23 ديسمبر، 2024 3:17 ص

الوطن الممجوج!!

الوطن الممجوج!!

الكتابات الوطنية ممجوجة بل مكروهة يأنف منها القراء , ويميلون إلى ما يغذي الفوضوية والتحامل والتعادي والتعرق والتمترس بالعدوان.وأصبحت في وعي الأجيال المتمترسة بالطائفية والمذهبية والتبعية والتعصبية , أشبة بنكات أو سرابات لا يمكن فهمها والإقتراب منها , لأن الوطن قد تحول إلى بخار , والوطنية صارت مقرونة بالتبعية والفساد لتحقيق إرادة الطامع بالبلاد والعباد.
فالكتابات الوطنية كأنها هراء ونفخ في قربة مثقوبة , هكذا تبدو الأحوال والتفاعلات فالذين يعيشون في الوطن يتدافعون على قتله , والذين يعيشون خارج الوطن يتزاحمون على تقطيع أوصاله , والجميع في مسيرة الإنسجار والدمار والإندثار , كالسكارى الذين يتطوحون على سواحل الإصطياد والتحول إلى بضاعة في أسواق الضياع والخسران.
يُحكى أن في إسبانيا كان المتاجرون بالبشر يرسون مراكبهم قرب الحانات المنتشرة على السواحل وضفاف الأنهار , وعندما يخرج السكارى يترنحون يأخذونهم بسهولة إلى مراكبهم ويتواصلون بإمدادهم بالخمر , ويبحرون بهم , وعندما يفيقون أو يذهب سكرهم , يجدون أنفسهم قد تحولوا إلى بضائع في مزادات الرقيق.
وهكذا يبدو الواقع الأليم الذي قتل الشعب فيه وطنه , وإختار أن يكون تابعا لهذا الكرسي أو هذه العمامة , فما عاد هناك وطن يجمع ولا راية تُرفع ولا معاني وقيم فاضلة , وإنما تسابق وتهافت على الثريد , ولا يعنيهم من أي إناء يأكلون وماذا يثردون , فالمهم أنهم يملؤن البطون , ويتدرعون بما يضلل ويخدع ويمتلك مصير الآخرين.
إنها لعبة إصطياد الشعوب وإفتراسها , وتحويل الأوطان إلى سفينة ذات ثقوب تبحر في لجج الويلات والتداعيات والإنهيار اللذيذ.
وتلك مصيبة مجتمعات وأوطان , تسعى بخيارها لتكون قصعة على موائد المحتفين بإنتصاراتهم المجيدة وإنجازاتهم التليدة , وهم يتباهون بأن الهدف قد أنجب الطاقات الكفيلة بإمتلاكه ومصادرة وجوده , وإنتحاره على مشارف الأجيج وهو يتغنى بقدراته التي إندحرت فيه , فصيّرته أشلاءً متناثرة , وكينوناتا متباغضة تستنجد بألد أعدائها على إبن جلدتها , الذي تم إسقاطه في خنادق الوعيد والثريد!!
وإنَا لله وإنا لغيره راجعون أيها الوطن العتيد العنيد!!