاء والتقارب بين البلدان متاحة ومتوفرة، والتي تصب جميعها في خانة الالتقاء المشترك في مواجهة التحديات المشتركة والمستجدات الراهنة. مع وجود العديد من المحددات الجغرافية والسياسية والثقافية والاقتصادية التي يمكن أن تجعل من التقارب واقعا حقيقيا، لاسيما في ظل الواقع الإقليمي الجديد .
أن العراق في ظل هذه الأوضاع التي يمر بها يحتاج لمختلف أشكال الدعم، ومن مختلف الدول، ومن المهم للعراق ترسيخ العلاقة مع محيطه الاقليمي والتنسيق مع دول الجوار في المنطقة منها ايران وتركيا لتوحيد المواقف والرؤى تجاه الملفات والقضايا الداخلية والخارجية ، كونها العمق المناسب للعراق، ولأهمية ذلك في استعادة العراق لدوره الإقليمي الذي لم يكن يتناسب مع إمكانياته الحقيقية قبل 2003 للاسباب التي سوف نمر عليها.
فضلاً عن محاولات التكامل الإقليمي التي تجري في المنطقة بين دول التعاون للخليج الفارسي التي تمر بازمة حادة وانكماشاً اقتصادياً في الوقت الحالي والعالم الاخر التي يمكن للعراق أن يكون طرفاً فاعلاً فيها حالياًو مستقبلاً على ان لايكون جسراً بين الشرق والغرب للعبور من خلاله فقط . لذلك ارى إن تمتين العلاقات مع العالم العربي والإسلامي ومنها الى العالم الغربي يجب ان يكون من أهم ركائز سياسة العراق الخارجية و له أكثر من غاية وهدف. فقد عانى ولسنوات طويلة من عزلة تامة، وحصارات على أكثر من صعيد. واعتقد ان أصل وجذور هذا الخلل مُتات من جملة تراكمات سياسية وتاريخية، بعضها متعلق بالظروف السياسية التي مر بها ومنع الاستقرار واستباب الامن فيه، ولا سيما خلال العقود الأخيرة من حكم النظام السابق، وما تمخض عنها من أزمات وعداوات بين العراق وجيرانه مثل الجمهورية الاسلامية الايرانية ودولة الكويت والحروب التي فرضت عليهما بسبب السياسات الخاطئة للنظام السابق، والبعض الآخر مرتبط بأوضاع إقليمية ودولية. وقد استمرت بعض تبعات تلك الحقبة الى ما بعد التغيير، من خلال استكمال المشوار من قبل المجاميع الإرهابية المدعومة والممولة من دول متعددة، مما انعكس سلبا ًعلى أجواء علاقات العراق الخارجية، الإقليمية منها والدولية.
وقد ادرك العراق وتحرك في هذا المنوال ونجحت وزارة الخارجية خلال السنوات الثلاث الماضية في ترميم علاقات العراق الخارجية مع دول العالم، وتجاوزت الخلافات السابقة، وهي خطوة مهمة كانت تهدف الى تعزيز مكانة العراق في المجتمع الدولي، من خلال الانفتاح على دول العالم، والتعاون مع دول الجوار على أساس المصالح المشتركة، وحسم الخلافات مع بعض هذه الدول، والعمل على بناء جبهة دولية لمكافحة الإرهاب في العراق والمنطقة التي ابتليت به وبما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد و بالمساهمة في تمويل إعادة الإعمار في المناطق التي تضررت من تلك الهجمات .
ومن هذا الباب فقد انتهج العراق سياسة جديدة تختلف اختلافا جذريا عن سابقتها التي كانت ترتكز على التخبط و فقدان الاستراتيجية الازمة وعدم التخطيط والتصريحات المتشنجة وخلق الأعداء ، الى سياسة الانفتاح وإعادة ترميم العلاقات بين دول الجوار ودول العالم مستندة الى سياسة دبلوماسية منتظمة ومتواصلة واهمية استثمار المشتركات لحل الخلافات. خلافاً لمنهج شائع ليس لدينا فقط، بل لدى الاخرين ايضاً، .مع العلم ان محددات العلاقة بين دول المنطقة لا تتحكم فيها محددات داخلية مستقلة عن العوامل الخارجية، خصوصا في ظل التبعية الاقتصادية والثقافية والسياسية للعديد من الأنظمة فيها للغرب
ترفض تفعيل المشتركات لحين حل الخلافات، التي لم تحل سابقاً بل تصاعدت وقادت لتصادمات دفع الجميع ثمنها، والتي لن تحل ابداً بمناهج الصراع والعناد ابداً . وفي تطوير التعاون الاقتصادي والامني والسياسي ينتشل المنطقة من الانقسامات الحالية والصراعات الطائفية التي اضعفت الجميع، ولن تنفع سوى مستثمري الازمات، والفوضى والعنف.والعراق اذا استطاع الانفتاح بشكل صحيح والانتقال إلى مرحلة معينة من مراحل التنمية السياسية، وتزامنت مع نمو الوعي السياسي الذي يتطلب قياسه باستمرار للتأكد من نموه ومدى مواكبته لعملية التنمية السياسية في المجتمع، ولمعالجة كافة القضايا التي قد تكون معيقة لعمليات التنمية أو تشكل تحدياً لها. لابد من فهم المعادلة التي تقوم عليها عملية التنمية السياسية وهي علاقة طردية بين التنمية وممارساتها والوعي السياسي، فكلما زادت التنمية السياسية وتنوعت ممارساتها، كلما زاد الوعي السياسي للمجتمع وتطور و سوف يكون سيد الموقف في العلاقات السليمة مع البلدان الاخرى