22 نوفمبر، 2024 11:48 م
Search
Close this search box.

الوطن نهرب منه أم إليه ؟

الوطن نهرب منه أم إليه ؟

في العراق بات الكل يتحدث عن الموت , هذا الصديق الأليف المقيم بيننا يقول لي أحد الأصدقاء ( الموت لا يبارحنا فهو زائر مقيم ومن فرط إلفته صرنا نتفقده لو غاب طويلا ً ) سألته ماذا عن الحياة ومباهجها الجميلة ؟ يضحك ساخرا ً عن اي حياة تتحدث والموت يتربص بنا في كل منعطف ؟ الهاجس الآخر الذي دوخ الناس هناك هو السفر ليس للسياحة أو طلب العلم والإستمتاع بجمال المدن ومتاحفها ومعالمها الفنية إنما السفر كنوع من الهروب والشعور بالضياع والغربة حتى وأنت تعيش وسط الأهل والأقارب والأصدقاء . مالذي ينقصنا كشعب عراقي كي نبتهج ونعيش تفاصيل الحياة ونتذوق مسراتها ونحن نعيش فوق بحيرة من ذهب ؟ نحتاج أن نتشبث بالأمل ولا نسقط في هاوية اليأس , وهذا الأمر لا يأتي من تلقاء نفسه فالفرح صناعة مثل غيره والأحلام كي تنجز لابد لها من حالمين . الأوطان تصنعها شعوب قادرة على صنع الفرح وتحقيق الأحلام . نحن نعيش زمن الخراب والفجيعة بعد هجوم داعش البربري , لكن قبل داعش هل كنا في رغد العيش وبحبوحته ؟ مشكلة العراقي يذهب هاربا ً من وطنه يلف الكون ويرى أجمل العواصم لكنه آنى يروح يحمل عراقه بين ضلوعه كقلب يحنو عليه فلا قمر يحلو سوى قمر العراق ولا شمس ( حتى الشمس هناك أجمل فهي تحتضن العراق ) كما قال السياب العظيم . نهرب من الوطن لكن إليه ولا شيء يسحرنا سوى سهرة مجنونة في ليله العميق على نهر الطفولة حيث النجوم تكاد تلامس الأصابع وكم قطفنا من نجوم ٍ ونحن صغار ؟ لكن العراق لم يعد وطنا ً يسع أحلامنا , يقول العراقي الهارب من الجحيم . القلق والخوف والإرهاب زاد العراقي والذي لا يشعر بالأمان في بيته لا بيت له . مالعمل ؟ هل نهرب من جنة الوطن الى جحيم الغربة , ماذا لو لحق بنا الوطن ؟ يذهب الشاعر الى الكلمات ليؤسس له وطنا ً يحمله معه وقد يموت أو ينهار لو لم يجد البيت الذي يشبه الأوهام . لو لم يكتب الشاعر لكان هباء . يذهب الى الكلمات مستسلما ً هربا ً من وساوسه كمن يسلم نفسه الى الله . أما الحزن فلا مهرب منه فهو صديق الشعراء . كمن يتجول في غابة بين الأشجار ليلا ً ليصطاد غزالا ً هاربا ً هكذا هو الشاعر الذاهب يحتطب القصيدة . البعض يكتب خوفا ً من الموت وآخر خوفا ً على الأحلام من أن تندثر وبعضنا ينزف الكلمات من جرح ٍ مفتوح كمن يتنفس هواء الحرائق . شخصيا ً ألهو كالطفل مع الكلمات في لعبة ٍ ليست بريئة ٍ تماما ً لأتعلم كيف أربي الأحلام ولا أدعها تشيخ أمامي في زمن القتل والظلم والدمار .

أحدث المقالات