اذا ما أستطعنا مغادرة هذه الصفحة من تاريخ العراق المعاصرواكتفينا بما قدمته النخبة السياسة للعراق وكل من اشترك في عملية إدارة الدولة مابعد تاريخ ٢٠٠٣ نكون قد وصلنا فعلاً الى نقطة البداية وهذا بحد يعتبر إنجاز، ولكن تلك النقطة تتطلب منا الشيء الكثير لنفعله كي نكون فاعلين في لبناء مجتمع متحضر يشترك وبشكل فعال في الحضارة المعاصرة والتي بالضرورة نحن نرتيط معها زمنياُ لذا ينبغي علينا وضع أولويات نصب اعيننا تكون بمثابة انطلاقات لتحقيق ذلك النجاح، ومن تلك الاولويات وأهمها هي مسألة ( الوطنية ) والتي تعتبر كمحور مستقل بذاته وأساسي وله دوراً مهماً كونه يملك قوة ديناميكية نستطيع من خلالها تحريك بقية المحاور الاخرى, ولبرهنة ذلك ما علينا سوى الرجوع لتجارب الدول المتحضرة حيث نجد ذلك جلياً في واقعها اذا ما تناولنا الشخصيات التي تناوبت على ادارة تلك البلدان حتى اصبحت بهذا الحجم الذي يشار اليها بالبنان.
ان ماجرى في العراق ولسنوات مضت من تلك الإخفاقات والسلبيات التي خلفت ذلك الحجم الهائل من الدمار, والذي نصل فيه الى حقيقة إن نسبة قد تزيد تصل لأكثر من ٩٠٪ من اسبابها هو غياب الوعي والشعور الوطني, بمعنى اخر ان مجموعة الولاءات والانتماءات والتي كانت ِوما تزال تحركها اجندات إقليمية واجنبية ذلك الامر قد تسبب في جعل الوطن يتحول ليكون عبارة عن فندق درجة ممتازة ( خمس نجوم ) يرتاده نزلاء هم أصلاً عراقيون ولكن بعد الذي حصل بات يشكك في عراقية الكثيرين منهم وخصوصاً من أولئك الذين عقدوا ويعقدون تلك الصفقات السياسية التي من شأنها خدمة ستراتيجيات اقتصادية، ليديروا من خلالها اعمالاَ تجارية استنزفت الكثير منها خزينة الدولة حسب ماتحدثت به الكثير من الوثائق التي اتهمت اغلبهم ولكن للأسف كانت فقط مشاريع قانونية مصيرها الرفوف التي تأكلها النيران بين الفينة وألأخرى ولنفس األأسباب وهي ( التماس الكهربائي), والجدير بالذكر ان ابرز القائمين على اغلب هذه المشاريع هم من أولئك الذين يمتلكون صفات سياسية وقيادية في الدولة العراقية ومعظمها حساسة وتحركهم محركات خارجية تسيرهم بإتجاه بعيداً عن اي ستراتيجية وطنية وبالتالي فهي لاتقدم اي خدمة من الخدمات المجتمعية التي تذكر، والادلة على ذلك كثيرة بات ينزف منها واقعنا المحلي وبشكلٍ يومي والمصيبة الكبرى ان أبطال هذه المشاريع والمتسببين في كل ذلك يتحركون بحرية ودون استحياء حتى أصبحت المشاريع الفاسدة والمبتذلة كعادةٍ يومية تُمارس جهاراً نهاراً ولا يدان من يفعلها ليكون حقيقة الامر يخضع للمقولة التي مفادها (من أمن العقاب اساء الأدب ) وإسائة ألأدب هنا تمثلت بالخيانة الوطنية .
ولكي لا نخوض في نفس الحديث المقرف الذي بات هو حديث الساعة حيث تتحدث به كافة وسائل الاعلام، وحديث الناس في المقاهي ، وحديث أفراد المجتمع وهم في طوابير مراجعتهم لدوائر الدولة، حتى اصبح موضوعاً يجلب الغثيان بمجرد طرح عنوانه، ولذا وكما نحن قادرين على رصد وتشخيص تلك ألأخطاء من قريب او من بعيد فبإستطاعتنا ايضاَ تشخيص وتحديد من هم أجدر بعملية القيادة في المرحلة القادمة ولكي لا نلدغ من نفس الجحر مرتين إن كنا مؤمنين حقاَ ناهيك من كون العراق لم يكن في يوم من الأيام عقيماَ من ولادة الكفائات والنخب والتي لسوء الحظ باتت اليوم طاقات تتفجر في بلدان المهجر وتبدع في كافة المجالات وتؤتي أكلها في مكانِ بعيد. وبمعنى أخر ان اغلب قوانين الطبيعة تتكون من معادلة ذات طرفين متضادين في الغالب وكذلك هو الحال في معادلة ألأستقامة ان صح التعبير فإن الفاسد بالتأكيد يقابله في طرف المعادلة الاخر الانسان الصالح والذي يحمل من الحرص والشعور بالمسؤلية على مصلحة البلد الشيء الكثير والذي هو بحد ذاته طاقة وطنية لا تستنزف خزينة الدولة على الأقل عند اللجوء اليها بل بالعكس وبحكم انتمائها الى هذه البقعة الطيبة بالتأكيد انها ستحاول إيجاد سبل الادخار والتوفير لمصلحة البلد, حتى نصل الى حقيقية تتركز في البحث والتنقيب عن هذه الكفاءات الوطنية لتدوير عجلة البناء الحقيقي على الارض وجغلها تكون واقعية.