التصريحات الاخيرة التي أطلقها رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، والتي أکد فيها من أنه” يكون في حكومة لا تعتبر محاربة الفساد أولوية”، في إشارة واضحة بأن محاربة الفساد ستکون من أولوياته في ولايته الثانية، وهو يتعهد بذلك في خضم الانتخابات الجارية في العراق على أمل أن يکسب أصوات الشارع العراقي الذي ضاق ذرعا بالفساد الذي صار أغلب ساسة العراق الجديد ضليعين فيه.
هل بإمکان العبادي على فرض تفوقه في الانتخابات أن يفي بوعده هذا؟ هل سيتمکن من القضاء على الفساد و مکافحته و القضاء على الرؤوس الکبيرة فيه؟ من الصعب جدا أن نجاوب بنعم حلى هذين السؤالين، لأن أکبر الساسة الفاسدين و أقواهم دورا و نفوذا و تأثيرا في العراق، هم من المحسوبين على نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية والاهم من ذلك إن لطهران دائما حصة من ثمرات فسادهم و نهبهم لثروات الشعب العراقي خصوصا وإن الازمة الاقتصادية تطحن بالنظام الايراني وهي بحاجة ماسة للأموال لتسيير أمورها التي باتت ثقيلة بعد الانسحاب الامريکي من الاتفاق النووي، وبعد أن وصلت الاحتجاجات الداخلية الى مرحلة غير مسبوقة و صار النظام هدفا لها ناهيك عن تزايد دور و حضور منظمة مجاهدي خلق في داخل إيران و صيرورتها طرفا فاعلا في تسيير و توجيه الامور و الاوضاع في الشارع الايراني.
الاوضاع الصعبة جدا للنظام الايراني بعد الانسحاب الامريکي من الاتفاق النووي و الذي أکد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على صعوبتها لکنه شدد بأن موسکو ليس في إمکانها أن تقدم شيئا لطهران بهذا الصدد، ومن هنا فإنه من المنتظر جدا بأن تشدد طهران من ضغوطاتها على أتباعها في العراق و تدفعهم بإتجاه التفکير بطرق و أساليب من أجل نهب ثروات العراق و إرسالها الى النظام المتزعزع في طهران، ولذلك فإن العبادي عندما يقدم هکذا وعد فإنه يعرف جيدا ماسينتظره و ينتظر غيره في المستقبل، فهذا النظام لايرحم أحدا من الذين کانوا سائرين في رکابه و يخرجون عليه، وإن في الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح أفضل مثال على ذلك.
القضاء على الفساد، شعار لايمکن تحقيقه في العراق و الدول الاخرى الخاضعة للنفوذ الايراني، طالما کان هناك نفوذ إيراني وکانت هناك أذرع لطهران في هذه البلدان، وعودا على بدء، فإنه لايمکن تحقيق و إنجاز أي شئ فيه تعارض و تقاطع مع مصالح و مواقف النظام الايراني، ولذلك فيجب على الشعب العراقي أن يضع نصبعينيه دائما بأن أساس الشر و البلاء يأتي من النظام الحاکم في إيران و الذي طالما بقي جاثم على صدر الشعب الايراني الرافض له فإن الاوضاع ستبقى سلبية، وإن من يسير على نهج هکذا نظام لايمکنه أبدا أن يقدم الخير و الصلاح للعراق و الشعب العراقي.